Author

أهكذا التشجيع للتصنيع؟

|
كنت في حديث مع صديق لي مهندس مخضرم في الصناعة والتصنيع واقتصادياتها، حيث يدير الآن مصنعا متوسط الحجم وكان الحديث عن البنية الأساسية للتصنيع ودور الهيئات التشريعية واكتمال نظمها في سبيل تنمية التصنيع وإنتاج البضائع وتحقيق الرؤى الاقتصادية السليمة. وكان الحديث بأن الدولة ـ رعاها الله ـ لم تدخر وسعاً في سبيل السعي لتحقيق تلك الرؤى ورسم استراتيجيات واضحة المعالم والعمل على تنفيذها ابتداء من الإقراض للصناعة وانتهاء بإيجاد الأراضي والمدن الصناعية وتوفير البنية الأساسية بتكاليف مخفضة علاوة على التشجيع بتأمين مشتريات الحكومة من النتاج السعودي. وهذه الرؤية الاقتصادية السليمة بلا شك دعمت وتدعم التصنيع، وقد جاءت من واقع ضرورة توسيع القاعدة الاقتصادية وتنويعها وعدم الاعتماد على الصناعات النفطية وما يتعلق بها فقط. ومع زيادة التنافس المحموم في كل الشؤون الاقتصادية عالمياً إلا أن صديقي يرى أن هناك تقهقراً في ذلك الحماس من التشجيع من واقع ما تجدد أو يتجدد من عقبات تحد من نمو الصناعة والتصنيع، خصوصاً أن الدولة لم تقف يوما بجهدها في دعم الصناعة كان من آخرها إعلان استراتيجية داعمة فحواها النهوض بالصناعة وجعلها محوراً مرتكزا للاقتصاد في ظل بيئة تنافسية. وليس الغرض هنا استمراء لجلد الذات مثلما يراه البعض في الإيمان بمقولة عاميه (وش فيه عندنا زين؟) إلا أن الواقع في الصناعة مثلما يراه من هم يعيشون مشكلاتها يومياً تنبئ بأن الحوافز للصناعة تسير في الاتجاه المعاكس وبعكس ذلك الدعم المؤمل وتنمية القطاع الصناعي. فمن بين تلك الملاحظات التي ساقها لي صديقنا ''الصناعي المخضرم'' رفع أسعار إيجار الأراضي الصناعية وعدم توافرها للتوسع وإن توافرت فتنقصها الخدمات. التأخر في إصدار الإعفاءات الجمركية للمصانع الوطنية. التعقيد في الجمارك وتأخر فسح البضائع مما يرفع نسب المخزون لدى المصانع. إمكانية زيادة تكاليف الكهرباء لحدود قد تصل الضعف. تطبيق المواصفات السعودية على البضائع المستوردة. ومن هذه الملاحظات بلا شك يُرى أن أطرافا عدة تشترك في المسؤولية لكنه في تقديري مسؤولية وزارة الصناعة أن تحامي عن ''بضاعتها'' مع كل الأطراف سواء من دوائر حكومية أو شركات أو مؤسسات شبه حكومية. ولذا فسؤالي التالي إذا كانت هذه مشكلات صناعات متوسطة الحجم فهل للصناعات الصغيرة والأعمال الصغيرة من بواك؟! المؤكد أن هؤلاء يعانون أكثر ويحتاجون للدعم الفني والمالي أيضا فلا مؤسسات الإقراض الحكومية تدعمهم ولا البنوك التجارية تؤمن بحجم المخاطرة لديهم لينتهي كثير منهم بالفشل أو شبه الفشل, علما بأنهم الجذور الصغيرة التي تبدأ منها تغذية الاقتصاد.
إنشرها