Author

جامعة الملك سعود: نحن نتعافى

|
مؤمن بأن المملكة لا تنقصها للتحليق في سماء التطور إلا الحرية المالية و''الإرادة'' و''الإدارة''. لا ينقصنا مال، ولسنا بلهاء. نحتاج إلى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب بالحرية المسؤولة وسنجني روائع يتغنى بها أبناؤنا إن لم يسعفنا الوقت على الفرح بها. ما يحدث في جامعة الملك سعود حاليا يثبت ذلك ويحمل بشائر خير تعد بالخيرات. بالإدارة والإرادة، فتحت جامعة الملك سعود الآفاق وشقت الطريق لأن تكون علامة فارقة في خريطة الحراك التنموي الذي تعيشه المملكة اليوم. فها هي المشاريع العملاقة تستوعبها الجامعة، وها هي التبرعات المالية تتدفق في شرايينها, وها هي فسائل المستقبل المشرق تغرس في جنباتها. وإشارات المحافل العالمية تحمل إرهاصات تدعو للتفاؤل، فمراكزها تتغير باستمرار نحو الأفضل في أي تصنيف يضعها تحت المجهر. التصنيف الأخير الصادر من موقع التايمز لبنة إضافية تعضد وجهة سير الجامعة. غني عن البيان أن ذلك الترتيب وغيره ليس هدفا في حد ذاته نحط رحالنا لحظة صدوره, فالترتيب مجرد ''أشعة'' مقطعية في لحظة زمنية محددة تعطي معلومات عن صحة الجسم. ومن ثم، فالمفترض إذا كانت نتائج الأشعة سليمة المواصلة في السير الدؤوب في الاتجاه ذاته. التحرك من مركز 3000 إلى أفضل 300 جامعة في التصنيف الإسباني، وتقدمها جميع الجامعات العربية في موقع تصنيف التايمز، تعني أن هناك جهدا بشريا هائلا لاختزال تلك المسافات الضوئية، خاصة أنها تمس ''إحياء'' جسد أوشك على الموت ليصل اليوم إلى درجة تعاف مذهلة مقارنة بالوقت المستغرق، والحالة التي كان عليها. نعم، إن هذه الإصدارات العالمية المصنفة للجامعات ليست شهادة براءة من النار، ولكنها أيضا ليست شهادة أصدرها معتوه في مستشفى للمجانين. إن الاهتمام بموضوع تصنيف الجامعات وترتيبها وفقا لمعايير مختلفة، تختلف حسب الجهة المصنفة، ينبع من عدة أسباب من أهمها أنها ''رادار'' جوي لمعرفة اتجاه طائرة ضخمة يصعب في أوقات متفرقة معرفة وجهتها، والسبب الآخر، أن لتلك التصانيف مصداقية مرتفعة فهي لم تصدر من إدارة العلاقات العامة في وزارة التعليم العالي، بل صدرت وفقا لمعايير موضوعية من قبل مؤسسات أكاديمية أو معنية بالشؤون الأكاديمية. ومن ثم، فتصنيفهم جامعاتنا أداة مهمة من خارج السرب لمعرفة حقيقة تحركنا، وسلامة وجهتنا. وعليه، فتقدمنا في أي تصنيف ذي معايير موضوعية، هو إنجاز يجب أن نحتفي به لأنه يقول ببساطة إننا على الطريق الصحيح. الإشارة المهمة الأخرى التي حفل بها تقدم جامعة الملك سعود في تصنيف تلك الجهات العالمية هي القدرة الكامنة الخاملة الممكن تفعيلها وانقداح شررها متى تهيأت لها الظروف. أن نتبوأ مركزا متقدما في المراكز العالمية ونتخطى كثيرا من الجامعات الأقدم دلالة على أن لدينا القدرة على تجاوز العقبات الزمنية إذا تم توفير البيئة المناسبة للعمل في أي مجال وليس فقط في التعليم العالي. لدينا عدة شواهد في مفاصل متفرقة في جسد بلدنا الحبيب تجسدها بصورة جميلة جامعة الملك سعود، فهي حالة ''إنعاش'' فريدة، قلبت الموازين في مرحلة زمنية قصيرة، من منشأة كانت لا تذكر إلا بالسخط والتضجر إلى منشأة مختلفة شكلا وموضوعا؛ حساد نجاحها متكهربون من خطواتها الواثقة، وعشاقها مبتهجون حتى الثمالة من سحر أدائها. بكل وضوح، أنا من محبيها ومسرور بخطوات عودتها إلى الحياة, فهي جامعة درست فيها، وسيدرس ابني وابنتي والأجيال اللاحقة - بمشيئة الله - في أحضانها؛ كلي طموح وأمل وحلم أن تكون مشعلا متوهجا باستمرار في معركة التنمية غير المنتهية. ختاما، إن جامعة الملك سعود حصان بدأ يستعيد لياقته وعافيته – بشهادة مراكز طبية عالمية - ولا يزال مطلوبا منه الكثير، ولكنه يسير في الاتجاه الصحيح. لكي يستمر في السباق وبتألق لا بد من ضمانات مؤسسية، أهمها الحرية المالية والإدارية, فهما أهم فيتامينات المسيرة التنموية المؤسسة على اقتصاد مبني على المعرفة لأجل تحسين نمطية حياتنا جميعا. هي وصفة لا تختص بها جامعة الملك سعود، وإنما يجدر تعميمها على كل جامعاتنا إن أردنا حياة تسر الصديق، فالحرية مع المسؤولية في أيدي الأكفاء كفيلة باستمطار السماء.
إنشرها