Author

لماذا تتعثر بعض مشاريعنا الخدمية؟

|
هو سؤال صغير .. غير أن إجاباته تتعدد بتعدد ألوان الطيف، ما بين ضعف إمكانات بعض المقاولين .. إلى تعدد المشاريع التي يتم تلزيمها للمقاول الواحد فوق إمكاناته الفنية، إلى خلل نظام المناقصات واستناده إلى الأقل عطاء على حساب كفاءة التنفيذ .. إلى تأخر صرف بعض المخالصات .. إلى غير ذلك. هناك عديد من المشاريع التي اعتمدت لها ملايين الريالات في طول البلاد وعرضها، لكن بعضها يُعاني البطء في التنفيذ، فيما بعضها الآخر يعاني التوقف أو شبه التوقف، وبجولة أفق سريعة على الأسباب الموضوعية لهذا التأخير في التنفيذ، وتجاوزها مدد العقود المبرمة .. نجد أننا في مواجهة جملة من الأسباب التي يجب أن يتم تفكيكها ومعالجتها كل على حدة، فمن المعلوم أن نظام المناقصات لا يزال يعمل بنظام الأقل عطاء .. حيث تتم ترسية المشروع على صاحب العطاء الأقل، رغم أن هذه القاعدة وإن كان مبررها الحصول على أرخص الأسعار حفاظا على المال العام، إلا أنها لا تعني بالضرورة أنها القاعدة الأمثل، إذ كثيرا ما تتعثر بعض المشاريع بسبب أنها أسندت إلى مؤسسات أو شركات تثبت التجربة ضعف أدواتها ومقدرتها الفنية على التنفيذ، ما يستدعي بالنتيجة سحب المشروع وتلزيمه مقاولا جديدا مع ما يترتب على ذلك من تفاقم الأموال المصروفة عليه .. أو على الأقل خضوعه للترميم بعد فترة وجيزة من إنجازه بسبب سوء تنفيذه، وكان الأجدر ألا تتم ترسية أي مشروع إلا على مقاولين قادرين لديهم من الاستعدادات والإمكانات الفنية ما يستطيعون أن يتصدوا به لتلك المشاريع التي يلتزمون بها ضمانا لجودة التنفيذ، ومدّ أمد العمر الافتراضي للمشروع .. أيضا هناك مشكلة تتصل بجشع بعض المقاولين، وحرصه على الدخول في كل إعلان عطاء، حيث تتعدد المشاريع التي ينفذها في وقت واحد، رغم أن إمكاناته لا تتسع لكل تلك العطاءات التي تقدّم لها، ما يجعله ينقل معداته من مشروع إلى آخر كلما تعالت الأصوات هنا أو هناك تطالبه بسرعة التنفيذ، ولو كانت هناك وحدة مركزية تابعة لوزارة البلديات، تراقب عمليات التلزيم والترسية، بحيث لا يُمكن إصدار رخصة لأي مقاول للبدء في أي مشروع جديد إلا بعد التأكد من عدد المشاريع التي ينفذها في الوقت نفسه، ومقارنتها بإمكاناته الموجودة على قاعدة معلومات دقيقة معلومة سلفا للوحدة المركزية المعنية في الوزارة. وحتى لا نبدو كما لو أننا نتحامل كثيرا على المقاولين دون سواهم .. فإننا نتفهم أيضا أن ثمة أسبابا للتعثر تأتي بسبب جهة العطاء أحيانا، التي قد تدفع بعض العمليات الإجرائية فيها إلى تأخير صرف مستحقات بعض المقاولين وفق الجداول المتفق عليها في العقود، ما يحول بينهم وبين إنجاز ما التزموا به في الوقت المحدد، هذا إلى جانب بعض التدخلات في تعديل مسار التنفيذ، أو استبدال بعض الشروط والمواصفات الفنية في العقد الأصلي للإفادة من فائض الأموال المخصصة لها لتنفيذ أعمال طارئة، يرى المهندسون المشرفون أنها أكثر أولوية. من هنا ومع ازدياد حالات التعثر والتأخير في غير منطقة، ولأسباب مختلفة، فإننا ننادي بضرورة إعادة فتح ملف المشاريع المتعثرة، عن طريق تبني وزارة الشؤون البلدية والقروية دراسات جادة ومهنية بالتضامن مع الجهات ذات العلاقة، لدراسة تلك الأسباب، وقبلها إعادة النظر في نظام المناقصات القديم، ووضع الضوابط والأطر التي تمنع حدوث مثل هذه المشكلات، وتتجاوز المعوقات القائمة بديناميات متحركة وموضوعية، لا تتخلى عن الضوابط، لكنها لا تقف في صف الجمود والبيروقراطية، وتحفظ حق الجهات .. كما تحفظ حقوق المقاولين، وتمنع تعدد المشاريع لدى المقاول الواحد بما يفوق إمكاناته. إن معالجة هذه المسألة، لا توفر الوقت لتنفيذ الالتزامات في مواعيدها المقررة وحسب، وإنما توفر المال أيضا، خصوصا في ظل تذبذب أسعار المواد الخام من وقت إلى آخر، ما يضر بحق الجهات أحيانا والمقاولين أحيانا أخرى.
إنشرها