Author

الأرض والمطر.. مأزق الدولة!

|
عاد الحديث عن الأمطار وأخطار السيول، والحديث في هذا الموضوع لن ينتهي، لأننا تعودنا أن نتعامل مع مشكلاتنا بالحد الأدنى من التفاعل، فقط حلول وقتية .. ثم ننسى أصل المشكلة! مدننا سوف تبقى تعاني مشكلات أخطار الأمطار لعقود مقبلة إذا لم توجد الحلول الجذرية لدرء السيول وتصريف الأمطار وإنهاء مشاريع الصرف الصحي ـ طبعا هذا الحل لن يأتي من دون ثمن عال جدا. فالأحياء السكنية التي قامت في مدننا, من دون الخدمات الأساسية منذ سنوات بعيدة, تحتاج الآن إلى آلاف الملايين لمعالجة مشكلاتها الأساسية، فنحن جميعا ندفع ثمن التوسع في منح الأراضي وتوزيعها بطريقة وضعت التنمية المستدامة في (مأزق) حقيقي لن يتم إصلاحه إلا بتضحيات كبيرة من الدولة والمجتمع. لقد أدى توسع المدن الأفقي المستمر إلى تجاوز المتطلبات والاشتراطات الضرورية لتخطيط وبناء الأحياء السكنية وما تحتاج إليه البيئة الحضرية من احتياجات لأمن السكان وراحتهم، وهذا التوسع كان وما زال عبئا على موارد الدولة، مما أوجد الأزمة للدولة والمجتمع. في كل دول العالم الفقيرة والغنية، لا يمكن للمدن أن تعتمد على مصدر واحد لتمويل مشاريعها وتوسعها، فالمدن لها أدواتها وآلياتها المالية والإدارية التي تعطيها الفرصة لاستثمار أصولها، وتتيح لها آليات جمع الإيرادات مقابل الخدمات التي تقدمها، وهذه الآليات أوجدنا بعضا منها في السنوات الأخيرة ولكن في مجالات محدودة ونتعامل معها بحذر وخجل، وما توفره لا يغطي فاتورة النظافة! الحكومة يُفترض أن تتخذ الآن خطوات علمية وعملية جادة لإطلاق مشروع جديد (لإدارة اقتصاديات المدن) يأخذ بما هو متبع عالميا، ويستفيد من تجارب المدن الكبرى التي طورت آلياتها وحققت الموارد المالية الذاتية المستدامة عبر إطلاق مشاريع مشتركة للتمويل بين المدن وسكانها. الأمطار الأخيرة أحدثت صدمة في المجتمع حول حقيقة البنية الأساسية للمدن ومدى الاختناقات التي تعانيها، وأعتقد أن الأزمات توجد فرصا للمبادرة والحلول الاستراتيجية بعيدة المدى، وأعتقد أن ثمة حلولا مطروحة وآليات تم العمل بها، لتنمية موارد المدن, كل ما نحتاج إليه المبادرة والإرادة.
إنشرها