Author

خالد الفيصل: «يا مهند لا تنسَ أني أخوك»

|
.. من أجمل أنواع الشعور بالسعادةِ، عندما تعبر عن امتنانك لأشخاصٍ قدموا لك يدَ الدعم للتقدم والمضي في طريق تحقيق أهدافك، ومن أجمل أنواع التعابير التي تنقل شعورَكَ الطاغي بالسعادة وأنت تحقق حلما أن يكون من أكبر الواثقين بك هم أكثر من تتمنى أن تكتفي فقط بالالتقاء بهم يوما ولو عرَضا، فإذا الأماني تتحقق واقعا أكبر من مدى الأحلام. هذا كان شعورُ الشاب السعودي العصامي المبتكر «مهند أبو دية» الذي يدرس الآن هندسة الفضاء في «جامعة الملك فهد للبترول والمعادن»، ويصف نفسَه بأنه سيكون، بإذن الله، أول مهندس فضاءٍ كفيف في العالم، شعوره وهو يرى يداً تشدّ على يده، يدٌ كانت له أكبر دافع لمزيدٍ من الإنجاز، وما زال قلبه يدق فرحا كلما استدعى تلك اللحظة، اللحظة التي وقف فيها أمام الأمير «خالد بن فيصل بن عبد العزيز». وصلتني منه هذه الرسالة وأنقلها بتدفقها العفوي مع أن «مهند» طلب مني ـ كما قال ـ تهذيبه ا، ولكني رأيت أن ذلك سيفسد طزاجتها، فالشعور التلقائي مثل زهور خزامى الصحراء ينبت طبيعيا من روح المطر وضمير الأرض. أترككم مع رسالة مهند: «السلام عليكم عم نجيب:دُعيتُ يوم العاشر من سبتمبر الماضي 2009م من قبل الأستاذ حمد العماري الأمين المساعد لمؤسسة الفكر وذلك لإلقاء كلمة تحفيزية عن قصة إنجازي وذلك أمام نخبة من الشباب العرب في الجلسة التحضيرية لمؤتمر «فكر- 8». استأذنتهم قبل هذه الكلمة بخمسة أيام في أن أدشن في نفس الجلسة أول منتج لي وهو حقيبة (كيف تكون مخترعا؟) التدريبية, رفضوا ذلك بحجة أن هذا التدشين ليس من برنامج الجلسة المتفق عليه لدى الإدارة , فأرسلت لهم نسخا من هذه الحقيبة التدريبية عبر البريد السريع لعلها تعجبهم، ولعلي أحظى بشرف أن تُدَشّن هذه الحقيبة بحضور الأمير بندر بن خالد الفيصل. وعندما وصلت إلى بيروت في التاسع والعشرين من سبتمبر سمعت المفاجأة الأولى وهي أن الأمير « خالد الفيصل» والأمير «بندر بن خالد الفيصل»، اطلعا على الحقيبة التدريبية وأعجبا بها كثيرا وهما متحمسان لمقابلتي، وأمرا بإدراج تدشين الحقيبة كإحدى فقرات الجلسة. وعندما جاء يوم الخميس الأول من أكتوبر وهو يوم الجلسة التحضيرية الشبابية وتدشين منتجي وإلقاء كلمتي القصيرة، سعدتُ بالمفاجأةِ الثانية التي هي أن كلمتي القصيرة سوف يحضرها والدي صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل والأمير بندر بن خالد الفيصل، وكذلك أبي الغالي الأستاذ «جبريل أبو دية» الذي قد حضر من الرياض خصيصا لحضور هذه الكلمة. كنتُ مرتبكا كيف سأبدأ هذه الكلمة التي أود أن تشعل حماسة الحاضرين، وترفع مشاعرهم إلى أعلى المستويات، فاستشرت الأستاذ «سعيد عاطف سعيد» رئيس مركز المواهب الوطنية للتدريب قبل الكلمة بمدة قصيرة عن اقتراحاته لهذه الكلمة فقال لي: «افعل أي شيء يجعل الحاضرين يشعرون بما تشعر به «, وبعد أن ذهب برقَتْ في ذهني فكرة أن أطلب من مرافقي «بسام البحرة» أن يطفئ الإضاءة في أول دقيقة من كلمتي, هذا ما حدث فعلا, فبمجرد أن صعدت على المسرح تم إطفاء جميع الأنوار بشكل مفاجئ، لأبدأ بتمثيل مشهد استيقاظي من الغيبوبة بعد الحادث الذي جرى لي لأجد أنني لم أعد أرى, بعد أن أشعلتُ الحزن والتأثر في قلوب وعيون الحاضرين، طلبت أن تتم إضاءة القاعة مرة أخرى لأبدأ بحكاية قصة الوصول إلى الضوء في آخر النفق، والذي داومت في البحث عنه خلال سنوات عمري. بعد انتهاء كلمتي قيل لي إن الأمير «خالد الفيصل» كان أول من وقف يصفق بحرارة وعيناه تدمعان مما جعل جميع الحضور يقفون مثله في مشهد رائع. وبعد ذلك مباشرة نزلت من المسرح كي أقدم أول نسخة من الحقيبة التدريبية كهدية إلى الأمير خالد الفيصل، الذي صافحني بحرارة وقال لي عدة كلمات أبوية ، لم أسمع منها سوى: « يا مهند لو احتجت في أي وقت لمن يقف معك, فلا تنسى أنني أخوك!»,هذا الحنان الذي أشعرني به جعلت دموع الفرحة تطل بعيني، وخاصة بعد أن صافحي الأمير «بندر بن خالد الفيصل» ووعدني بأن يأخذني في رحلة بطائرته الصغيرة التي يقودها، والتي تتسع لراكبين فقط كمكافأة لي في حال إنجاز تحدي تخرجي من جامعة البترول كمهندس طيران وفضاء ,لا أعرف كيف أروي مشاعري في ذلك اليوم، خاصة أن بعض مرافقي الأمير خالد الفيصل أخبروني بأنه قد نوّه عني في اجتماعاته الأخرى بذلك اليوم. المسؤولية الملقاة على عاتقي الآن ألاّ أخذل الذين رأوا في قصتي ما لم أتمكن من رؤيته، كما أتمنى أن أصل مرة أخرى إلى الأمير خالد الفيصل لكي أخبره بمشاريعي القادمة لنشر ثقافة الابتكار.. فما زلت أحتاج إلى من يقف معي للوصول إلى الضوء في آخر النفق».
إنشرها