Author

غازي القصيبي

|
حتى أولئك الذين قد لا يميلون إلى غازي القصيبي لسبب أو لآخر يتفقون على أن الرجل اتسمت تجربته بالنزاهة ونظافة اليد واللسان أيضا. الخصومة مع رجل مثل غازي القصيبي، لا تخيف، لأنها خصومة مع فارس نبيل. كثيرون يختلفون ويتفقون معه، لكن أيا ممن اختلف مع الرجل، لم يقل إن غازي القصيبي كاد له لأنه دخل معه في خصومة. وفي مجتمعات الفكر والثقافة تشغل المكايدات مساحات كبيرة، حتى أن فيلسوفا مثل الدكتور عبد الرحمن بدوي عندما كتب سيرته الذاتية في جزأين أراد أن يوحي للناس من خلال هذه السيرة أنه الشخص الوحيد النقي وسواه أشقياء يكايدونه. لكن غازي القصيبي في «حياة في الإدارة» كان يضع التجربة ويطعمها بالنقد لنفسه قبل سواه، وهو في أدبه الروائي والشعري يعكس إبداعا وألقا نادرا للغاية. وحتى عندما تناوشته بعض الأقلام، اكتفى بالرد عليهم بلغة راقية ومنطق سليم. وعندما نستحضر صورة غازي القصيبي فنحن نستحضر نموذجا من النماذج الشريفة والنادرة التي لا يخالف قولها فعلها. ومخالفة القول للفعل من الأمور التي تجعل المثقف العربي يحتل مراتب متراجعة دوما. لأنه في غالب الأحوال، يقول شيئا ويمارس ضده، وهو في الظاهر يبدو بصورة وفي الباطن تكون صورته مغايرة. لكن يظهر أن غازي القصيبي نجا من هذا الداء فشق طريقه ليصبح نموذجا سينصفه التاريخ إداريا ومبدعا وإنسانا.
إنشرها