Author

نماذج ارتبطت بالمسجد

|
هناك أناس ربطوا قلوبهم بالله، لا يتحدثون إلا وهم ذاكرين له، يستيقظون بذكر الله وينامون عليه، وللمسجد محبة كبيرة عندهم وهم كثر، بيد أني سأتحدث عن بعض من أعرفهم ممن للمسجد والصلاة مكانة خاصة لديهم لا يمكن تقديم شيء عليها، ومنهم رجل عاش في قرية نائية وحيدا إلا من زوجته وبناته وقلة من جيران معظمهم أسر بلا عائل، ومن حبه للصلاة جهز مسجدا صغيرا بجوار بيته، لا يمكن أن يصلي إلا فيه ولو كان وحيدا، يحرص في أوقات الصلاة على رفع الآذان ويستمع سكان القرى المجاورة لأذانه وربما استيقظوا عليه، هذا الرجل الذي يسكن في قرية وبجواره بعض السكان، اختفى صوته قبل أسبوع فقد غيبه الموت، فلم تعد القرى المجاورة تسمع صوته الذي كان خير معين لها على القيام لأداء الصلاة وخاصة صلاة الفجر، يقول الذين حضروا جنازته: لقد حضر أناس كثر من القرى المجاورة وهي قرى تابعة لمنطقة مكة المكرمة (جنوبها) وكانت جنازته مليئة بالحضور الذين قدموا للصلاة عليه وهم يثنون عليه ويدعون له، هكذا هي الدنيا لا يبقى فيها إلا الذكر الطيب ولهذا ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه )أن النبي عليه الصلاة والسلام مُرَّ عليه بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال: وجبت، ومُرَّ بجنازة فأثنوا عليها شرا، فقال النبي - عليه الصلاة والسلام: وجبت، فقال عمر: ما وجبت؟ قال: أنتم من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار، أنتم شهداء الله في أرضه( ، والذين ارتبطوا بالمسجد وحبه كثيرون في هذا الزمان - ولله الحمد - منهم وسأذكر إكمالا لحديثي قصة رجل كبير بالسن فوق الثمانين سنة أعرفه شخصيا لا ينقطع عن المسجد حتى بعد بتر إحدى قدميه استأجر خدما مهمتهم فقط أن يذهبوا به إلى المسجد أثناء الصلاة ويعيدوه للمنزل، لقرب المسجد من منزله وكل صلاته فيه، فقد تعلق قلبه بالمسجد، في الوقت الذي نجد فيه للأسف من يكون صحيحا سليما معافى لا يحرص على الصلاة في المسجد رغم أنه في عز عافيته تكاسلا وانشغالا بأمور الحياة، فلابد من استغلال الصحة قبل أن يقعد المرء فلا يستطيع الحراك والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك"، ومعظم هذه إن لم تكن كلها تعتمد على الوقت والاستفادة منه. وأختم بقصة تاجر أعرفه جيدا سافرت معه خارج المملكة مع أحد الوفود الدعوية هذا الرجل رغم ثروته فهو متواضع وكان هو الذي يوقظ أعضاء الوفد قبل صلاة الفجر بوقت ويؤذن للفروض الأخرى، وكان معنا بعض الدعاة المعروفين منهم الشيخ سعد البريك والدكتور إبراهيم الفايز وزملاء صحافيون، فكان الجميع يتعجب لحياة هذا الرجل خاصة الذين سافروا معه لأول مرة وخاصة حرصه على صلاة الليل، نسأل الله أن يرفع قدره ويوفقنا وإياه لما يحب ويرضى.
إنشرها