Author

وماذا تعني أخطاء القطاع الصحي الخاص؟!

|
المتوقع من القطاع الصحي الخاص الإسهام في رفع جودة الرعاية الصحية والخروج من إطار النمط التقليدي الذي تقدمه الدول للرعاية الصحية الأولية، وكونه يملك القرار السريع والمال إلى جانب ارتباط إنتاجيته ومنافسته بالمال فالمتوقع التميز في الإدارة والجودة. والمتوقع أيضا من القطاع الصحي الخاص أن يكون شريكاً والذراع الأيمن للقطاعات الصحية الأخرى في تقديم الخدمة، لا أن يكون عبئاً على الخدمة ومحسوباً عليها. اليوم نحن نسمع عن أخطاء طبية قاتلة بدأت تتسع دائرتها وأعدادها في المستشفيات الخاصة، وأعتقد أن تلك المستشفيات لو أنها قامت بجراحات خطيرة ومتقدمة لشاهدنا العجب العجاب من الحالات التي ينتهي بها الأمر للوفاة، وهذا الشيء ربما لا يعرفه إلا قليل، فالمستشفيات الخاصة عادة ما تورط نفسها في جراحات معقدة، وإذا رأت نفسها في مأزق تزحلق الحالة على حمال الأسية مستشفيات الصحة، كذلك أغلب خدمات القطاعات الخاصة الصحية هي عبارة عن مستوصفات ومجمعات وعيادات، لذلك نسبة المخاطرة قليلة وغير مرتبطة بزمن محدد ولا يوجد هناك تقييم واضح وحصر للأخطاء الطبية التي تنتج عنها، وبالتالي فهم يعملون في صمت في ظل تركيز الرقابة على الجوانب التنظيمية وإجراءات العمل التقليدية وليس الجودة وإجراءات العمل اليومية. في الحقيقة أن القطاع الصحي يعاني كثيرا من المشكلات، التي من أهمها الجانب الفكري الذي بني عليه، حيث يسوده الفكر التحصيلي المادي على الجانب الأخلاقي والجودة، وأغلب المستثمرين إما أطباء مشغولون بأمور أخرى استثمارية أو مستثمرون، وجدوا أن ذلك الاستثمار أكثر وأسرع ربحا، وبالتالي همهم الوحيد الكسب السريع في ظل ضعف خبراتهم وثقافتهم الصحية وكل ما في الأمر استقدام مجموعة أطباء وجعل أحدهم مديراً يمكن الضغط عليه، وهو بدوره سيضغط على الآخرين. إضافة إلى ذلك، فالطبيب منذ التعاقد معه وهو في حالة من الاستنزاف والإجهاد، ولا توجد مساحة له للتدريب والتعليم المستمر، ما يجعل أغلبية تلك الكوادر بعيدة عن المستجدات، ويقف بهم الزمن عند مرحلة معينة من عمرهم المهني. وبالرغم من المحاولات الحثيثة لفرض مزيد من العقوبات والغرامات الآن، إلا أن مثل تلك الحلول لن تحد من التجاوزات والأخطاء ما لم يكن هناك تغيير في مفهوم الإشراف وأساليبه التقليدية إلى المشاركة الإدارية والفنية والمساندة والتطوير لتحقيق الأهداف التي من أجلها أسست، وإلا فستواجه الصحة تحديا إضافيا.
إنشرها