Author

المبادرات النوعية لسلطان الخير.. وأثرها في دعم الاقتصاد وتنمية القطاع الثالث

|
صاحب الأيادي البيضاء.. «كلّ ما أملكه في المملكة من مبان وأراض وكلّ شيء عدا سكني الخاص هو ملك لمؤسسة سلطان بن عبد العزيز الخيرية». إنها مبادرة سيحفظها التاريخ.. ولن ينساها المسلمون عامة والمواطنون خاصة.. إنها مبادرة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام.. المبادرة التي لمْ تكن مفاجأة أبداً.. فقد سبقها الكثير من الأفعال الخيرية والعطاءات المتواصلة في البر والصلاح.. سبقتها أعمال عُرف عنها التميز، وأعمال لم يعلمها سوى الخالق، فليهنأ الأمير المعطاء بالعافية من ربه الكريم. وقد يكون من الطموح أن نحاول في مقال واحد -مهما كان طويلاً- حصرَ الأيادي البيضاء والأعمال الخيرية التي كان لسموه حضور فيها.. والجميع يعلمون أن سموه رغم مشاغله بعظام المهمات والمسؤوليات التي يحملها على عاتقه تجاه هذا البلد الكريم وتجاه الأمة الإسلامية والعالم العربي والإنساني، ورغم انشغاله باستقبال ضيوف بلاد الحرمين، ورغم انشغاله باستقبال مئات البشر يومياً لمساعدتهم على حلّ مشكلة أو إنهاء معاناة يواجهونها.. رغم كلّ ذلك فإن محافل الخير في داخل وخارج البلاد تذكره وتشهد بحضوره ومشاركته التي كانت وما زالت بتوفيق الله تعالى وقوداً محركاً للكثير من هذه الأعمال والمشاريع الحضارية والخيرية والتنموية. ولذا وبموضوعية كاملة.. أريد في هذا المقال أن أسلط الضوء على بعض المبادرات المؤسسية الريادية التي أطلقها سمو الأمير سلطان فكانت وما زالت منابر حضارية وخيرية وتنموية ينهل من معين خيرها الكثير من أفراد مجتمعنا بشتى فئاتهم واحتياجاتهم.. مؤكداً أنني لستُ هنا بصدد الحديث عن المساعدات المالية التي يقدمها سموه من حسابه الخاص لأصحاب الحوائج والضيقات والتي غيرتْ مجرى حياة الكثيرين منهمْ ووضعتْ حداً لفقرهم بفضل الله تعالى ومنها قصة اللاعب السابق الذي خرج من السجن بعد أن سدد سمو الأمير ديونه الباهظة، ولستُ بصدد الحديث عن تكفله بعلاج المرضى أو مساعدة العائلات التي لم يكن لديها القدرة على معالجة مريضها أو إرسال طائرات الإخلاء الطبي لنقل المرضى والمصابين إلى المستشفيات الطبية المتقدمة داخل وخارج البلاد، كما أنني لستُ بصدد الحديث عن المساعدة في توفير مساكن تؤوي العائلات التي لا عائل لها، ولا بصدد إبراز قيام سموه بتوجيه مطالب المواطنين إلى الجهات المختصة ومتابعة تنفيذها، ولا بصدد التأكيد على حضور سموه الفاعل في إنقاذ أشخاص من حكم القصاص عندما يتنازل الورثة عن القصاص لقريب لهم مقابل مبلغ مالي يصل إلى ملايين الريالات، كلّ ذلك لستُ بصدد الحديث عنه مع أنه قد شاع بين الناس حتى عُرف عن سموه أنه لا يردّ مّن طرق بابه، وحتى أصبح قاصد بابه يخبر الناس أنه متوجه إلى (سلطان الخير) وما ذلك إلا بفضل الله تعالى وما منّ به عليه من قدرة على العطاء المعنوي والمادي. يرتكز الحديث في هذا المقال على المبادرات المؤسسية الحضارية والخيرية الرائدة التي أطلقها الأمير سلطان فكانت سبباً بتوفيق الله تعالى لتنمية القطاع الثالث (الخيري التطوعي) على مستوى بلادنا الواسعة ورافداً من روافد التنمية الاقتصادية ومرآة واقعية مشرقة للدور المأمول من مؤسسات المجتمع المدني الداعمة التي تحمل مسؤوليةً واعية تجاه المجتمع وتقوم بدورٍ فعّال ومؤثر.. والمقال إضافة إلى التعريف بالبعد التنموي والدور الإيجابي لهذه المؤسسات.. يهدف إلى طرح بعض الرؤى والمقترحات والأفكار التي من شأنها أن تدعم القائمين على هذه المبادرات في سعيهم نحو تحقيق رؤية سمو الأمير سلطان في زيادة فاعليتها وأثرها في مجتمعنا الواسع. ## العمل المؤسسي في حياة الأمير سلطان لخّص صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، الحديث عن شخصية الأمير سلطان وحضوره في مجال الأعمال الخيرية والإنسانية بقوله: «إن الأمير سلطان بطبعه منذ خُلق، وهو مؤسسة خيرية بذاته، وصاحب خير، ويسعى للخير، وكلّ مكان يكون فيه لا بد أن يكون له فيه عمل خير، فسلطان بحق هو مؤسسة خيرية قائمة بذاتها». ولا شكّ أن المتتبع لأعمال ومبادرات الأمير سلطان بن عبد العزيز سيجد صعوبة في حصرها أو الإلمام بها لكثرتها في شتى دول العالم ولحرصه على بقائها في دائرة الخفاء رغبة فيما عند الله تعالى ولا نزكي على الله تعالى أحداً. وقد كان وما زال سموه -حفظه الله- حاضراً في المناسبات الإنسانية والخيرية يرعاها بنفسه ولا يتردد في دعم المشاريع التي تنطلق في هذه المناسبات بمبالغ كبيرة تهدف إلى تنفيذها والإشراف عليها وضمان استمرارها وتوسيع نشاطاتها. ولذا فلم يكُنْ مُستغرباً أن يتمّ تقدير جهود سموه على المستوى المحلي والدولي في عددٍ من المرّات وهناك الكثير من الجوائز والأوسمة التي قُدمت للأمير الإنسان من جهات ومؤسسات عديدة تدفق عليها عطاؤه دون انتظار لشكر أو تقدير.. وقد كان مِن أبرزها حين تمّ تقدير دوره الرائد في المشروعات الخيرية والإنسانية على المستويين الإقليمي والعربي وتمّ اختياره لجائزة الشخصية الإنسانية لعام 2002م وهي الجائزة التي مُنحت له من قِبل مركز الشيخ راشد آل مكتوم في الإمارات، حيث حصل على أكثر من خمسة آلاف ترشيح محايد ضمن ترشيحات بلغتْ عشرة آلاف ترشيح وصلتْ إلى اللجنة المعنية بالترشيح بعد أن قدم كل بلد مرشحيه حيث نال الأمير سلطان ثقة 53 من المشاركين في التصويت على الرغم من أن كل واحد له مرشح من أبناء بلده، بينما توزع باقي الأصوات على عشرات المرشحين من أكثر من 20 دولة. قال سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس مركز راشد لعلاج ورعاية الطفولة في دبي عند إعلان فوز الأمير سلطان بالجائزة لعام 2002م : «إن هذا الاختيار جاء تعبيراً صادقاِ عن الإنجازات الكبيرة التي حققها الأمير سلطان في مجال العمل الخيري عربياً ودولياً لخدمة الإنسان أينما كان» وتزامن هذا الاختيار مع أوّل إعلان للجائزة بعد تحويلها إلى جائزة تُعلن كل عامين وبانتقاء غاية في الدقة. والمحور الذي يجب التوقف عنده والاقتداء به مِن قِبل قادة الخير في بلادنا وبلاد المسلمين هو أهمية تحويل المبادرات والمشاريع والأموال الموجهة إلى الخير ووضعها في كيانات مؤسسية تسير بمنهجية إدارية مخططة وواضحة وناجحة، وتحقق أكبر المنافع للمستفيدين في شفافية ووعي. ولذا كان وما زال حرص أميرنا الكريم على تقديم المبادرات وِفق إطارات مؤسسية دائمة أو مؤقتة من أبرز أسباب النجاح لهذه الأعمال.. فقد كوّن ورأس حفظه الله اللجنة العليا لسياسة التعليم، وكوّن ورأس اللجنة العليا للإصلاح الإداري الذي يشعر الجميع بآثاره وتسارع خطواته، ورأس الهيئة العليا للدعوة الإسلامية والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في السعودية.. وكلّ هذه الأعمال ما كان لها أن تثمر وتنمو وتستمرّ لولا توفيق الله تعالى ثمّ حولها سموه إلى كيانات ومؤسسات تسعى إلى أهداف واضحة.. وهذا سيظهر معنا في كافة مشاريعه وأعماله التي سنبدأها بالإشارة إلى إطلاق مؤسسة سلطان بن عبد العزيز الخيرية.. إلا أننا نجد أنه لا بدّ لنا من عرض كلمة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض التي جاء فيها ما يؤكد أهمية المبادرات النوعية المؤسسية في حياة الأمير سلطان وأثرها على تعدي نفعه: «حين أطلقتُ صفة (مؤسسة الخير) على صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز في إحدى المناسبات لم أكن أتجاوز الحقيقة ولكنني كنت واصفاً لها فحسب.. ذلك أن لكل إنسان قدرات محدودة في المشاركة والإسهام في العمل العام.. لكن سموه تجاوز هذا المفهوم وقدم نموذجاً فريداً ومتميزاً تلاشت معه وبه محدودية القدرة على العطاء متى امتلك الإنسان تلك المواصفات النادرة التي تتصل بجذورها في عمق النشأة وسلامة التربية، والتأسي بالقدوة الصالحة مع توافر ذلك الحسّ الإيماني المكثف الذي يقتدي التوجه نحو الخير ويستهدف رضا الله، وهذا ما يجسده - بوضوح - سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز في كلّ ما قدمه ويقدمه من لمسات حانية تزيح البؤس وتحل السعادة.. وكما هو معروف فإن من النادر أن يتحول رجل بأعماله وجهوده إلى مؤسسة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من شمولية واستمرارية وسخاء، لكن الأمير سلطان بن عبد العزيز استحقّ بأفعاله وإنجازاته الماثلة هذه الصفة التي يتفق الجميع على جدارة سموه بها». كما أنه من المناسب أن نشير إلى نموذج عملي مما يؤكد التوجه نحو المبادرات النوعية المؤسسية لسموه: (امرأة إفريقية تبدو في خمسينيات عمرها تعيش المعاناة والجوع.. كانت جالسة بعد أن أنهكها التعب وهي تحفر في جحر النمل بحثاً عن بقايا حبوب وطعام لأنه لم يعد أمامها إلا هذا السبيل كي لا تموت هي وأولادها).. شاهد الناس هذه الصورة واختلفت ردود أفعالهم تجاهها، أما بالنسبة للأمير سلطان فقد كانت هذه الصورة إنذاراً عاجلاً.. كان معنى الصورة أن المطلوب تكوين لجنة خاصة لإغاثة ذلك البلد الإفريقي والدول الأخرى التي ضربتها المجاعة، وتمّ بالفعل تشكيل لجنة خاصة لإغاثة ذلك البلد الإفريقي والدول الأخرى التي ضربتها المجاعة، كانت الصورة سبباً في تشكيل «لجنة الأمير سلطان الخاصة للإغاثة» والتي تولتْ أكبر عملية إغاثة يبدؤها فرد، وشملتْ خمس دول إفريقية ووصلت إلى النيجر ومالي وتشاد وإثيوبيا وحملت معها ما أطعم الجياع وكسا العراة، وحفرت الآبار ووزعت الخيام، وتمّ علاج آلاف المرضى، ولمْ تتوقف مهمتها عند ذلك بل سعتْ إلى تعليم الناس مبادئ الدين. ولذا فلا عجب أن نتذكر هنا قول الشاعر: على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم. #2# ## مبادرة إطلاق «مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية»: عندما انطلقت مؤسسة الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية في مطلع عام 1995م وتحديداً يوم السبت 20 شعبان عام 1415هـ.. كانت انطلاقتها تتويجاً لأعمال سموه ورؤيته في إنشاء كيان مؤسسي كبير يضمن الاستمرارية والنمو بتوفيق الله تعالى لمسيرة الخير.. ويهدف إلى تقديم خدمات إنسانية واجتماعية وتربوية وثقافية وطبية وتعليمية في شتى أرجاء بلادنا الكريمة وخارج حدودها أيضاً. ولا شكّ أن هذه الانطلاقة المؤسسية خطوة رائدة تحقّق الكثير مِن الإيجابيات بتوفيق الله، ولاسيما أن المؤسسة تسير وِفق خطط واجتماعات وهيكل تنظيمي واضح وتقسيمات إدارية دقيقة.. ويقف على رأسها ومتابعة أعمالها أصحاب السمو الأمراء أبناء سمو الأمير سلطان وذلك لمزيد العناية بتحقيقها لأفضل الرؤى والأهداف. ويجب هنا أن نشير إلى أن اتخاذ قرار التحول إلى عمل مؤسسي عند المحسنين.. دليلُ رؤية وجدية واستعدادٍ كبيرٍ لتحمل تبعاتِ الأعمال والأعباء والتكاليف.. التي يُحجم عنها الكثير من باذلي الخير ذوي الرؤية القاصرة والمحدودة. هذه المبادرة النوعية التي وضعت رؤيتها في أن تكون صرحاً رائداً في تقديم خدمات إنسانية متميزة للمجتمع، ورسالتها مساعدة الناس ليساعدوا أنفسهم.. وقد حظيت المؤسسة التي تعدّ معلماً من معالم الخير للبشرية بدعم كامل من سلطان الخير وهو الرئيس الأعلى لها حيث قرر في إحدى جلسات مجلس الأمناء وضع جميع ممتلكاته في مشروع «باذل الخير» لدعم مشروعات المؤسسة كما أشرنا في أول المقال. منهجية العمل تتجلي في كلمة للأمير فيصل بن سلطان، أمين عام مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية، في حفل تدشين مشروع إسكان مؤسسة سلطان الخيرية في القحمة، والتي فسر من خلالها مبررات الصمت والكتمان لكثير من الأعمال الإنسانية حيث قال: «لقد حرصنا وبناء على توجيهات سمو الأمير سلطان ألا نتحدث عن المؤسسة وعن أعمالها، وإنما ندعُ مشروعاتها تتحدث عنها». ولن يمكننا بطبيعة الحال استعراض تفاصيل وتميز وبرامج هذه المؤسسة وما يتبعها من مشاريع نوعية.. إلا أننا نعرج عليها لنوضح لاحقاً الأمور التي تسهم في تحقيق قيمة مضافة للكيانات المماثلة داخل وخارج بلادنا العامرة بالخير. مبادرة «مدينة سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية - أكبر مدينة طبية تأهيلية في العالم تعتبر مدينة الأمير سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية أكبر مدينة طبية تأهيلية في العالم، حيث أقيم المشروع على أرض مساحتها مليون متر مربع في شمال الرياض ومساحات مباني تتجاوز مائتي ألف متر مربع. وتتألف المدينة مِن مركز للتأهيل الطبي يهدف إلى تقديم خدمات تأهيلية متطورة وبرامج في وحدات الرعاية الطبية لمرضى التنويم الداخلي والعيادات الخارجية، ومتابعة المعوقين عبر الرعاية الصحية المتواصلة فيما يتعلق بجميع النواحي البدنية والاجتماعية والفسيولوجية وكذلك النواحي الروحية للصحة. كما تتألف المدينة من مركز للاستشفاء والنقاهة، وخدمات لجميع التخصصات، ومركز لتنمية الطفل، ومنشآت سكنية للموظفين. هذا الصرح الطبي الكبير الذي يعدّ أكبر مركز تأهيل طبي في الشرق الأوسط حيث يبلغ استيعابه 400 سرير والذي استطاع وفي فترة زمنية وجيزة تقديمَ خدمات طبية متميزة عجزت مستشفيات عالمية ألمانية متخصصة عن تقديمها للمرضى.. وذلك بتوفيق الله ثم بسبب التقنية البشرية والآلية الحديثة المتواجدة فيه. ولمْ تقتصر إنجازات مدينة سلطان للخدمات الطبية على الجانب الطبي فقط بل شملت أيضاً البحوث العلمية الطبية وحصلتْ على جوائز علمية أمريكية لأفضل الإنجازات الطبية العلمية في عدة بحوث تطبيقية سعودية. وقد شهد لهذا الصرح الرائد الكثير من الأفراد والمؤسسات العلمية والرسمية العربية والغربية ومنهم على سبيل المثال وفد وزارات الشؤون الاجتماعية في جامعة الدول العربية لمدينة سلطان للخدمات الإنسانية حيث قالوا عنها:«مدينة سلطان صرح حضاري إنساني عربي بمستوى عالمي». أما وفد جامعة لايبزج الألمانية فقال عن المدينة «أداء مدينة سلطان للخدمات الإنسانية يتفوق على نظرائها في ألمانيا». وخلال زيارة ملك إسبانيا للمملكة قامت الملكة صوفيا عقيلته بزيارة لمدينة سلطان للخدمات الطبية وتجولتْ في أقسام المدينة وأعربتْ عن إعجابها في كلمتها التي جاء فيها: «أشكركم شكراً جزيلاً لإطلاعي على هذه المنشأة الطبية الرائعة وما تحتويه المدينة من أقسام شفاء وعلاج وتأهيل، إنّ البيئة التي تتميز بها المدينة لتعبر بصدق عن مسماها وإنها مدينة إنسانية كما شاهدت الفرحة والغبطة على وجوه المرضى وعلى وجوه من يقدمون لهم الرعاية أهنئكم جميعاً على هذه المدينة التي أحببتها وأثرتْ فيّ تأثيراً بالغاً». وسأعرض هنا نموذجاً مختزلاً جداً للفكر والتميز الذي يحظى به هذا الصرح الرائد.. فقد قامت مدينة سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية بتطوير برامج التأهيل متعددة الاختصاصات، مع الأخذ في الاعتبار الحاجات الخاصة للمرضى.. مثل برنامج تأهيل مبتوري الأطراف وخدمات الأطراف الصناعية وتقويم اعوجاج الأطراف، وبرنامج إصابات الدماغ، وبرنامج تأهيل إعاقة المشي. ومنها برامج صحة الأطفال فإن فلسفة تأهيل الأطفال تقوم على زيادة قدرة الطفل على العيش في بيئته الطبيعية، كما تقوم بتزويد الآباء والقائمين بالرعاية للطفولة بالمهارات اللازمة لزيادة قدرات الطفل بعد خروجه من المستشفى. ومنها برنامج التأهيل (العلاجي) الدوائي وممارسة رياضة الكراسي الطبية. ومنها برنامج الإحالة لاستكمال العلاج المنزلي الذي يتغلب على الفجوة بين البنية المتقدمة والخدمات المتكاملة التي تُقدم لمرضى التنويم الداخلي في حال خروج المريض لإتمام العلاج في المنزل على أساس الخدمات التي تقدم لمرضى العيادات الخارجية، بعد الانتهاء من العلاج والتمارين اليومية، يعود المريض إلى المنزل الموجود في المدينة والذي أعدّ خصيصاً كي يستطيع المريض أن يطبق جميع ما تعلمه في بيئة تشبه بيئته الطبيعية وذلك كيْ يتمكن من متابعة حياته دون الحاجة إلى أي مساعدة. ومنها برنامج التأهيل المهني الذي يوفّر خدمات تقويم وتقييم الإعاقة للمريض على مستوى المدرسة أو الوظيفة، ومعاونة المريض ليعود إلى نشاطه الإنتاجي في المنزل أو العمل أو المدرسة. ولن يمكننا حقيقة قياس وإدراك الأثر العظيم لهذا الصرح وهذه المبادرة الريادية على اقتصادنا ومجتمعنا وصورتنا أمام الغير إلا إذا عرفنا الأرقام والمنجزات التي حققها.. غير أننا يجب أن نلاحظ أن هذا الكيان قدم لأبناء الوطن من المتخرجين فرصاً رائعة للعمل والتعلم، وللمرضى فرصة العلاج واستعادة القدرة على العطاء والإنتاجية رغم الظروف الصعبة التي تمرّ بهم. ## مبادرة «مركز سلطان بن عبد العزيز للعلوم والتقنية (سايتك)» مركز يتبع جامعة الملك فهد للبترول و المعادن ويقع على كورنيش مدينة الخبر (21.700 متر مربع) صُمم و نفذ على غرار أحدث المراكز العلمية. ويشمل (7) قاعات عرض رئيسية تتناول مختلف العلوم والتقنية، تضمّ أكثر من (350) معروضة علمية، والقبة العلمية IMAX ، والمرصد الفلكي، والوحدة التعليمية، وقاعة المؤتمرات، وقاعة المعارض المؤقتة، ومرافق إدارية وخدمات. ويهدف المركز بصورة أساسية إلى تثقيف أفراد المجتمع - خاصة الناشئة - بمبادئ العلوم وتطبيقاتها وشرحها وتبسيطها من خلال عرضها بأسلوب تفاعلي شيق يعتمد على التعليم بالترفيه والتعليم بالتجربة والمشاهدة. ورسالة المركز هي نشر مبادئ العلوم وإبداعات التقنية عن طريق عرضها بأساليب حديثة وماتعة لأفراد المجتمع وخاصة الناشئة، من أجل توسيع آفاقهم العلمية وتشجيعهم على الاهتمام بمجالات العلوم والتقنية، ليصبحوا قادرين على مواكبة المستجدات العلمية ومؤهلين للرقي بأنفسهم ووطنهم إلى مستويات متميزة. ولذا فمن أهداف المركز توسيع الأفق العلمي والثقافي لزوار المركز في مجـالات العلوم والتقنية، وتبسيط الأفكار والموضوعات العلمية وجعلها شائقة وماتعة للجميع، وتنمية حب الاستطلاع والقراءة والاستكشاف في المجالات العلمية، وتطوير أساليب التفكير والتحليل العلمي وجعلها أمراً طبيعياً في حياتهم وغير ذلك. ولتحقيق ذلك فالمركز يضم عدداً من القاعات العلمية، والقبة العلمية، والمرصد الفلكي، ودورات شباب وفتيات وأطفال.. وإنني نيابة عن كلّ حريص على الثقافة والعلم والفائدة للجيل القادم من أبناء وبنات هذا البلد المعطاء.. أتقدم إلى سمو الأمير سلطان بأمل ورغبة صادقة.. وهي أن يتكرم الأمير الكريم بتبني إنشاء مركز مماثل في مدينة جدة.. ولا أشكّ أن جامعتنا العريقة جامعة الملك عبد العزيز أو غيرها من الكيانات المؤهلة علمياً وعملياً لن تتأخر عن تقديم كل الدعم اللازم لتحقيق هذه الرغبة الصادقة. مبادرة «مركز الأمير سلطان بن عبد العزيز لأبحاث البيئة والمياه والصحراء » حرص ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز على الاهتمام بالجانب الإنساني وتقديم الجهود في خدمة البيئة على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، وقد تمّ اختيار سموه مِن قبل واحد من العشرة الرجال العازمين على حماية بيئة كوكب الأرض على المستوى الدولي، ورجل البيئة العربي الأول لمرتين على المستوى العربي. وقدم في ذلك الكثير من المبادرات النوعية ذات القيمة المضافة والأثر الاقتصادي والتنموي فقد أسس سموه الكريم مشروع إنماء طائر الحبارى الإفريقية في المغرب ووجه أيضاً بتزويد بعض الدول العربية بمجموعة من الغزلان العربية التي تمّ إكثارها في مركز الملك خالد لأبحاث الحياة الفطرية في الرياض لدعم مشاريع إعادة تأهيل البيئات الطبيعية في الدول العربية الشقيقة. وتوالت مبادراته فكان منها إنشاء «مركز دراسات الصحراء» كإدارة مستقلة ترتبط بمدير جامعة الملك سعود وكان الهدف من إنشاء المركز تصميم وإجراء البحوث العلمية المتعلقة بتنمية الصحراء ومقاومة التصحر في شبه الجزيرة العربية وخاصة في السعودية .ثم صدر قرار مجلس التعليم العالي ليصبح «مركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء» مما أضاف إلى أهداف ونشاطات المركز مجالات بحثية أوسع وأشمل وأكثر اهتماما بالقضايا الحيوية والتي من أهمها أبحاث البيئة بمفهومها الواسع مع التركيز على دراسات المياه والصحراء. ولا شك أن هذه المبادرات تحقق أهدافاً ساميةً تنبع من توجيهات سديدة. فإن مركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء يسعى خلال مسيرته العلمية والبحثية إلى تحقيق أهدافه من خلال إجراء البحوث والدراسات العلمية وخاصة ما يتعلق بمقاومة التصحر والمحافظة على الموارد الطبيعية والبيئية وتنظيم استغلالها، والتشجير وإكثار النباتات والغابات والمراعي الطبيعية. ويعمل المركز باستمرار على تطوير قدراته الفنية والبحثية في مجال استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية لدعم البحث العلمي في المركز. ويقوم بتنفيذ عدد من المشاريع البحثية والتطبيقية لدراسة البيئة الصحراوية في المملكة باستخدام هذه التقنية بالتعاون مع الجهات المتخصصة، كما صدر عن المركز العديد من المؤلفات العلمية والنشرات الإرشادية وأقام عدة مؤتمرات وندوات علمية.. كما تبنى المركز جائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمية للمياه وتولى أمانتها.  ## مبادرات الأمير سلطان لرعاية الأطفال الأيتام والمعوقين ابتداء من مبادرة إنشاء «مركز الأمير سلطان بن عبد العزيز في المدينة المنورة» الذي حقق إنجازات مباركة في عدد المستفيدين وتقديم خدمات منها التعاون مع مستشفى الملك فهد لإجراء جراحات وجلسات علاج للأطفال، ومنها تنفيذ برامج دمج الأطفال في مدارس التعليم العام والتعليم الخاص بعد أن أكملوا برامج تأهيلهم في المركز، ومنها توفير الأنشطة المساندة كالحاسب الآلي، والمكتبة، وغرف المصادر والاستشارات وخدمات الأسر. وانتقالاً إلى مبادرة سموه في إطلاق «مركز الأمير سلطان لرعاية الأيتام في المنطقة الشرقية» وهو مركز يعمل وفق منهجية تكاملية مثالية تنظيماً ونأمل أنها كذلك تنفيذا حيث لم يسبق لنا التشرف بزيارة هذا الكيان، فإدارته تسعى إلى توفير كل ما يحتاج إليه هؤلاء الأطفال داخل مبنى المركز الذي يملك أحسن التجهيزات الحديثة من حيث التكييف والأثاث حسب رغبة الطفل. والمركز يبدأ باستقبال الطفل اليتيم بعد قدومه من دار الحضانة ويتمّ تحويله على الفور إلى قسم الأشبال حيث تقوم مجموعة من المشرفات الاجتماعيات برعايته ويمكث قرابة ثلاث سنوات يتعلم أساليب التربية وكيف يعتمد على نفسه في تدبير أموره الشخصية. ثم يتم نقله إلى قسم الشباب وهذا يختص بتعليمة جميع الأمور عبر إخصائيين اجتماعين، ويبدأ دمجه مع الآخرين داخل المركز ومع أفراد المجتمع، ثم ينتقل بعد سنّ الثامنة عشرة إلى المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام التي بدورها تقوم بمساعدتهم على البحث عن وظائف ومساعدتهم في شراء سيارات وتأمين مسكن ومصروف مادي لحين الاعتماد على أنفسهم. والإعانة الشهرية التي تصرف للأطفال الأيتام داخل المركز يتمّ استقطاع نصفها لدى إدارة تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية في مدينة الرياض وتُعطى للطالب نفسه عندما يحتاج إليها عندما يعتمد على نفسه. المركز ينقلهم يومياً إلى مدارسهم الحكومية عبر الحافلات على نفقة وزارة الشؤون الاجتماعية، ويوفر لهم الرعاية الصحية داخل المركز إلا إذا استدعى الأمر الانتقال للمستشفى المركزي في الدمام حيث ملفاتهم جاهزة. والمركز ينظم بعض الدورات التدريبية بالتنسيق مع أحد المعاهد المتخصصة من أجل إلحاق الأيتام بها من أجل إكسابهم بعض المهارات التي تؤهلهم للدخول في سوق العمل، وأتمّ إصدار عدد من رخص القيادة لمجموعة من الطلاب، ووفر الوسائل الترفيهية مثل الصالة الرياضية المجهزة، وعمل حفل وتقديم مكافآت مالية للمتفوقين سنوياً. وليس توقفاً عند مبادرة «وقف الأمير سلطان لرعاية الأيتام في محافظة الخرج».. حيث يبني - حفظه الله - ما يضمن استمرار أعمال ونشاطات الخير لهذه الفئة التي هي بأشد الاحتياج للاستقرار والراحة. فهذه اللمسة المتميزة من سموه والسعي في ربط تمويلات أنشطته الخيرية كافة بأوقاف تستمر منهجاً يحتذى في بناء أعمال ومنحها الفرصة للاستمرار. كما أن مؤسسة الأمير سلطان على اتصال دائم مع المراكز والجمعيات الخيرية ومنها مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، ودعم مشروع النظام الوطني للمعوقين الذي أقره مجلس الشورى، ودعم المدرسة السعودية للأيتام في باكستان وغير وذلك. ## نماذج مبادرات نوعية في تطوير خدمات أساسية لسمو الأمير سلطان من خلال مؤسسته الخيرية الرائدة أو بأمره مباشرة العديد من المبادرات النوعية التي تسهم في تطوير الخدمات المقدمة لقطاع محدد أو منطقة محددة بطريقة مؤثرة وفاعلة. ومن نماذج هذه المبادرات ما يلي: 1) برنامج الاتصالات الطبية: الذي يهدف إلى الإفادة من كل الخدمات الطبية من خلال الطب الاتصالي، حيث يمكن متابعة ملفات وبيانات ومعلومات المرضى في المملكة في شبكة واحدة، كما أن التعليم والتدريب في البرنامج يمكن تطبيقه عن بُعد بالتعاون مع جامعات عالمية في دول مختلفة. 2) مشروع الأمير سلطان للإنقاذ والإسعاف وإدارة الكوارث: بداية من الإخلاء الطبي وما يوفره من تجهيزات للتعامل مع الحالة وهي في الجو وانطلاقاً إلى مشروع متكامل يسعى إلى انطلاقة كاملة في مجال الخدمات الطبية للحالات الطارئة وأوقات الكوارث. 3) الموسوعة العربية العالمية: وهي العمل الذي دعمه الأمير سلطان وتكفل برعاية تدشينه وإصداره، كون الموسوعة تتجدد كلّ عدة سنوات بإضافة الجديد في مجال العلوم والمعارف الإنسانية، وتبني مشروع ضخم كهذا - يتطلب إنفاقا مستمراً - أمر لا يقدر عليه إلا النفوس الكبار مثل الأمير سلطان. تقوم بإدارتها (مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع) وصدرت منها الطبعة الثانية وقد وجه سموه بتخفيض قيمة الموسوعة إلى 50 في المائة من سعرها السابق. 4) (مركز الأمير سلطان بن عبد العزيز الثقافي) حيث تكفل سموه بجميع تكاليف المركز في جامعة الملك سعود بهدف توثيق الصلة بين الجامعة والمجتمع. 5) برنامج سلطان بن عبد العزيز للتربية الخاصة: وهو برنامج أكاديمي متكامل أنشئ ليكون من البرامج الأكاديمية لجامعة الخليج العربي في دولة البحرين الشقيقة في إطار اتفاقية التعاون بين المؤسسة وتلك الجامعة، إلى إعداد متخصصين في مجال التربية الخاصة ودعم برامج التربية الخاصة. 6) برنامج سلطان بن عبد العزيز للدراسات العربية والإسلامية: برنامج أكاديمي في إطار اتفاقية التعاون التي تم توقيعها بين المؤسسة وجامعة كاليفورنيا بيركلي، وهذا البرنامج يدعم مركز دراسات الشرق الأوسط ويجعله المركز الأول من نوعه في أمريكا. وقد تم تقديم منحة علمية يتم بموجبها إنشاء (مركز مؤسسة سلطان بن عبد العزيز للدراسات العربية والإسلامية) وتشمل برنامج الأساتذة الزائرين وبرنامج زيارة العلماء وطلاب الدراسات العليا وبرنامج البحوث والندوات والمحاضرات العلمية، كما أن هناك برنامجاً مماثلاً في جامعة بلونيا في إيطاليا يهدف إلى دعم البحوث والدراسات الإسلامية في مجال اللغة والتاريخ والاجتماع وغيرها من المجالات الأكاديمية. وفي مجال خدمات الإسلام والمسلمين هناك الكثير من المبادرات التي قدمها سمو الأمير سلطان منها مبادرة سموه لدعم مسابقة الأمير سلطان لحفظ القرآن للعسكريين، ومنها المؤسسة الثقافية في جنيف، والمجلس الأعلى للمساجد في ألمانيا. 7) مبادرات مشاريع صحية حيوية: ومنها وحدة زراعة الكبد التي وفرها الأمير سلطان في مستشفى القوات المسلحة في الرياض والتي تعدّ الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، والتي اشتملت على أحدث الأجهزة التي كلفت الكثير في شرائها وتدريب طاقم سعودي للإفادة منها، وقد قامت هذه الوحدة بإجراء عشرات عمليات زراعة كبد من متبرعين أحياء، وتتكون هذه الوحدة من 14 غرفة فيها 28 سريراً تحتوي كل غرفة على سرير للمريض وآخر للمتبرع، وكل غرفة مجهزة بجهاز مراقبة يساعد المريض على متابعة حالته إضافة إلى المناظير والأشعة الصوتية. وعندما علم سموه أن أبناء منطقة نجران يتمنون إقامة مركز للكلى بادر إلى التبرع بكل تكاليف إنشائه. عندما افتقدت القصيم مركزا لقسطرة القلب بادر إلى التبرع بتكلفة إنشائه. كما أنه بادر لتبني مركز علاج الأمراض السرطانية، ومركز سلطان بن عبد العزيز لتنمية السمع والنطق. ومنها مبادرة «مركز الأمير سلطان لمعالجة أمراض وجراحة القلب»: تبنى الأمير سلطان هذه المبادرة الرائدة فتحول المركز الذي بدأ قسماً صغيراً في مستشفى القوات المسلحة بالرياض إلى أحد أكبر المراكز العالمية ذات التقنية المتميزة، وأصبح المركز بما يحتويه من إمكانات متميزة وكفاءات طبية عالية مقصداً للمواطنين الذين كانوا في ما مضى يضطرون للسفر إلى خارج المملكة بحثاً عن العلاج. كما أصبح عديد من الأشقاء والأصدقاء من خارج المملكة ينشدون هذا المركز الذي استطاع بما يحتويه من كوادر طبية سعودية عالمية المستوى والإمكانات الجبارة المتوافرة فيه إجراء عديد من العمليات العالمية النادرة. يهدف المركز إلى عدة أمور منها: تقديم العناية الوقائية والعلاجية والتأهيلية الخاصة بأمراض القلب لأفراد القوات المسلحة والمرضى المحالين للمركز، وتدريب الكوادر الوطنية من جميع الفئات في هذا الاختصاص، وإجراء الفحوص الطبية المتقدمة المتعلقة بالقلب، وإجراء البحوث العلمية بهدف دراسة الظواهر الصحية المتعلقة بأمراض القلب . 8) مشروع مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية للإسكان الخيري. ## آمال وطموحات مقدمة إلى مؤسسة العطاء الكبير منبع العطاء العظيم مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية، التي تدير هذا النشاط الرائد الذي تفرعت منه المبادرات النوعية من مؤسسات للدعوة والإغاثة ونشر العلم وتقديم الخدمات الإنسانية الطبية والبيئية والمادية. إن مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية لا تدخر جهداً في كلّ ما يخدم الفرد والمجتمع بتوجيه وإشراف من رئيسها الأعلى الأمير سلطان بن عبد العزيز، ومتابعة مستمرة من أمينها العام الأمير فيصل بن سلطان بن عبد العزيز وكل فريق العمل المتميز.. ولأننا نعرف تلك الرؤية الطموحة التي تتبناها المؤسسة» أن تكون صرحاً رائدا في تقديم خدمات إنسانية متميزة للمجتمع» ورسالتها المتميزة «مساعدة الناس ليساعدوا أنفسهم».. ولأننا جميعاً مبتهجون بعودة الأمير سلطان بالعافية والذي نعلم أنه يريد أن تنطلق هذه المؤسسة نحو آفاق أكبر من العطاء والنفع.. فإنني أحب أن أختم هذا المقال ببعض الأفكار والمقترحات التي يمكن أن تسهم في زيادة ثمار هذا الصرح الرائد والمتميز: مقترح (1): نشر الخبرة والمعرفة: الخبرة التي اكتسبتها مؤسسة الأمير سلطان الخيرية والكيانات التي انطلقت من رحابها.. علمٌ نافع يجب أن يُنشر، وتجارب ناجحة يجب أن تعمم ليستفيد منها كلّ باذل في أوجه الخير يريد البدء بشكل صحيح.. وهذا على مستوى الحكومات والشركات ورجال الأعمال محلياً ودولياً. مقترح (2): التحديث والربط الإلكتروني: تطوير موقع الإنترنت الخاص بالمؤسسة بطريقة تعكس حجم الإنجازات التي وصلت إليها اليوم، وكذلك المواقع التابعة لمشاريعها التابعة، والربط بين هذه المواقع كافة.. وتحديث ما فيها من معلومات وأخبار تسهم في عكس مكانتها وتزيد علاقتها بالمستفيدين والداعمين. كما أن مراكز الأمير سلطان المتنوعة.. طبية أو علمية أو إنسانية أو غير ذلك.. البعض منها لم يبرز حجم الدور والإنجاز الذي حققه بطريقة تمكّن المجتمع –أفراداً ومؤسسات- من دعمه وتقديره والتكامل معه.. لذا أقترح أن تقوم مؤسسة الأمير سلطان الخيرية بعملية ربط لجميع هذه المراكز بموقعها الإلكتروني الرئيس، إضافة إلى تبني إصدارٍ إلكتروني يسرد التجربة والإنجازات لكلّ مركز من هذه المراكز بطريقة توثق وتحافظ على المكتسبات. وهذا المقترح يُسهّل الحصول على المعلومات المتكاملة عن هذه المراكز والمشاريع لأي غرض نفعي عام. مقترح (3): فتح باب التعاون والتواصل مع فئات المجتمع: إعلان آلية واضحة لفتح باب التعاون بين المؤسسة بجميع مشاريعها وبين الفئات المهتمة كافة ومنهم: الباحثون، والداعمون، والمتطوعون، والجهات المماثلة خاصة أو خيرية من داخل السعودية ومن خارجها. كما أننا نرى أن هذه الخطوة مِن هذه المؤسسة الرائدة ستسهم أيضا في تعزيز مساحة العمل التطوعي في بلادنا الغالية. مقترح (4): دعم ثقافة العمل التطوعي: تبني تعزيز العمل التطوعي في بلادنا، ونشر ثقافة التطوّع.. وتطوير أنظمة العمل التطوعي وسياسات المتطوعين.. وبذل كل ما يمكن من جهد لتحويلها إلى ممارسات تُطبق بالتعاون مع كل الجهات المعنية في المملكة. ولا شكّ أننا جميعاً نعرف أن الكثير من المحافل والندوات والمؤتمرات قد أقيمت حول أهمية تعزيز القطاع التطوعي والأثر الاقتصادي لذلك في بلادنا.. إلا أن تطبيق توصيات تلك المحافل في حاجة إلى مؤسسة رائدة ومتمكنة مثل مؤسسة الأمير سلطان الخيرية لتحويلها إلى ممارسات في حياة القطاعات والأفراد. مقترح (5): مشروع تأهيل المتطوعين لمواجهة الكوارث: الأمير سلطان -بشخصه ومؤسسته- حاضرٌ عند إغاثة الملهوف ومساعدة المحتاج ومتابعة عمليات إغاثة المنكوبين نتيجة السيول في جدة بتوفير الإمكانات والمعدات.. كما كان ومازال حاضراً في مواقع كثيرة أخرى تحتاج إلى المحسنين من أمثاله - سدده الله. ولذا فإننا نقدم مشروعاً مقترحاً إلى مجلس أمناء المؤسسة الكرام، فكم نأمل من سموه ومنهم تبني مشروع علمي تطبيقي متكامل يُنفذْ في جميع مناطق المملكة لتأهيل المتطوعين في مجال مواجهة وإدارة الكوارث التي قدر البلاد لا قدر الله، وأنا على استعداد لتقديم مقترح متكامل لهذا المشروع - بإذن الله تعالى. مقترح (6): مشروع نشر ثقافة المبادرة وتكريم المبادرين: تبنّتْ المؤسسة عديدا من البحوث والمراكز البحثية والأكاديمية، وإنني أقترح أن تعتني مؤسستنا المباركة بدعم أبحاث ودراسات أو مركز متخصص لنشر ثقافة المبادرة في أوساط فئات المجتمع كافة، وهذه الثقافة هي التي ستُسهم في دعوة كلّ فرد إلى تحمّل المسؤولية بشكل أكبر والتوجه نحو الإنجاز وتحقيق الأهداف دون أن ينتظر التوجيهات ودون أن توقفه العوائق والعقبات. ومن واقع الاختصاص والممارسة فأنا على استعداد للتعاون مع مؤسسة الأمير سلطان الخيرية لتحويل هذه الفكرة الريادية إلى واقع يعود بالأثر المبارك في مجتمعنا الكريم. مقترح (7): التعاون مع الغرف التجارية وإدارات خدمة المجتمع: بناء وتبني وإطلاق مشاريع اجتماعية وإنسانية وثقافية مشتركة من خلال الغرف التجارية وإدارات المسؤولية الاجتماعية وخدمة المجتمع في كبرى الشركات العاملة في السعودية. مقترح (8): التكامل مع المراكز الأخرى مثل مراكز الأمير سلمان: وضع آلية عامة ومدروسة بعناية لتتولّى مؤسسة الأمير سلطان الخيرية بموجبها زِمام تحقيق التكامل مع جميع المراكز والجهود والمبادرات المماثلة لأصحاب السمو أو المحسنين. ولا شكّ أننا نفخر في هذا البلد بكثير من المبادرات التي منّ الله بها علينا على يد أصحاب السمو، ولعلنا نستشهد فقط بجهود ومبادرات الأمير سلمان الذي رافق الأمير سلطان وشاركه الفكر والروح.. وسعد الشعب بعودته كما سعد بعودة الأمير سلطان. فمن مبادرات الأمير سلمان، حفظه الله، مركز -الأمير-سلمان-الاجتماعي ومركز الأمير سلمان لبناء القادة ومركز الأمير سلمان للإدارة المحلية ومركز الأمير سلمان الرياضي وغيرها. ولا شكّ أن التعاون والتكامل سيحقق المزيد من النجاحات والثمار لهذه الكيانات. مقترح (9): نقل تجربة «سايتك» إلى الرياض وجدة: إنشاء مراكز نوعية تسهم في تعميم التجارب الناجحة للمؤسسة داخل السعودية وخارجها، مثل نقل تجربة «مركز سلطان بن عبد العزيز للعلوم والتقنية (سايتك)» إلى جدة بالتعاون مع جامعة الملك عبد الله ورجال الأعمال في المنطقة الغربية.. ولاسيما أن هذا المركز يستهدف الجيل الصاعد وينشر العلوم العصرية وهو ما نحن في حاجة ماسة إليه. ## كلمة الختام: لا شكّ أن أي كاتب سيعجز عن مواكبة نجاح وتطلعات هذا الرجل العظيم سلطان الخير.. ومؤسسته الخيرية الرائدة.. ولاسيما أنه قد حقق أهمّ أدبيات المبادرة التي تنص على المسارعة وتحمل المسؤولية واتخاذ خطوات البدء والانطلاق والاستمرار بنجاح وحماس حتى النهاية. سائلين المولى تعالى أن يمنّ على سموه بخالص العفو والعافية والصحة، ويمنّ على أبنائه الكرام وقادة مؤسسته النافعة بالسداد والأجر في الدنيا والآخرة.
إنشرها