Author

الثقافة اللوامة

|
تقوم منهجية «النقد الثقافي» على رؤية تحاول استقراء الخطاب - أي خطاب -من خلال نسقه الذي يتكئ على الفكرة، ثم يمتد ليشمل تمددات هذه الفكرة وتأثيرها في الفرد والجماعة. وفي كل الأحوال غالبا ما تجد أن كل إنسان يفهم الحدث وفقا للمضمون الذي يوجد في داخله. باختصار نحن نفهم الأحداث والخطابات كما نحب أن نفهمها، لا كما هي على أرض الواقع. من هنا فإنني لم أستغرب تفاعل الجمهور مع خطبة الشيخ عبد الرحمن السديس إمام الحرم المكي الشريف، ورغم وضوح خطاب فضيلة إمام الحرم، إلا أن هناك من قرأه بصيغة أخرى تتفق مع المضمون الذي يريده هو وليس المضمون الذي أراده إمام الحرم. هذا التلاعب في قراءة الوضوح، وفي محاولة ابتساره، جعلنا نقرأ في بعض التعليقات خطبة جديدة وخطابا آخر لا علاقة له بخطاب الشيخ السديس. الشيخ عبد الرحمن السديس يقول في خطبته: إن ''واجب الجميع من القادة والعلماء وحملة الأقلام ورجال الصحافة والإعلام وشباب الأمة والغيورين على مصالحها أن يباركوا بإجماع واتفاق هذا المنجز العظيم'' - في إشارة إلى كاوست - بينما تجد من يتعامى عن كل ذلك ويريد أن يستنطق هذه الكلمات بصورة بعيدة كل البعد عن مضمونها الواضح. من المؤكد أن إشكالية قراءة واستنطاق الأفكار سوف تظل سمة ملازمة للمجتمعات المدنية، وبالتالي فلن أستغرب أن يعيد شخص آخر ما ذكرته هنا بشكل مقلوب. ذلك أن الفكرة الواردة في ذهنه مغايرة في الأساس، وبالتالي فقراءته تأتي على النسق الذي يريده في البداية. هنا تتعزز أهمية التثبت والتأكد عند إبداء الرأي، خاصة بالنسبة لعوام الناس، فربّ كلمة قالت لصاحبها: دعني.
إنشرها