Author

المقال الصحفي بين القضية والمساحة

|
الكتابة الصحفية، سواء كانت خبرا أو مقالا أو رأيا سلاح ذو حدين كل واحد منها أخطر من الثاني، لأنها جميعا تصل للقارئ، وهو كله ثقة بأنها تحمل المعلومة الدقيقة الصادقة وتكون الثقة أكبر وأعلى عندما يكون الكاتب محل تقدير القراء، ولهذا تأتي الكتابة الصحفية، خصوصا المقالات، سواء اليومية أو الأسبوعية أو الشهرية ذات تأثير عال على تكوين رأي ورؤية القارئ، وما يتم طرحه من خلال المقالات والرأي يكون التصور عمن يكتب عنه، سواء كان فردا أو مؤسسة أو موضوعا، ولهذا، فإن الكتابة عندما تكون من أصحاب الرأي والرؤية يجب أن يتم التحري الدقيق عن مصدر المعلومة وليس الاعتماد على كاتب آخر أو خبر صحفي ربما لا يستند إلى معلومة دقيقة. الكتابة الصحفية في مجال المقال والرأي في الغالب لا تخرج عن صاحب قضية يبحث له عن مساحة يطرح فيها رؤيته ورأيه وصاحب مساحة يبحث عن قضية يعبئ بها تلك المساحة الصحفية الممنوحة له سواء كانت يومية أو أسبوعية أو شهرية. صاحب القضية التي تبحث عن مساحة يكون طرحها وطرح صاحبها ذا تأثير إيجابي في الغالب، لأنه يملك الرؤية والرأي الذي يمكن مشاركته بها وطرحها في الغالب أيضا ذات تأثير ورؤية شاملة تحمل عديدا من المعلومات التي لا تستند إلى تهم أو اتهامات لأشخاص ومؤسسات بعينها، وإنما توضح رؤية لحدث معين أو إبراز تجربة تحاكي الواقع الذي يعيشه أغلب القراء على طرح الحلول الممكنة لتلك التجربة مع شيء من التحليل، وفقا للمساحة التي تمنحها الصحيفة للكاتب، وهذا الطرح ربما لا يعجب البعض، سواء أفراد أو مؤسسات، ولكنه لا يسمي أشخاصا أو يشير إلى أرقام أو معلومات ربما لا تكون صحيحة أو دقيقة، خصوصا عندما تكون معتمدة على مصادر غير موثوق بها، ولهذا فإن صاحب القضية التي تبحث عن مساحة للمشاركة بقضية لا يحتاج إلى البحث في كواليس الأخبار أو الأحداث لتكوين فكرة أو رأي أو ردة فعل، وإنما ينطلق من كتابته، وفقا للمخزون المعلوماتي المتوافر لديه، والمنطلق من رؤيته وتقويمه وتحليله للأحداث أو المواضيع التي يطرحها. صاحب المساحة التي تبحث عن قضية هو من يدور في فلك الأخبار والمقالات والإنترنت في الغالب لإيجاد أي موضوع يكتب عنه، وفي الغالب يبحث عن المواضيع الساخنة التي تحرك مشاعر وعقول وقلوب القراء، ولهذا فإنه يتصيد الأخبار ذات العلاقة بالأشخاص في الشأن العام أو الخاص وإن كان الشأن العام أكثر إغراء وإلحاحا لأنه الموصل لتلك المشاعر مع القراء والسقوط هنا في المحظور وارد بشكل قوي. المحذور الذي أخشاه من أصحاب المساحات التي تبحث عن قضية من الكاتب هو الاعتماد على المعلومات الناقصة أو المفبركة أو غير الصحيحة بمطلقها وهي الغالبية كمصدر للمعلومات خصوصا مع التزاحم العظيم لمواقع الإنترنت، والمطلع على عديد من المقالات التي يتسم أصحابها بهذه الصفة يجد أنها تنقل عن كتاب آخرين ربما هم نقلوا عن مواقع لا تتصف بالمصداقية وتنشر معلومات غير صحيحة عن حدث أو شخص معين وتصبح هذه المعلومة المفبركة مادة دسمة للكتابة، وتكون المحصلة النهائية إرباك القارئ وفقد المصداقية بين الجميع، الصحيفة والكاتب والقارئ. لتأكيد هذا الأمر دعونا نعيد قراءة ما كتب عن حدث معين يعرفه الواحد منا بشكل تفصيلي ثم ينظر كيف تطرق له الإعلام، وكيف تكونت الفكرة والرؤية عن الموضوع ثم كيف تشكلت المعلومات ونقلت للإعلام ثم كيف تعامل معها أصحاب المساحات التي تبحث عن قضية، وكيف أن الموضوع برمته تم تشويهه وربما أسيء لأشخاص ممن يعملون بكل جهد واجتهاد نتيجة الفبركة الإعلامية، أو ربما تصفية الحسابات بين الأشخاص، وخداع الآخرين. إن النتيجة التي أنا متأكد منها 100 في المائة هي مفاجأتنا جميعا عن نسبة الخطأ التي وقع فيها الجميع من كتاب المساحات التي تبحث عن قضية التي تصل أحيانا إلى أكثر من 90 في المائة نتيجة حرصهم على إيجاد مادة دسمة للكتابة عنها وتعبئة المساحة الممنوحة لهم. إن الكتابة الصحفية بشكل خاص أمانة ثقيلة يجب الاهتمام بها ورعايتها وعدم السماح للقلم بالعبث في أعراض أو أعمال الأشخاص، لأن هذا العبث يصل للقارئ ويصدقه ويتكون للمجتمع ثقافة فكرية وسلوكية تبنى على خطأ إيصال المعلومة، ويصبح المجتمع يعيش فكرا مزدوجا مشوشا، وتكون الكارثة أكبر عندما يكتشف الفرد منا عدم مصداقية ما يكتب وهنا تفقد مصداقية الإعلام وهذا يؤدي إلى نفع التواصل والتفاعل معه، وفق الله الجهود التي تعمل من أجل وطن سعودي الانتماء، عربي اللسان، إسلامي المعتقد وعالمي الطموح . وقفة تأمل : إذا صفالك زمانك عل يا ظامي اشرب قبل لا يحوس الطين صافيها الوقت لو زان لك يا صاح ما دامي ياسرع ما يعترض دربك بلاويها حتى وليفك ولو هيم بك هيامي سيور الأيام تجنح به عواديها
إنشرها