Author

حقوق الإنسان في القضاء

|
(استقلال القضاء) كان هذا عنوان المقالة السابقة، حيث دار الحديث أولا عن مصدر الإفتاء في المملكة وأنه من الكتاب والسنة كما جاء في نظام الحكم الأساس للمملكة، ثم تطرق الحديث عن أن القضاء سلطة مستقلة ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية، وتم شرح ما ورد في التفسير عن الآية الكريمة (105) من سورة النساء التي أكدت أن القضاء هو وفقا لما أنزل الله تعالى بالحق على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وبها أراه الله وأوحي إليه ولا مجال للهوى والظن، وأن على رسوله - عليه الصلاة والسلام - ألا يكون خصما للخائنين الذين لا يثق بهم لعدم أمانتهم، والواقع أن جميع دول العالم تحترم سلطة القضاء وتبذل مجهودا كبيرا لحسن اختيار القضاة وتحرص على تدريبهم وتعليمهم وتراقبهم وتكون حريصة على إكرامهم ودفع مرتبات سخية لهم، وقيل إن رئيس وزراء بريطانيا سابقا السير ونستون تشرشل سُئل بعد الحرب العالمية الثانية وفي أعقاب هزيمة ألمانيا وانقسامها لغربية وشرقية سُئل: هل يمكن أن تتحد ألمانيا وتصبح دولة واحدة في المستقبل؟ فأجاب: إذا أحسن القادة والشعب الألماني اختيار قضاتهم فستعود ألمانيا كما كانت سابقا، وفعلا عادت ألمانيا كما كانت. ونعود مرة أخرى إلى أهمية القضاء في الإسلام، فقد قال - محمد صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعمل بها) رواه البخاري ومسلم. وقد ورد في كتاب (الأحكام في حقوق الإنسان) لمؤلفه المهندس عبد العزيز محمد سندي، أن القضاء يرتكز على الأسس التسعة التالية: 1- العدل والمساواة في المقاضاة. 2 - الأصل في الإنسان براءة ذمته. 3 - المسؤولية الجزائية شخصية (كل شخص يؤخذ بجريرة عمله) 4 - شرعية الجرائم والعقوبات (لا يجوز اعتبار الجرم جرما يعاقب عليه الناس إلا بعد بيانه لهم وتحذيرهم منه وأن تكون العقوبة معروفة عند الناس ويقرها الشرع). 5 - لا ينتزع الاعتراف من المتهم إكراها. 6 - الإسلام يجب ما قبله والتوبة تجب ما قبلها. 7 - تكريم الشهود وعدم مضارتهم. 8 - اختلاف العقوبة مراعاة لحقوق الإنسان (فليس من قتل نفسا اعتداء كمت قتلها دفاعا عن نفسه) 9 - مراعاة حقوق الإنسان عند تنفيذ الأحكام القضائية (حث الإسلام على التسامح مع المدين والإحسان إليه وكذلك مع من ثبت أنه قاتل فلا قسوة ولا عنف وسوء معاملة مع من صدرت بحقهم عقوبات شرعية، بل مراعاة الإحسان وهذا حفاظا على كرامة الجاني! فلا يقام الحد على الحامل حتى تلد ولا على المريض حتى يشفى ولا على السكران حتى يفيق، ويعطى للسجين حرية العبادة في سجنه ويطعم ويكسى ويزار ولا يعذب، والمحكوم بالأحكام المدنية فإن كان المدين معسرا فينظر ولا يسجن وإن كان له مال فتسدد ديونه من ماله دون أن تباع كتبه وأدوات عمله ومنزله ومواصلاته ويخصص له ما يكفيه وأهله). كل ذلك حسبما ورد في المصدر المشار إليه. في الحلقة القادمة (101) نكمل ما تبقى.
إنشرها