مصرفي «كناري وارف» اعتنق الإسلام فاحتضنته صناعة المحاسبة الإسلامية

مصرفي «كناري وارف» اعتنق الإسلام فاحتضنته صناعة المحاسبة الإسلامية

مع تعيينه فيها، قام بتغيير ثقافة المحاسبة لدى شركة ديلويت، ليضخ بعدها ثقافة التمويل الإسلامي في عروق إمبراطورية المحاسبة والتدقيق العالمية. ورغم عدم تفاخره بذلك إلا أن المصرفي الذي جاء من حي المال اللندني (كناري وارف) كان وراء مبادرات الامتياز الخاص بإقامة أربعة مراكز متخصصة في المالية الإسلامية والمحاسبة في أوروبا والشرق الأوسط. منهجيته تنذر بتغيير واجهة وخريطة شركات المحاسبة العالمية نحو تبني المنهج الإسلامي الخاص بقواعد المحاسبة وأنظمتها. اسمه: ديفيد، ولد مسيحياً في بريطانيا، وكان اسمه قبل إسلامه ديفيد فيكاري، وتمكن من الاحتفاظ باسم داود فيكاري، ثم أضاف إليه الاسم العربي ''عبد الله''. وأسهمت خبرة داود العملية في حمله إلى نحو 32 بلداً في أوروبا ومنطقة آسيا الباسيفيك والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية. واكتسب داود خبرة دولية عميقة في مجال العمليات والاستشارات البنكية، وساعد البنوك في عمليات إعادة الهيكلة في سبيل تحقيق قدر أكبر من الكفاءة، وضبط التكاليف، وللوفاء على نحو أفضل بتوقعات الزبائن. أما القصة التي تقف وراء إسلامه فتعود إلى عدة سنوات مضت، وذلك عندما حط رحاله في كوالالمبور وقابل امرأة ماليزية وقع في حبها. وصادف أنها كانت مسلمة فغيرت دين هذا الغربي على هذا الأساس بعد أن تعرف على الدين الإسلامي منها. يقول داود: ''لقد اعتنقت الإسلام في 1993. فبعد عودتي من ماليزيا، أفقت ذات صباح وقلت في نفسي أريد أن أعتنق الإسلام. فذهبت إلى المسجد في ريجنت بارك في لندن وكان الإمام لطيفاً وصبوراً. وقال لي: ''بإمكانك اعتناق الإسلام الآن ولكن دعنا نتحدث أولاً عن شيء ما. إنك إنسان صادق، وأعتقد أنك تريد الإقدام على هذه الخطوة لأهداف صحيحة''. ''بعدها لقنني الشهادتين. لقد كان ذلك شيئاً عظيماً غير حياتي''. يذكر أن ذراع الشركة الآسيوية ''ديلويت توش آند توماتسو''، قامت في السنة الماضية بافتتاح ''مركز الامتياز للمالية الإسلامية'' في كوالالمبور ودبي ولندن. ويتألف المركز من ثمانية إلى عشرة مختصين في المصرفية الإسلامية، وهو يتلقى الدعم من شبكة عالمية من خبراء الصناعة، مأخوذة من أقسامها العاملة في الخدمات الضريبية والاستشارية والمالية. ويشرف على هذه المراكز داود الذي يعد المدير العالمي لمجموعة المالية الإسلامية في ديلويت. وأصبحت شركة ديلويت أول شركة من بين ''الأربع الكبار'' في شركات التدقيق والمحاسبة التي تقوم بتعيين فقيه شرعي لها، في محاولة منها للتفوق على الشركات المنافسة في السوق المالية الإسلامية سريعة التطور. معلوم أن لكل شركة من ''الأربع الكبار''، وهي إرنست آند يانج وPwC، وKPMG، متخصصين في المالية الإسلامية يعملون معها, وباستثناء ديلويت، لا يوجد لدى أي منها فقيه متخصص يتعين عليه التوقيع وإجازة المنتجات التي تلتزم تماماً بالأحكام الشرعية. وعن الدروس المستقاة من الأزمة المالية، يقول داود: ''الأمر الثابت دائماً هو أن الناس يميلون إلى الجشع، سواء كانوا مسلمين أو غير ذلك. من الممكن أن توجد أنظمة، أو من الممكن تنفيذ الأحكام الشرعية في التعاملات، ولكن الذي يحدث دائماً هو أن الجشع سيهيمن على الناس أو أن النظام الذي يدفع الجشع سيصبح هو المسيطر. عملت عدة سنوات لدى مؤسسات مالية تتعامل بالمصرفية الإسلامية. وكان ما يحدث دائماً هو أن مجلس الإدارة يكون مندفعاً لتحقيق العوائد التي تنعكس على ملكية المساهمين، شأنه في ذلك شأن المنظمات المالية التقليدية. وبالتالي فإن خبراء الشريعة يقولون لهم: تريثوا، نحن هنا لتحقيق الأرباح، ويجب أن تقوم بذلك بطريقة واقعية''. يذكر أن داود يعمل في صناعة التمويل والاستشارات منذ أكثر من 35 سنة. ومنذ عام 2002 وهو يركز بصورة شبه تامة على المصرفية الإسلامية. وهو يحمل شهادة في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي مع مرتبة الشرف من جامعة بريستول في بريطانيا. وهو عضو سابق (2003 – 2007) في مجلس إدارة هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية. مجالات خبرته وتخصصه تشتمل على تحويل المشاريع، وتطبيق التكنولوجيا، وضبط العمليات، والعمليات المساندة للخزانة (تسيير ومتابعة المعاملات)، وإدارة التغيير، بما في ذلك المصرفية الإسلامية. وأمضى سبع سنوات بصفة شريك/ مدير مع ديلويت للاستشارات، حيث كان مسؤولاً عن إعداد المركز العالمي للامتياز في المصرفية الإسلامية، التابع للشركة، في ماليزيا. كما عمل في تطوير وإدارة برامج المراجعة الشرعية وتحويل المؤسسات المالية لتتعامل في تقديم المنتجات المالية الإسلامية. وكان داود أول رئيس تنفيذي لبنك هونج ليونج الإسلامي، حيث نجحت المجموعة تحت إشرافه في من تحويل هذا البنك من نافذة صغيرة تقدم الخدمات المصرفية المتوافقة مع الشريعة إلى مصرف قائم في حد ذاته ومتخصص في تقديم الخدمات المصرفية الإسلامية للمسلمين في هونج كونج وكوالالمبور. في أعقاب ذلك أصبح داود كبير الإداريين التشغيليين في بنك التمويل الآسيوي، وهو مصرف إسلامي برأسمال خليجي، حيث كان مسؤولاً عن إنشاء البنية التحتية اللازمة لمساندة قطاعات الأعمال، وافتتح فروعاً جديدة وأسس مكتباً تمثيلياً في جاكارتا. وعندما سألت داود كيف يرى نفسه كغربي وجد نفسه مُـــسخرا للمساهمة في إقامة مصرفين إسلاميين من العدم في شرق آسيا، وكذلك مساهمته في إعادة رسم خريطة شركات المحاسبة ونظرتهم للمالية الإسلامية، فضل تحاشي الإجابة عن هذا السؤال واختتام مقابلته بذكر رواية صديقه المصري الذي يقيم في الولايات المتحدة. يقول ديفيد كان يقول لي دائماً: ''إنك شخص مثير للاهتمام لأنه كان لك الخيار. إننا جميعاً مسلمون بالولادة، أما أنت فقد اخترت أن تفعل ذلك من تلقاء نفسك''. إن ذلك يجعلني أقف دائماً وأتأمل قليلاً وأقول: ''نعم، كان لدي الخيار ولن أتراجع عنه ولكن يسعدني جداً أنني قمت بهذا الخيار''.
إنشرها

أضف تعليق