Author

افـخـر يا هلال.. بطولاتك تجاوزت عمرك

|
ما بين الـ 27 من كانون الثاني (يناير) 1962م والـ 24 من كانون الثاني (يناير) 2010م ملحمة رياضيية اسمها الهلال. فمنذ ما يقارب 47 عاما، حقق الهلال أول لقب له أمام الوحدة، بقيادة مبارك العبد الكريم، سجل الهلال أول بطولة، برئاسة مؤسسه شيخ الرياضيين عبد الرحمن بن سعيد، أطال الله في عمره. والآن هلال القرن يحقق البطولة الـ 49 ، برئاسة الأمير عبد الرحمن بن مساعد، ونائبه الأمير نواف بن سعد، وقيادة عميد لاعبي العالم محمد الدعيع، في سجل تاريخي من الصعب جداًَ كسره في المنظور القريب. أعضاء شرف يحسد عليهم الهلال! رجال قادوا الهلال إلى منصات التتويج، وفي كل مرة، نقول المفردة ذاتها، مبروك! فآه منك يا زعيم! كم مبروك تكفيك! قلتها منذ زمن، وأكررها، لك الرقم، ولهم الوهم! والرقم يؤزمهم! يرعبهم! لك البطولة التي باتت تعشق مثيلاتها، وما بين الهلال والبطولة، تاهت فيك (المسافات). ضاعت الكلمات. أشك بل أجزم ألا أحد يستطيع مجاراة الهلال لا نثراً ولا شعراً، فالهلال ظاهرة كروية فريدة. ردهم في الميدان، لا عبر الورق والفضاء، والقيل والقال، وكثرة (السؤال)! الهلال، ظاهرة لو حضرها المتنبي بجلالة شعره الوقاد لما ابتغى غيره ملهماً يختال به عند بقية العصبة. فاففخر يا هلال، افخر، '' افخَـر  فـإنّ النـاسَ فيـكَ ثَلاثَـةٌ: مُســـتَعظِمٌ  أَو حاسِــدٌ أَو جــاهِل''. بطولة الأحد الـ 49 في الرس، وكما كل البطولات، لها قصة، وقصتها هذه المرة تدون برقم وذهب. قصتها أنها جاءت وعداً، ووعد الحر دين عليه. فبعد أحداث العام الماضي القاسية، التي أبهجت سراً وجهراً مناطحي الهلال جهلاً ، وعد رئيس الهلال أن يعيد هلاله إلى سالف عهده. فأوفى الرجل. كان ذاك على حساب صحته، وماله، وفكره، ووقته، لكنه وعد، وليس كوعد أبن أم أوفى، بل بــدا  ولَـهُ  وَعـدُ السَـحابةِ بـالرِّوَى، وصَــدَّ  وفينــا غُلَّـةُ البَلَـدِ المَحـلِ. وعد بفريق تذوب فيه نجومية (الأنا) وخصوصيتها المزيفة، ونقله إلى فسحة الـ (نحن). هجا الشاعر فريقه، فكان كمن صَغُـرْتَ عَـنِ المـديحِ ، فقُلْـتَ أُهجَـى، كــأَنَّكَ  مـا صَغُـرْتَ عَـنِ الهِجـاءِ. أبقى ويلهامسون، بعد موجة انتقاد حادة. فعاد السويدي، ليسجل تسعة أهداف، ويصنع عشرة. تعاقد مع نيفيز، وما زلت أذكر ردود فعل بعض الهلاليين وخوفهم من مغادرة التائب الفنان. تذكرت من كان يتحسر على مغادرة التائب، وكيف سيتحول إلى عنصر إضافة وقوة لدى الفريق المنافس! فهل ما زال هناك شك! كانت بداية نيفيز عادية بعض الشيء، لكنه لمع نجمه، ليسجل 11 هدفاً، ويجهز وبشكل مباشر ما يربو على سبعة أهداف. جاء الكوري لي، فحل معضلة الشق الهلالي الأيمن الدفاعي، فباتت الخانة آمنة مطمئنة. واصل ابن الرومان الأصيل ركضه في الملعب. رادوي، ذاك اللاعب الذي لا تعرف مدى تأثيره إلا حين غيابه. أما المحليون، فزرع فيهم روح الجماعة مرة أخرى. حسبي أن الدعيع لعب دوري هذا العام كما لو كانا بن الـ 20 ربيعاً. أما هوساوي، فقصة وحكاية أخرى. الهوساوي كالهلال، لا ينافس إلا نفسه. والمرشدي كان صخرة عاتية تكسرت عليها خطورة المهاجمين. والزوري كان رائعاً كذلك. أما الوسط، فحسبي عودة الشلهوب بقوة. تخيلوا أن الشلهوب هذا العام هو الشلهوب ذاته العام الماضي، لكن اختلفت الأدوار بالتأكيد. الفريدي نجم كبير قادم. ياسر رامي السهام لم تنضب سهامه بعد، رغم محاولات التأثير فيه في كل شاردة وواردة. كان حاضراً، وإن تباينت الأدوار. والمحياني كان جاهزاً للمشاركة. أما الصف الثاني، فيكفي أن تذكر نواف العابد، هذا النجم القادم بقوة، إن حافظ على نفسه من كل شيء يمكن أن يؤثر في مسيرة النجم، ولا داعي أن أذكره بآلاف النجوم التي مرت وانتهت بسبب الإهمال. فافخر يا هلال بنجومك القادمة، افــــــــــــــــــخر، افخَـر  فـإنّ النـاسَ فيـكَ ثَلاثَـةٌ، مُســـتَعظِمٌ  أَو حاسِــدٌ أَو جــاهِل. العام الماضي، وعد الرئيس بمدرب يعيد صياغة هلال الفن، هلال المتعة، هلال المهارة. وأوفى الرجل، ولمثله الوفاء. غامر، لكن إذا غــــــــــــامَرْتَ فــي شَــرَفٍ مَـرُومِ، فَـــلا تَقْنَــعْ بِمــا دُونَ النُّجــومِ. غامر وكان نواف عضده الرئيس في المغامرة، ونجحا. رحل كوزمين، وقبله باكيتا ، وحضر البلجيكي (المنضبط). عاد الهلال إلى سابق عهده. تتبعوا أحاديثه دون مبالغة، ونتائجه دون تهويل، ستجدون عملاً جباراً لهذا الرجل. تمارين الصباح كانت لها اليد الطولى في حضور الهلاليين. إحساس اللاعبين بضرورة تعويض جماهيرهم الذهبية عما حدث العام الماضي كان عنصراً مهما ً في معادلة البطولة. ومن خلف المدرب إدارة يقودها بن الجابر سامي. وسامي الجابر غني عن الإطراء، لكن البطولة أنصفته هذه المرة، وقدمته كبطل آخر. سامي الجابر كان يحرز البطولات لاعباً، والآن يحققها بفكر إداري صرف. لا عزاء للشامتين فيك يا سامي، وأعان الله حساد الهلال، فافخر، افخر يا هلال، افخر يا زعيم. افخَـر  فـإنّ النـاسَ فيـكَ ثَلاثَـةٌ، مُسـتَعظِمٌ  أَو حاسِــدٌ أَو جــاهِل. تتبعوا الزعيم جيداً منذ نهاية الموسم الماضي، وحتى الآن، ستجدون العمل كان ميزته الصمت. الأقوال والمساجلات والظهور على حساب الكيانات وتقديم الذوات كرموز لا طائل منها في الهلال ليست من طبع الهلال. حتى والهلال يدك مرمى منافسه العنيد الاتحاد بخماسية تاريخية، يخرج الرئيس ويؤكد أن الاتحاد بطل، بل ومنافس. وكذا الحال مع البقية. ما تحقق هذا العام كان يمكن وبشكل كبير أن يتحقق العام الماضي، لولا الظروف القهرية. هلال هذا العام مدعاة للفخر، فافخر يا هلال، افخر يا زعيم. افخَـر  فـإنّ النـاسَ فيـكَ ثَلاثَـةٌ، مُسـتَعظِمٌ  أَو حاسِــدٌ أَو جــاهِل. سبقت أن قلت غير مرة إن العلة ليست في الهلال، لكن في كيفية تعاطيك مع هلالك. فالبعض يريدك هلالياً بمنطقه ورؤاه، وسياسته وفلسفته. في عرفهم ، كن هلالياً ، لكن كما يريدون ، لا كما تشتهي أنت . كن هلالياً كما تريد، لكن إياك إياك والتغني بأزرقك ، حتى لو بحقائق الأرقام. كن هلالياً صامتاً، وديعا، تعلوك حمرة الخجل من هلالك! كن هلاليا، يفوز، وينتصر ويرفع الهامات، ثم يخرج بهدوء كما لو كان الخاسر. كن هلالياً لا يتحدث عن الفوارق بين أدبيات الزعيم وأزماتهم، حتى تكون مثاليا. يغرقون في ألوانهم ومصالحهم التي تأتي بها هذه الألوان، وينكرون عليك أن تكون هلالياً شامخاً. كن هلاليا، لكن لا تذكر أن الهلال هو الأول في كل شيء، وأنه المعيار الحقيقي لتطور الكرة السعودية. كن هلاليا، لكن لا تقل أن الدعيع هو عميد حراس العالم، ففي ذلك تحطيم للآخرين، وتكسيراً لمجاديف طموحاتهم. كن هلاليا، لكن لا تقر بموهبة الثنيان كأفضل موهبة ربانية أقرت بها الملاعب السعودية والآسيوية، موهبة ظلت تؤرقهم لأكثر من عقدين من الزمان، وتؤزم لاعبيهم وتكشف حال المدافعين. كن هلاليا، لكن لا تقل أن الهلال هو الأول في عدد البطولات، ففي ذلك تقزيم وإقصاء وإلغاء بل وتهميش للآخرين! كن هلالياً، لكن لا تقول إن عبد الرحمن بن مساعد قدم هلالً جديداً. كن هلاليا، لكن لا تتغنى ببطولات الدوري التي حصلت عليها، ولا تاريخك المجيد، وتطول الرواية. كن هلاليا، لكن لا تقل بأن الهلال هو أفضل من أنجب عمالقة الكرة السعودية بالإجمال. كن هلاليا، لكن لا تذكر أن سامي الجابر هو اللاعب الوحيد الذي شارك في أكبر وأغلى وأنفس مسابقة رياضية، كأس العالم، أربع مرات، واختتم حياته الكروية الدولية بهدف في كأس العالم، بينما نجومهم شاخوا ولم يحققوا حتى كأس الخليج! كن هلالياً، لكن لا تقل إن الهلال يحطم الأرقام لوحده، بينما يتفرغون هم للتشكيك في زرقة زرقة السماء! كن هلالياً، لكن لا تقل إن الشلهوب قاب قوسين أو أدنى من هداف الدوري، ومن خلفه هلاليان! كن هلالياً، لكن إياك أن تقول إن الهلال وخلال المواسم الستة الماضية كان طرفاً ثابتاً في بطولات الدوري، حصل على النصف، وتقاسم الاتحاد والشباب النصف الثاني! كن هلالياً، لكن لا تقنعنا أن الإدارة وفقت في أفضل رباعي أجنبي أجانب هذا العام! كن هلاليا، لكن لا تدافع عن حقوقك، فأنت مثالي، والمثالية تخنقك ، بل تسقط حقك في المجاهرة بطلب الحقوق! كن هلالياً، لكن لا تنبس بلقب القرن الذي وصل القاصي والداني! كن هلالياً، لكن دعنا نغتال كل فرحة تصنعها للوطن حفاظاً على مشاعر الآخرين، ومراعاة لحساسية موقفهم المتردي! كن هلالياً، لكن لا تروج لشائعة حكمة الإدارة، وبعد نظر عبدالرحمن ونواف! كن هلالياً، لكن قزم أرقامك، أو اخفها إن استطعت، حتى لا تجسد الفوارق الرهيبة بينك وبين الآخر! كن هلالياً، وتغن بهلالك بصمت! كن هلالياً، لكن اكتم هلالك في حنجرتك، ولا تشجع فريقك، وأياك أن تطالب بحقوق جماهيرك ومساواتها مع الآخرين! كن هلالياً، كما يشاءون، لا كما تريد! وهذا مستحيل! فرقمك يخولك بأن تكون كما أنت! هلالياً كما تريد! لا كما يرغبون! لك الرقم، ولهم الوهم ! فكن هلالياً كما تشاء، وافخر. افخـَـر  فـإنّ النـاسَ فيـكَ ثَلاثَـةٌ، مُسـتَعــــظِمٌ  أَو حاسِــدٌ أَو جــاهِل.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها