Author

هيئة السوق المالية ورفع الدعاوى في الحق الخاص والعام

|
تعتبر الأسواق المالية في الاقتصاديات المعاصرة أحد المقومات الأساسية لمعرفة مدى تطور تلك الاقتصاديات والتي تعكس النهضة الاقتصادية التي تعيشها الدول، وعن طريق السوق المالية ومن خلال تطبيق الأنظمة بكل فعالية وكفاءة سوف ينعكس ذلك على سمعة الاقتصاد الوطني، كذلك الشركات المساهمة العاملة بتلك الأسواق تطمح لتعكس صورة جيدة عنها وذلك من أجل تنمية رؤوس أموالها وتسويقها لمنتجاتها ولخدماتها وزيادة مدخرات مساهميها من خلال أدائها الفعلي وكفاءة أنشطتها. من المعروف أن الشركات المساهمة تحيط أعمالها بالسرية في مرحلة معينة خاصة قبل إعلان القوائم المالية (مثل توزيع الأرباح والتفاوض في حالة الاندماجات أو الاستحواذ وغيرها من الأعمال التي تؤثر في أسعار الأسهم في السوق المالية)، ولن يتحقق ذلك إلا إذا كان هناك مستوى عال في تطبيق مبدأ الشفافية والإفصاح في إعلان المعلومات الحساسة والمؤثرة بشكل رسمي للجميع حتى يتمكن المستثمرون من الاستفادة من هذه المعلومات سواء كانت إيجابية أو سلبية. وفي حالات كثيرة لا تكون للشركات المساهمة مصلحة فيها، و إنما بعض التنفيذيين أو المستثمرين أو المضاربين بأسهمها يقومون ببعض الأعمال المخالفة للأنظمة والقوانين لتحقيق مكاسب بطرق غير شرعية والإضرار بالسوق. إعلان هيئة السوق المالية في الأسبوع الماضي أن النظام يكفل رفع الدعاوى في الحق الخاص والعام وذلك بهدف رفع مستوى الوعي عند المستثمرين، هذا يؤكد حرص الهيئة على حفظ حقوق الناس. وحقيقة هذا الإعلان قد بعث الأمل في نفوس كثير من المواطنين المنكوبين في السوق المالية، خاصة في انهيار عام 2006م وما بعده وما تبعه من سلبيات. (المادة التاسعة والأربعون الفقرة - أ - تنص على أنه ''يعد مخالفا لأحكام هذا النظام أي شخص يقوم عمدا بعمل أو يشارك في أي إجراء يوجد انطباعا غير صحيح أو مضللا بشأن السوق، أو الأسعار، أو قيمة أي ورقة مالية، بقصد إيجاد ذلك الانطباع، أو لحث الآخرين على الشراء أو البيع أو الاكتتاب في تلك الورقة، أو الإحجام عن ذلك أو لحثهم على ممارسة أي حقوق تمنحها هذه الورقة، أو الإحجام عن ممارستها''. المادة السابعة والخمسون الفقرة - أ - تنص على أنه ''أي شخص يخالف المادة التاسعة والأربعين من هذا النظام، أو أياً من اللوائح أو القواعد التي تصدرها الهيئة بناء على تلك المادة، وذلك بالتصرف أو إجراء صفقة للتلاعب في سعر ورقة مالية على نحو متعمد، أو يشترك في ذلك التصرف أو الإجراء، أو يكون مسؤولاً عن شخص آخر قام بذلك، يكون مسؤولاً عن تعويض أي شخص يشتري أو يبيع الورقة المالية التي تأثر سعرها سلباً بصورة بالغة نتيجة لهذا التلاعب، وذلك بالقدر الذي تأثر به سعر شراء أو بيع الورقة المالية من جراء تصرف ذلك الشخص''). السؤال المحير من وراء إعلان الهيئة هو كيف يثبت المواطن المنكوب والذي ثبت تضرره من المتلاعبين في السوق وكيف يثبت مخالفة أحد المتلاعبين سواء في سوق الأسهم أو الصناديق الاستثمارية ؟! الذي يجيب عن ذلك هو الأنظمة الرقابية التقنية لدى الهيئة والبنوك، ويمكن الرجوع لسجلات الأسهم والمضاربين والمستثمرين والصناديق الاستثمارية لدى الهيئة وفي البنوك لمعرفة حقيقة الذي حدث، ولن يستطيع أي مستثمر وإن كان لديه اطلاع أن يصل إلى الحقيقة، وهذا يتطلب جهودا جبارة من قبل أجهزة الدولة المعنية بالمشاكل المالية والاستثمارية. (لو أن بلدية جدة أعلنت للناس مثل إعلان الهيئة وأن من حق من ثبت تضرره من أي متلاعب في مخططات البلدية، المطالبة بحقوقه في مدة أقصاها كذا كيف يثبت المواطن الغريق الرشا والاختلاسات التي تسببت في تلك الكارثة). من المؤمل أن تبادر الهيئة بفتح السجلات وإعلان فتح التحقيق في ارتفاع أسعار الأسهم المبالغ فيها عام 2006 ومن ثم الانهيار الكبير الذي حدث فجأة ودون مقدمات والذي أعدم مدخرات كثير من المواطنين، وكذلك الحال في الصناديق الاستثمارية التي تديرها البنوك، ومن المسئول عن الانهيار حتى الآن والذي سبقه كثير من الإشاعات، التي كونت انطباعا عاما لدى المواطنين بأن هناك نشاطا وانتعاشا في سوق الأسهم والذي عزز ذلك هو أن حالة الاقتصاد الوطني كانت ممتازة ولا توجد مؤشرات اقتصادية أو غيرها تنذر بالانهيار في ذلك الوقت. على الأقل تبادر الهيئة بإعادة رؤوس أموال المواطنين التي ضاعت مع ذلك الارتفاع والانهيار المصطنع، وأنا متأكد أن المواطنين متنازلون عن الأرباح، المهم يرجع رأس المال.
إنشرها