Author

اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات.. هل لها ضرورة؟

|
الواقع أن اللائحة التنفيذية لم تقف عند نكْثِ النظام حول موضوع ضبط القضية لدى حاكمها.. بل راحت سَرَفاً تتنكب نصوصاً أخرْ وردت في النظام.. صادِفةَ عما أوردته من دلالات وأحكام .. فقد تمادى صائغوها إلى وضع نص، تبدت معه الجهة التنفيذية التي أصدرتها.. وكأنها حَبَتِ لنفسها سلطة سنّ أو إصدار قواعد تشريعية (نظامية) لم يأت بها نظام المرافعات.. بل وتزدري نصوص نظام آخر ما وَنَى سارياً.. أي أن واضعيها لم يدركوا – مع الأسف - أن نصاً كهذا ينطوي على اغتصاب لسلطة التشريع (إصدار الأنظمة) usurpation de pouvoir legislatif التي هي مقررة شرعاً لولي الأمر وليس غير.. ناهيك عن المضرة التي أورثها نص اللائحة (الجديد) بأصحاب القضايا.. وهذا ما سنراه في السطور التي تلي: (ب) الفقرة (2) التي ألحقتها اللائحة بالمادة (208) من النظام: - إن من يتدبر قواعد الحجز التحفظي التي نصت عليها (المواد من 208 إلى 215)، من نظام المرافعات.. يستبين له دون عناء أن الأحكام التي أوردتها هذه المواد تتعلق كلها بالحجز على المنقول.. فهي لم تتطرق إطلاقاً لا بالعبارة ولا بالإشارة ولا بدلالة نصوصه إلى موضوع الحجز على العقار،.. كما أن المادة (265) من نظام المرافعات الساري لم تذكر المادة (198) كواحدة من المواد التي ألغيت من نظام تركيز المسؤوليات.. الصادر عام 1372هـ، بل هي لم تُنْسخ ضمنا من نظام المرافعات الجديد بنص مُضَادّ كما هو الحال في المادة (62) التي أتت بقاعدة مغايرة.. لما ورد من أحكام حول ضبط القضايا في المادتين (108)، (110) من نظام تركيز المسؤوليات،.. ومن يروز نص المادة (198) يدرك دون عناء أنه حدد شرطاً لمنع انتقال ملكية العقار المتنازع عليه.. فهو يقول (على كاتب العدل أن يمنع نقل ملكية العقار طالما أثبت المعترض على هذا الأمر وجود دعوى قضائية له مثارة ينازع فيها المالك الحالي)،.. لكن ما لا يغرب عن الذهن هو القول بأن.. القاضي - ناظر القضية – يحوز شرعاً - (ومن باب أولى) عين السلطة التي حباها نص هذه المادة.. لكاتب العدل، إذ له الأمر من قبل حول هذا.. ومن بعد.. فهو حاكم القضية.. ومن ثم هو الذي يقرر ما تلزم به قواعد العدالة حفاظاً على حقوق الأخصام.. وعليه فإن الشرع يظاهره حول سلطته هذه فيستطيع منع انتقال ملكية العقار إذا كان مثار نزاع،.. (لكن ما يجدر التذكير به، هو أن المقصود بانتقال الملكية هنا هو توثيق أو إشهار نقل الملكية باستصدار صك بهذا من كاتب العدل أو تهميش منه لصك ملكية البائع.. على وجه يثبت انتقال الملكية... (ogra omnes) فيغدو بذلك حجة في مواجهة الجميع.. وقد جرى العرف على إطلاق كلمة إفراغ على هذا الإجراء). - أول ما نلاحظه في هذا النص أنه ألزم كاتب العدل بمنع نقل الملكية أي (منع الإفراغ).. نقول.. ألزم بذلك.. ما إن يثبت طالب المنع وجود دعوى مثارة أمام القضاء ينازع رافعها في ملكية المالك الحائز.. وهذا يعني أنه لم يُسْدِ سلطة تقديرية لا لكاتب العدل ولا للقاضي الذي يأمر بالمنع حول هذا.. إن تطلب الأمر ذلك.. ونلاحظ هنا أيضاً أنه لم يشترط على طالب المنع تقديم ضمان مالي أو كفيل غارم. - ومع هذا فإننا نرى اللائحة قد أضافت من عندها (رغم عدم جواز ذلك شرعاً) حكماً جديداً أورث إبهاماً وإرباكاً... بل أخطاءً لا حد لها.. حول منع انتقال ملكية العقار (أي توثيق أو إفراغ صك ملكية العقار) أثناء سريان الخصومة عليه.. فالفقرة (2) من اللائحة التي ضُمت – كغيرها من فقرات اللائحة - إلى المادة 208 من نظام المرافعات.. – هذه الفقرة أضافت حكماً يقول (إذا كان المتنازع عليه عقاراً وقد أقيمت فيه الدعوى فللقاضي بناءً على طلب الخصم أن يوقف نقل الملكية وما في حكمها إذا ظهر لذلك ضرورة). والواقع أن هذا النص جعل منع نقل ملكية العقار (أي منع إفراغه) المتنازع عليه أمراً حوله ظنون.. بل إنه إنجاب عن أمر فيه عجب.. وهو أن يكون المنع من عدمه خاضعاً لما يرتئيه ناظر القضية، ومن هنا... قد يأتي الاعتساف.. وهو ما قد يورث الحيف بأحد الأخصام.. ناهيك عن أن لا ضرورة لهذا النص ولا معنى.. بل ولا سبب.. هذا إذا عرفنا أن النص الوارد في المادة (198) من نظام تركيز المسؤوليات لم يتغشاه.. أي إبهام في معناه حول هذا الأمر.. وإذا عرفنا أيضاً أن منع انتقال ملكية العقار (أي منع الإفراغ) أثناء سير الخصومة لن يضير أحداً.. فاقتصار المنع على (إفراغ العقار).. يعنى أن الحجز ليس كاملاً شاملاً لملكية العين.. وما يتبع ذلك من سلطات حباها الشرع للمالك.. فهو لم يثْنِ المدعى عليه (حائز العقار) أو المالك الظاهر، عن بيعه إلى آخر بأوراق عرفية (أي عادية)، بل هو أيضاً يستطيع استغلاله وأخذ ريعه ولن يُلزم برده للمدعي منذ بدء القضية حتى انتهائها.. إلا إذا ثبت أنه غير مالك. - نقول.. أضافت اللائحة التنفيذية حكماً جديداً لا ضرورة له ولا معنى له.. بل إن إضافة حكم جديد إلى نظام المرافعات.. هو ثلمٌ له ينطوي على تعديل.. وهذا الأمر لا يسوغ إلا بصدور مرسوم ملكي.. لذا فإن الإقدام على هذا دون مرسوم.. أمر باطل في الشرع والقانون. - دليلنا على ما ذكرنا من وجود إضافة أو تعديل.. هو أن من يتدبر هذا النص يلاحظ فيه ما يلي: (1) إن نص اللائحة التنفيذية هذا.. يَشي بأنها بَهِلَتْ أو تعامَهَتْ عن نصوص النظام.. إذ إن نصها يتكلم عن الحجز على العقار – كما ذكرنا -، بينما النظام لم يتطرق إلا إلى قواعد الحجز التحفظي على الأموال المنقولة..، وبهذا يُعدَ ما أتت به اللائحة التنفيذية ضرباً من التشريع في أمر جديد.. لذا فهو باطل.. وبطلانه مطلق.. بل إن هـذا البطلان قد بلغ حدا – بسبب ضم هذه الفقرة للمادة (208) – جعل فقهاء القانون وعلى رأسهم ينـزعون مجمعين إلى القول بأن بطلاناً كهذا، إذا اعترى نصاً على هذا الوجه،.. فإنه يعدمه من الوجود.. أي يغدو النص وكأنه غير موجود inexistant.. وقد ابتدع نظرية عدم الوجود هذه الفقيه الفرنسي العظيم (لافرييرLa Ferriere) في مبسوطه للقانون الإداري، فهو ومن سار في ركابه من الفقهاء نزعوا إلى اعتبار إدراج نص جديد في النظام بقرار وزير ودون صدور مرسوم ملكي.. يعد من ضـروب الاغتصاب للسلطة التشريعية usurption de pouvoir legislatif التي حباها النظام الأساسي لهذه الدولة فقط لولي الأمر.. أي من هو على رأس هذه الديار.. بينما وزارة العدل هي محض إدارة من إدارات.. السلطة التنفيذية للدولة.. ومن ثم فإنه لا يسوغ لها أن تستبيح أو تجترئ على القيام بأمر كهذا، فبطلان هذا القرار يراه بلغ شأواً يعدمه من الوجود.. ومن ثم لا يكتسب أي حصانة تجعله بمفازة عن الطعن فيه بمضي المدة وهي في قانوننا 90 يوما. (2 ) - إن ما أتى في ذيل نص هذه الفقرة أورث آثاراً جد بائرة على العدالة.. فهو قد أسدى للقاضي سلطة تقديرية لإجراء الحجز التحفظي على العقار.. الأمر الذي يعنى أن هذه الفقرة من اللائحة قد أهدرت نص المادة 198 من نظام تركيز المسؤوليات، التي ألزمت.. نقول.. ألزمت بمنع نقل ملكية العقار، ما إن يثبت المعترض على انتقال الملكية وجود خصومة ينظرها القضاء بدعوى آثارها هو على المالك الحائز.. (والإلزام هنا يسري بالبداهة على القاضي.. ناظر القضية.. إذا ما طلب (المدعي الذي ينازع فيه - منع إشهار نقل الملكية (الإفراغ) حتى انتهاء الخصومة) فالنص يقول (على كاتب العدل التوقف عن نقل ملكية العقار... إلخ، والكل يعرف أنه لا يجوز لا شرعاً ولا قانوناً أن تتزاور لائحة عن النظام. (3) السلطة التقديرية هذه،.. التي أُسْدِيتْ للقاضي نكْثاً للنظام المذكور.. أوجدت لبعض القضاة براحاً كي يعتسف ضراراً بالمدعي من الأخصام عند ممارسته لسلطته التقديرية.. فهناك من يرى - إذا طاب له الأمر – عدم وجود مبرر للحجز التحفظي..... ولا أحد يقوى على الطعن في قراره هذا.. لأن سلطته التقديرية تعد مسألة موضوع question de fait.. من ثم فهي تخضع لنظر القاضي وما يراه.. أي أنها لن تكون خاضعة لنظر ومراجعة قاضي التمييز.. فهذا الأخير لا يراجع طبقاً لما استقر عليه الفقه والقضاء إلا فيما فيه مخالفة لقواعد القانون والشارع.. وهو ما يطلق عليه فقهاء القانون مسألة شرع أو قانون question de droit.. كل هذا يعنى أن قرار القاضي بالرفض في هذه الحال والذي لا يخضع لرقيب.. هو محض سماح مقنع للحائز المدعى عليه كي يهرّب العقار ضراراً بخصمه.. بينما الدعوى ما ونَتْ مثارة.. بل رأيت بعضهم يوغل - بسبب وجود هذا النص - أحياناً في حيفه ومحاباته للحائز المدعى عليه.. فيتعامس حتى عن حقائق ثابتة.. ومن ثم فهو يصر مثلاً على عدم وجود مبرر للحجز.. هكذا.. رغم إثبات المدعي بيْعَ ذلك الحائز وإفراغه لعدد من العقارات المدعى بها.. أثناء سير الدعوى..، والبعض الآخر يُصِر - قبل اتخاذ قرار بمنع انتقال ملكية العقار - على إلزام المدعي طالب المنع بتقديم (ضمان مالي يُحجز في حساب مصرفي).. بل ويشترط أن يضاهي مبلغ الضمان قيمة العقار بكامله..، وطالبُ المنع لا يقوى في غالب الأحوال على هذا.. لأن الغلبة الغالبة من الناس لا تقوى على ذلك خاصة إذا كانت قيمة العقار تُضَارع 500 ألف أو أكثر.. ناهيك عن أن تقديم الضمان المالي لا مبرر له ولا ضرورة.. إذ لا مخافة على المحجوز عليه من الأمر إذا كانت دعوى المدعي كيدية.. فمنع نقل الملكية (أي الإفراغ) أثناء نظر الدعوى، والذي سيحمى حق المدعى إذا كان ادعاؤه صحيحاً -.. هذا المنع لا يَغِلُّ يد المالك الحائز عن ممارسة السلطات التي حباها له حق الملكية.. ولو كان ظاهراً - فهو يستطيع بيع العين بأوراق عرفية.. صحيح أنه لن يكون حجة على المدعي إن صدر الحكم لصالحه.. إلا أنه لا يُذْهِبُ فرصة بيعها على المالك الحائز في حال فوزه بحكم يؤكد ملكيته.. كما أن المنع هذا لا يَغْلُّ يده عن استغلالها كي تريع عليه.. أي لا تفوت عليه أي مصلحة عندما يكون الحكم لصالحه.. بل إن مصلحته لن تُضار في هذه الحال حتى لو حُجز على ريع العقار، ولكن والحق يقال إن هناك من القضاة من يأبى تطبيق هذه الفقرة من اللائحة.. وأذكر أن قاضياً بمحكمة الطائف هو الشيخ عبد المحسن المسعد.. فرض منعاً للإفراغ على أرض عليها نزاع.. تضارع قيمتها ما يفيض على ثلاثة آلاف مليون ريال.. فقد ـ حباه الله ـ ملكة فقهية ونزاهة نأت به عن أن يكون رخيصاً يبيع قضاءه.. فهو قد اعتبر نص الفقرة (2) من المادة (208) وكأنه غير موجود لمخالفتها المادة 198 من نظام التركيز، أي أنه أخذ بنظرية (انعدام وجود النص في هذه الحالة).. رغم أنه لم يطلع على نظرية لافريير.. فالقانون الإداري لا يُدرس مع الأسف في قسم الفقه المقارن بمعهد القضاء العالي، الذي يعين خريجوه قضاة. - كذلك هو الأمر لو صدر الحكم لصالح المدعي الذي نازع في ملكية العقار، فهو لن يُضار، لأن منع انتقال الملْك.. (الإفراغ) يحميه حتى ولو باعها المدعى عليه بأوراق عرفية.. فالبيع – كما ذكرنا - لن يكون حجة في مواجهته.. كما أنه يستطيع أن يطالب القاضي كي يأمر بالحجز التحفظي – حماية لحقوقه التي قد يحكم بها القضاء له - على الإيجارات طبقاً للمادة (210) من نظام المرافعات فهي مال منقول.. ناهيك عن أن الإتيان بكفيل غارم في حال الحجز على الإيجارات - كما ألزمت بذلك المادة (215) من نظام المرافعات – لن تحول دونه عثرات أو صعاب.. فالغلبة من الناس لن يلوذ بأعذار كي يكفل حقا في التعويض عن مضرة حدوثها تعتريه ظنون.. كتلك التي قد تحل بالمحجوز عليه إثر حرمانه من الإيجارات مدة معينة - خاصة أنها لن تذهب عليه فهي ستظل ثاوية – في حِرْز بالمحكمة.. أو لدى حاكم القضية - بسبب حجزها طبقاً للمادة (210) -.. وحتى ولو زعم صاحب العقار – المدعى عليه - أنه قد حُرِمَ مؤقتاً من الإيجار.. فإن خساراته التي قد يدعيها هنا هي رجْمُ بالغيب (كفوات صفقة لبيع العقار بسبب الحجز على ريعه مثلاُ أو عن استثمار الريْع نفسه).. الأمر الذي قد لا يلزم الكفيل بتعويض من يدعي الضرر طبقاً لقواعد الشريعة.. فهي لا تُعوض عن الفرص الذاهبة.. باعتبارها ضرراً غير مؤكد،.. لذا فإنها لن تكون دافعاً لجفول المرء من الإقدام على هذه الكفالة.. أما إذا كان العقار قطعة أرضٍ لم تستغل.. فإن إحضار ضمان مالي لا ضرورة له ولا معنى، لأن مكوث الأرض بعد منع بيعها أثناء المرافعات لن يضير المالك المدعى عليه.. ولا عجب هنا،... إذ إن قيمتها في الغالب سترتفع مع بقائها،.. ثم حتى لو لبثت قيمتها على حالها فإنه لن يضار بمنعه من بيعها.. كما أن المضرة التي قد تأتي من ذهاب فرصة لبيعها هي أمر حوله شبهات ولا يقبل الشرع التعويض عنه – أما في حال نَزْعِ جزء منها للصالح العام أثناء سير الخصومة.. فإن التعويض سيظل بالبداهة لدى إدارة أملاك الدولة بوزارة المالية حتى يقطع القضاء بحكم يحدد فيه المالك الحقيقي للعقار. (4) - لم يقف بوارُ الآثار التي تحدرت من هتك اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات - إثر إلحاقها أو ضمها للفقرة (2) للمادة (208) -.. إلى هذا الحد.. فالإرباك والصعاب والعنَتَ الذي يُضار لا شك به طالبو إيقاف نقل ملكية العقار (الإفراغ) - بسبب وجود خصومة – ذهب أجوازاً بعيدة... بسبب الفقرة (2) من اللائحة.. دليلنا على ما نقوله هنا هو الآتي: إن السابر لنص المادة (215) من هذا النظام يلفيه قائلاً ما يلي: (إلزام طالب الحجز التحفظي أن يقدم إلى المحكمة إقراراً خطياً من كفيل غارم صادراً من كاتب عدل يضمن جميع حقوق المحجوز عليه وما يلحقه من ضرر إذا ظهر أن الحاجز غير محق في طلبه).. وأول ما نلحظه في هذا النص أنه جاء عاماً في فحواه عند كلامه عن حقوق المحجوز عليه.. – إذ قال: إلزام طالب الحجز التحفظي... بإحضار كفيل.. يضمن جميع حقوق المحجوز عليه.. والبداهة تقول.. إن المراد بالحقوق التي يجب ضمانها في هذه المادة.. هو المنقول (أي ريع العقار المالي) .. الذي يتم الحجز عليه.. وأيضاً التعويض عن المضرة التي قد تنجم عن حجزه إن خابت دعوى المدعي.. لأن النظام كما ذكرنا مراراً لم يتكلم إلا عن المنقول.. ولكن إذا عرفنا أن المادة (208) قد غدت شاملة للعقار بسبب الفقرة (2) التي أضافتها أو أدغمتها اللائحة..، ونظراً لأن التسلسل المنطقي للأرقام يجعل نص المادة (215) يأتي بعدها.. فإن العقار أمسى بهذا من الأموال (أي الحقوق) التي يمكن الحجز عليها طبقاً للنظام (رغم أنه في الحقيقة لم يتكلم إلا عن المنقول).. وعليه فإن هذا بدوره وسَّع في مدى السلطة التقديرية المسداة للقاضي في الفقرة (2).. فنصها العام حول مدى السلطة التقديرية يجعلها مطلقة حول ما يراه من ضرورة.. الأمر الذي يجعله فعَّالاً لما يريد حول هذا – وعليه فإنه لا حائل في هذه النص يحول بينه وبين إلزام طالب منع نقل ملكية العقار من الأخصام.. إحضار كفيل بدلاً من إحضار ضمان مالي،.. بل إن بعضهم يجنح إلى الإلزام أن تكون كفالة الكفيل شاملة لكل قيمة العقار.. وليس فقط ما يتحدر عن الحجز من ضرر.. كل هذا يؤكد قولنا بأن هذه الفقرة من اللائحة التنفيذية قد غدت وبالاً على العدالة في دعوى محلها عقار. - قصارى القول.. هو أن لائحة تنفيذية لقانون (نظام) المرافعات الجديد لا ضرورة لها.. وقد نادى بذلك بعض أعضاء مجلس الشورى، ومهما يكن من أمر.. فإن كان مجلس الشورى قد صوّت على بقاء البند الذي أورده مشروع قانون المرافعات والخاص بصدور لائحة تنفيذية له.. فإني أرتجي من الجهة التي يوكل إليها القانون (النظام) صياغة اللائحة التنفيذية كوزارة العدل أو رئاسة المجلس الأعلى للقضاء.. أن تعهد بصياغتها إلى مستشارين في وزارته لهم خبرة بهذا الأمر.. وحبذا لو أستأنسوا بآراء نفر من كبار المستشارين المتقاعدين الذين عملوا في مجلس الدولة في مصر.. فهم مشهورون بعلوّ كعبهم في هذا المجال.. ولا غرو.. ففي ذلك المجلس قسم خاص يحول إليه صياغة القوانين واللوائح.. فاحتياط كهذا سينأى باللائحة عن العثرات التي تردت فيها اللائحة الحالية التي أدغمت في نظام المرافعات الساري الآن.
إنشرها