Author

«المنح الجزئية» أبرز الحلول للقضاء على أزمة السكن في السعودية

|
يواصل الخبير والمختص العقاري الدكتور حامد علي هرساني عضو لجنة المقاولات في الغرفة التجارية في مكة المكرمة طرح الجزء الثاني من الدراسة التي أعدها لكيفية علاج مشكلة الإسكان في السعودية بعدد من الحلول والمقترحات، والتي بدأها من خلال تساؤل جاء كالتالي «من تخدم قطع أراضي المخططات؟ ولمن هي؟ وما الهدف من موافقة الجهات المختصة عليها؟». تلك المخططات عبارة عن أراض جديدة تمنح للمواطن الذي يعاني من السكن أو الخريج الذي يرغب في الزواج بعد أن يمر بتسع سنوات عجاف يجمع خلالها ما يمكن ادخاره إذا كان في الإمكان توفير جزء من دخله (فالظروف لا تخفى والغلاء يلاحق الجميع). أو هي للمواطن حتى يجد له بديلا عما يتم إزالته في مشاريع التوسعة في بعض المدن مثل مكة المكرمة والمدينة أو جدة أو غيرها. ويتساءل المواطن قائلا هل وضعت هذه المخططات ذلك؟ هل الأسعار مناسبة عندما نتكلم عن قطعة أرض في هذا المخطط «على سبيل المثال» فلا يقل سعرها عن نصف مليون ريال، هذا إن وجدت؟ وإذا وجدت فإنك تجد أنه يتهافت عليها كل من لديه هذا المبلغ أو قريبا منه، وهي تحويشة عمره، ولو سألته كيف جمعه، وبعد كم من السنين لقال بدأت تجميعه قبل ولادة ابنتي أو ابني الكبير، وكم كنت أتمنى مساعدته على السكن عندما تزوج قبل عشر سنوات، مع أن مرتبي الشهري يبلغ في الوقت الحاضر عشرة آلاف ريال تقريبا، فما هو وضع المواطن والموظف الذي يبلغ مرتبه نصف أو ربع ذلك. ضبط ومتابعة أسعار الأراضي لا يقل أهمية عن متابعة أسعار مواد البناء: هل تم تحديد أسعار لهذه الأرض وهي التي تهم المواطن؟ هل يتم مناقشة وضعها ومن يستفيد منها وما الهدف منها ومن سمح ببيعها كأي سلعة، وإذا كان ضروريا (حسب وجه نظر الجهات المسؤولة عن تنظيم الأسعار) الاهتمام بأسعار فساتين نسائية للحفلات ومراقبة أسعارها وعدم السماح بالتلاعب في أسعارها، وإذا كان يتم متابعة الأسعار لغالبية السلع ومواد البناء (مع وجود التلاعب)، فكيف ننسى الأصل الذي من أجله يتم مراقبة أسعار هذه المبيعات، إننا نسعر له الإبرة، ونترك سعر المنزل. نعم إذا كان الاهتمام بهذه الأمور مهما فان من الأولى وضع تسعيرة لهذه الأراضي ووضع نظام شامل وبسيط يشارك في وضعه الاقتصادي والمهندس ورجل الأعمال وغيرهم من ذوي الاختصاص والمواطن المستهلك لهذا المنتج, ليس عن طريق اللجان العليا والهيئات وإنما من تتوافر لديهم الإمكانات والمعرفة ليقول إن الحل هو واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة. #2# حلول بديلة * تحديد سعر متر الأرض للمخطط بين 100 و300 ريال كحد أعلى وحسب قرب المخطط وموقعه والمدينة التي هو بها. * عدم حجز أي من الأراضي، وإنما بيع جميع أراضي المخطط بلا استثناء. * لا يسمح بإعادة بيع أرض المخطط إلا بعد مضي ستة أشهر على الأقل. * لا يسمح ببيع أكثر من قطعة أرض واحدة أو قطعتين للفرد ولا يسمح لمن لديه أكثر من ثلاث قطع أراض بالشراء (تحتاج هذه النقطة إلى تفصيل أكثر). * في حال إعادة البيع لا يسمح برفع السعر أكثر منه 5 في المائة فقط من السعر الأصلي، وتثبيت هذه الزيادة بحيث يبقى مبلغا ثابتا خمسة آلاف ريال مثلا للقطعة التي سعرها الأصلي مائة ألف ريال، وبالتالي لن يتضاعف سعر الأرض إلا إذا أعيد بيعها 20 مرة، وبعد مضي ما لا يقل عن عشر سنوات. * إذا لم يتم البناء بعد مدة عام يعاد بيع الأرض أو عمل تنظيم معين (وهذا النظام يطبق في بعض دول الخليج على الأرض التي تمنحها الدولة). * بعد البناء يسمح بالبيع لتعم الفائدة، وخاصة إذا كانت على شكل وحدات سكنية يستفيد منها المواطن. * يسمح بتعدد الأدوار إلى أربعة ومواقف مثلا، أو ثلاثة ومواقف على الأقل. * على الدولة التدخل والتدخل السريع. * إلغاء فكرة الاستثمار في الأرض. إن ما يحدث الآن يزيد الفقير فقرا ويوسع دائرة الفقر فيزداد عدد الفقراء ويعود بالأرباح الكبيرة حجما والرخيصة معنى عدد محدود ومعين فيزيدهم غنى وطمعا وجشعا، فحقيقة سيناريو الأراضي الذي نعيشه سوف ينتهي كما حدث في الأسهم قبل سنوات وتنسحب الشركات والمستثمرون في الوقت المناسب، ويخرج، بل يبقى المواطن معلقا مرهقا بالديون وخاسرا كل ما جمعه من قوت يومه بأرض لا تساوي شيئا ويصبح السعيد من لم يجد مكانا أو قطعة أرض يسكن فيها لأنه نجا من هذه الدوامة. ما معنى بيع قطعة أرض بمبلغ نصف مليون ريال؟ من البديهي خسارة المواطن وصرفه مبالغ كان من المفترض أن يستفيد منها لتأمين احتياجاته الضرورية أو استخدامها للبناء وليس لشراء التراب فلم تحل أزمة السكن إنما ازدادت تعقيدا, وينزلق ويقترب من الفقر وهو لا يدري وتتسع دائرة الفقر ولقد شاهدنا ذلك بأعيننا عندما ارتفعت أسعار الإيجارات كم من العائلات التي أصبحت غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها. ارتفاع أسعار أراض أخرى مجاورة أو قريبة منها وبسبب عملية المقارنة بهذا المخطط الجديد والبعيد كما يسميه من يملك أرضا في مخطط قديم تملكها بغرض الاستثمار أو تحقيق ربح عند بيعها بسعر أعلى من شرائها، وتستمر حلقه الارتفاع لتصل إلى درجة اللامعقول. زيادة عدد مستثمري الأراضي عند رؤية الأرباح وارتفاع الأسعار، مما يزيد الوضع سوءا فتتضاءل فرصة المحتاج الحقيقي للأرض أو من يريد إقامة مبنى مكون من شقق بغرض التأجير، وبالتالي يحرم عدد من المواطنين من فرصة شقق سكنية. على فرض أن المواطن يستطيع أن يوفر مبلغ ألفي ريال شهريا من معدل راتبه البالغ خمسة أو ستة آلاف ريال لخريج الجامعة سعيد الخط الذي وجد عملا، فإنه يحتاج إلى مدة 20 عاما ليجمع هذا المبلغ، وكيف يستطيع وهو يحتاج إلى أن يستأجر سكنا بمبلغ مثله على أقل تقدير، والمضحك المبكي أنه بعد مرور الـ 20 عاما وحتى لو تمكن من جمع مبلغ للأرض سيفاجأ بأن قيمة الأرض في ذلك الوقت بلغت عشرة ملايين ريال، نعم وأكثر وهذا ما حدث فعلا في السنوات الخمس أو الأربع الماضية وفي مخططات بعيدة كانت قطعة الأرض قيمتها 30 و40 ألف ريال أصبحت 300 و400 و500 ألف وقد كانت بـ 100 و50 ألفا أصبحت اليوم بمليون وأكثر. لن يتمكن من بناء هذه الأرض لأنه بالتأكيد قد اقترض مبلغا من المال ليغطي جزءا من تكلفة الشراء. يمكن توزيع قطعة أرض لكل عائلة في كل مدينة من مدن المملكة: مع اعتقادنا أن توزيع أراضي المنح بالطريقة المعمول بها حاليا لا يحل أزمة السكن إلا أنه معلوم أن المواطن يعيش في دولة مساحة أرضها تبلغ مليونين وربع مليون كيلومتر مربع تقريبًا أي ما يعادل 1.7 في المائة من مساحة اليابسة على الكرة الأرضية وعدد سكانها لا يزيد على 0.004 في المائة من سكان العالم ولا نحتاج لحساب مساحة أرض المملكة بل لو اكتفينا بمساحة أرض بين مدينتين ولتكن مكة المكرمة وجدة (حيث تعد المسافة بينهما من أقل المسافات بين مدينتين) لتمكنا من توفير مساحة أرض تساوي مساحتها قطعة أرض طولها 50 كيلومتر وعرضها 30 كيلومترا على أقل تقدير، فإننا نتكلم عن أرض شبه مسطحة مساحتها 1500 كيلومتر مربع ما يساوي 1500 مليون متر مربع وبعد التنظيم يبقى نسبة 65 في المائة، فلو منحنا كل مواطن قطعة أرض مساحتها 500 متر مربع فإننا يمكن أن نحصل على نحو مليوني منحة، نعم منح لمليوني مواطن وعلى فرض معدل أفراد الأسرة أو العائلة خمسة أشخاص نخلص إلى أن هذه المساحة البسيطة من أرض وطننا الغالي يمكن أن تستوعب عشرة ملايين مواطن، نعم قرابة نصف سكان المملكة في قطعة أرض لا تتجاوز 0.01 في المائة من مساحة المملكة. وبمعنى آخر وأقرب إلى الواقع وبدون لغة الأرقام، يمكننا توزيع قطعة أرض لكل عائلة في كل مدينة من مدن المملكة. فأين الخلل إذن؟ سوء تنظيم التوزيع لهذه الأراضي وعدم التخطيط السليم على فرض وجود تخطيط مستقبلي ولا نريد أن نخوض في الأمور الأخرى من تحايل أو للحصول على الأراضي بغير حق وما إلى ذلك. #3# وما الحل؟ في اعتقادي هناك حلول كثيرة يعرفها الكثير ممكن تطبيق أحدها أو جميعها نذكر منها: توزيع أراض (منح) بالطرق المتبعة بعد زيادة العدد والاستفادة من جميع الأراضي، وقد صدر قبل عدة سنوات أمر سام كريم يقضي بإلغاء صك معين وإلغاء جميع الصكوك الصادرة والمتفرعة من إفراغات منه ويعلم من له علاقة بهذه الأمور أن مساحة الصك الأصلي تبلغ مئات الملايين من الأمتار المربعة أي مئات الكيلومترات المربعة والصكوك المتفرعة منه مساحاتها ملايين الأمتار تقاس بالكيلو متر وليس بالأمتار فأغلبها مساحتها مليون متر مربع ولا نريد تعيين موقعها تحديدا لأن الموقع ليس هو الهدف. وهذه البداية والحمد لله ونتمنى أن تستكمل هذه الخطوة المباركة ليتبعها تخطيط الأجزاء المناسبة من هذه الأراضي والاستفادة منها بتوزيعها (منح), على الرغم أننا لا نعتقد بالفائدة القصوى من المنح إلا إذا تحققت شروط كثيرة منها قربها, إيصال الخدمات, الكهرباء والماء وإعدادها لتكون جاهزة للبناء والسكن والأهم توفير مبالغ تكلفة البناء. توزيع وحدات سكنية يتم بناء هذه الأراضي وتوزيعها كوحدات سكنية وهذا الحل الذي نؤيده بقوة وقد تم نشر مقترح في هذه الجريدة لحل مشكل السكن يوم الإثنين 27/7/1430الموافق 20 تموز (يوليو) 2009 العدد 5761. ولعل الحل السريع المناسب حاليا هو أراضي المنح الجزئية، فهو يناسب وضعنا الحالي لحاجتنا السريعة إلى علاج لوضع حد لما يحدث الآن من مآس ناتجة عن ارتفاع الأسعار تحت مسمى الاستثمار العقاري، ويتلخص الحل فيما يلي: أراضي المنح الجزئية المقصود بالمنح الجزئية, جزئية التكلفة والمشاركة بين الدولة والمواطن فتقدم الدولة الأرض ويدفع المواطن تكلفة التجهيز التي بيناها بالتفصيل. والفائدة من هذه الترتيبات: عدم الحاجة إلى انتظار الميزانيات والاعتمادات المالية وبالتالي يمكن منح مئات الآلاف من المنح الجزئية سنويا وتخطي التعقيدات التي تمر بها المنح في الوقت الحالي. يمكن تخصيص نسبة من أراضي المخطط 5 في المائة مثلا لتمنح بالطرق التقليدية الروتينية المستخدمة حاليا لتوزع على من لا يملك قيمة شراء المنحة الجزئية. وضع حد للمبالغة في رفع الأسعار فأسعار المنح الجزئية تتراوح بين الخمسين والمائة ألف ريال علما أن الأسعار الحالية لقطع الأراضي المشابه لها لا يقل عن عشرة أضعاف هذا السعر. نوع من الاستعداد للاستفادة من الرهن العقاري في حالة صدور النظام و تكبير الشريحة المستفيدة منه. وفي هذه الحالة تراعى طريقة طرح هذه المخططات بحيث تقوم الأمانات - بدلا من منح أرض كبيرة بمئات الآلاف من الأمتار للأفراد- بعرض ما لديها من أراض على شكل منافسة يعلن عنها بالطرق المعتادة لمن يرغب من مستثمري الأراضي من بنوك أو شركات أخرى أو حتى عقاريين ويتم ترسيتها على من يحقق الشروط المطلوبة ولديه ضمانات بذلك, مثلها مثل المناقصات الحكومية، والتحديد ترسى على من: يحدد مدة مناسبة لا تزيد على ستة أشهر مثلا. يقدم أقل سعر لبيع المتر المربع على المواطن بحيث لا يقل عن 80 ريالا ولا يزيد السعر على 120 ريالاً كقطعة أرض جاهزة في مخطط بعد تجهيزه كمخطط ويباع المتر ما بين 80 - 120 ريالاً حسب العرض المقدم. وبذلك تتراوح الأسعار ما بين 40 و80 ألف ريال لقطع الأراضي القريبة التي تتراوح مساحتها ما بين 500 ــ 650 مترا (التي تباع الآن بمئات الآلاف) وتتراوح أرباح الجهة المستثمرة ما بين 10 إلى 50 مليوناً وهي أرباح مضمونة ومعقولة. من الذي في يده الحل؟ ندعو الله عز وجل أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله ونتمنى من خادم الحرمين الشريفين ونضع الأمر بين يديه لرفع المعاناة عن المواطن والتدخل الشخصي المعهود منه ــ يحفظه الله ــ ونظرته الحنونة سوف تضع حدا لعملية ارتفاع أسعار الأراضي غير المبرر وهو الأحرص منا على أن يكمل مبادرته الكريمة لمكافحة الفقر ويشمل بعطفه جميع مدننا الحبيبة في وطننا الغالي بهذه الحلول ليعم النفع الوطن والمواطن و نخرج بعد سنوات قلائل من هذه المشكلة الإسكانية التي تؤرقنا جميعا. سيدي خادم الحرمين وأنتم أعلم بالمصلحة العامة .. إن المواطن يتطلع إلى توجيهاتكم الكريمة، فلعلنا في أمس الحاجة إلى: تخصص أراض للمنح الجزئية لتوفير مئات الآلاف من الأراضي والوحدات السكنية البناء على هذه الأراضي وتوزيعها وحدات سكنية. جهة رقابية خاصة بالأراضي وأسعارها والسكن وأسعار البناء. وذلك لحماية المواطن والمحافظة على أمواله التي جمعها خلال سنوات طويلة ليضعها في قطعة أرض لا تسمن ولا تغني من جوع, تبلغ قيمتها اليوم ملايين الريالات وكم تساوي غدا من يدري؟
إنشرها