Author

بنتُ الخبر: صرخةٌ في أذن الوطن! «1-2»

|
.. إنها رسالةٌ وصلت بريدي الإلكتروني، من الشابةِ التي تطلق على نفسها «فتاة الخبر»، وأضعها هنا كما وصلتني تماماً، إلا ما يحتاج إلى تعديل هنا أو هناك، ممّا لا يغير أبدا في المعنى ولا الكلمة، فتبقى الرسالة لم تُمس. وتروني أحتفي بها، وأدرجها فى جزءين لأهميتها القصوى. لا يهم مدى موافقتي لها، أو مدى اعتراضي عليها، فهي تعبّر عن نفسِها بنفسِها، تعبر عمّا يدور في ذهن الشباب، فنحن لايمكننا أن نصل لما يعتمل ويثور في صدورهم، أكان صحيحاً أم يشوبه خطأٌ، إلا عن طريقهم هم. أتت هذه البنتُ لتصرخ في وجه الأمة وتقول كل شيء.. إنها تضع الجرسَ على رقابنا، ثم إنها لا تمضي بل تستمر في المواجهة. وإني فخورٌ بها، وفخور بقرائي، وقدرتهم الفذة في التعبير، وفي قوة الأفكار، وفي جسارة القلب، ونقاء الضمير، وصار منهم الآن وفي هذه الجريدة كتابٌ لامعون، و»بنت الخبر» تقف بجزالةِ فصاحةٍ، ونصاعةِ تفكيرٍ، معلنة أنها مشروع كاتبة، ومشروع مفكرةٍ ومُصلحة اجتماعية، استمعوا، وأصغوا إليها جيداً.. «أســتاذي العزيز: بالرغم من كوني غريبة بالنسـبة إليك، إلا أنك قريب بالنسبة لي. قريبٌ لي بتواصلي الصامت معك عبر كتاباتك التي أحرص على قراءتها ما إن يقع بصري على اسم يوقع حضوره في اهتمامات القارئ ويفرض نفسـه طالما يحمل هموم مجتمعه ويتفاعل معه. تارةً بقلم يضيء زوايا مهمشة في حياة مجتمعه، وتارةً أخرى بتواجده التفاعلي سـنداً في أي محفل من محافل عمل الخير الإنسـانية أو الوطنية . أسـتاذي الفاضل: كثيرةٌ هي الأوقات التي وددت أن أشـاركك مقالاتك، وأحاورك بحديث القلب الذي يحمل الهمومَ المشـتركة لمجتمعنا، ولكني لا أعلم لماذا أتردد؟ قد تكون هيبتي من شخصيتك. أما اليوم أدركتُ ما تحمله أحاسـيسك المرهفة، ومشـاعرك الرقيقة ما إن وقع نظري على موضوعك في الذكرى الثالثة لناجي. نعم، هزني الاسمُ والذكرى ومرور ثلاث سنوات. كما هزني موضوعه في أول مرة كتبت عنه قبل ثلاث سنوات، وسـقطت دموعي اليوم، كما سـقطت في ذاك اليوم. أسـتاذي الفاضل: ختمت مقالك بعبارة ناجي: «مجتمعٌ يعيش به أصحابُ الإعاقات، لا يعيشون عليه، لا يعيشون على هامشه، لا يعيشون تحت ترفّعه، أو عطفه، أو قهره.. كراماً، أحراراً، عاملين «ولكن كيف يكون الحال لو طبقنا مقولته على وضع شبابنا العاطل الذين لا يوجد لديهم إعاقة سوى ظلم المجتمع، من دون دراسة، ومن دون عملٍ يعيشون عليه، ليعيشوا على هامش المجتمع، يعيشون تحت ترفعه، وقهره، ونبذه. إن من أكثر ما يؤرقني هو مسـتقبل شبابٍ معوق بإعاقة كبَّلهُ بها مجتمعه. ألا ترى أن البطالة أشـدُّ الإعاقات فتكاً بالمجتمع؟ ألا ترى أن البطالة أكثر خطورة من الأمراض والإعاقات؟ أرجو ألاَّ تفسـر حديثي إهضاماً لحق المعوقين وتفاعلك معهم. لا وربي فالمعوق في قلوبنا ويستحق ما يستحقه الفردُ السليم، بل هو فعلاً في حاجة أكثر إلى مَن يناصره ويقف إلى جانبه في مجتمعٍ ما زالت به من نماذج مدير الشركة الذي ذكره ناجي» رحمه الله ، «في رسالته إليك. ونسبة السليمين المعوقين أكبر نسبة من المعوقين السليمين تحت مظلة البطالة الشاملة للجنسين. .البطالة في السـابق كانت بأعدادٍ محدودةٍ من شــبابٍ تسربوا من مقاعد الدراسة بسـبب كثرة رسوبهم ،أو الحالة الظرفية مثل التفكك الأسري ، أما اليوم فالبطالة للأسـف أصبحت أعدادها تتزايد بشـكل كبير ، ولم تعد تقتصر على من لم يكملوا دراستهم بل يوجد من بينهم، أعداد من حملة البكالوريوس، وهؤلاء سـببوا إحباطاً للطلبة المتعثرين في دراستهم ، وحبَّطوا الهممَ لمجموعةٍ أخرى اعتبروهم مثالاً حياً للمسـتقبل المظلم . ولو كانت هناك دراسة عن أعداد الطلبة المتسربين في حقبةٍ زمنية سـالفةٍ، وبين أعدادهم في الوقت الحالي، فأنا على ثقةٍ بأن أعدادهم تضاعفت، وخاصةً في المرحلة الثانوية وبعدها، ولازدياد الوعي الثقافي كان من المفروض يُعمَل على قضاء هذه الظاهر وليس زيادتها، والنتيجة: أصبح الآباءُ جامعيين، والأبناء بشهادة الثانوية وأقل، وكأن مؤشر الرسم البياني انحنى نحو الأسـوأ. يُتبع..
إنشرها