Author

قليل من اللبن ..كثير من الماء

|
طلب الشيخ من أهل القرية، طلباً غريبا، في محاولة منه لمواجهة خطر القحط والجوع الذي تمر به القرية، وأخبرهم بأنه سيضع قدراً كبيراً في وسط القرية، وعلى كل فرد أن يضع في القدر كوباً من اللبن، بشرط أن يضع كل واحد الكوب وحده من غير أن يشاهده أحد، هرع الناس لتلبية طلب الشيخ، كل منهم تخفى بالليل وسكب ما في الكأس الذي يخصه، وفي الصباح فتح الشيخ القدر، وماذا شاهد؟، القدر امتلأ بالماء ولا يوجد لبن؟. أين اللبن؟، لماذا وضع كل واحد من الناس الماء بدلاً من اللبن؟، السبب هو أن كل واحد من الناس، قال في نفسه: ''إذا وضعت كوبا واحدا من الماء، فإنه لن يؤثر في كمية اللبن الكبيرة التي سيضعها أهل القرية في القدر''. وهذا يعني أن كل واحد اعتمد على غيره في وضع اللبن في القدر، وكل واحد منهم فكر بنفس الطريقة التي فكر بها غيره، وكل واحد منهم ظن أنه هو الوحيد الذي سكب ماءً بدلاً من اللبن، والنتيجة التي حدثت أن الجوع عم هذه القرية ومرض كثير منهم، ولم يجدوا ما يعينهم وقت الأزمات، وتركوا الشيخ وحيدا يحاول إيجاد الحلول!. هذه القصة الرمزية المقتبسة تنطبق على ما يحدث في الرياضة السعودية والإعلام الرياضي هذه الأيام، كل شخص يلوذ بالصمت ولا يفكر أن يسجل موقفاً من الأحداث التي تجري من حولنا، وكل شخص منا يقول:''غيري سيقوم بالواجب''، وإذا بالواجب لا يقوم به أحد. نحن جميعاً نواجه أزمة تراجع في الرياضة السعودية، أسوأ ما فيها، أن كل شخص فينا يفكر في مصلحته، أو يفكر بطريقة عاطفية لا تمت لمصلحة الرياضة بصلة، فما نشاهده من ردح إعلامي وانشغال بمسائل ثانوية وإذكاء التعصب الرياضي والفتنة، والتسليط على المشكلات بدون محاولة اقتراح الحلول المنطقية، والنظر للمصلحة العامة بعيدا عن ناديه ولونه المفضلين، ولن يستطيع أمير الشباب والرياضة الأمير سلطان بن فهد إيجاد الحلول بدون تعاون الجميع من حوله من مستشارين وإعلاميين وخبراء حتى تخرج الرياضة من أزمتها. يجب في البداية، الاعتراف بوجود المشكلة قبل محاولة تشخيصها ومحاولة إيجاد الحلول، فمشكلتنا الكبرى هي تراجع الرياضة في جميع الألعاب، وليس في كرة القدم فقط، حضورنا العربي والآسيوي تراجع كثيرا وأصبحت مشاركاتنا لمجرد الحضور والمشاركة وليس للمنافسة، كما كان في السابق في جميع الألعاب وفي جميع الفئات السنية، ونعاني غياب أجندة رياضية واضحة في الألعاب الرياضية ودوريات منظمة في تلك الألعاب، وفي كرة القدم أصبحنا من دول الصف الثاني في آسيا وتجاوزنا عديدا من الدول في الترتيب الدولي للفيفا، والدوري السعودي رغم ما يقال عن قوته، ولكن تداخل المسابقات أربك الجميع، وتعاني كثير من الأندية من الضائقة المالية ولا تستطيع دفع رواتب لاعبيها ومدربيها ناهيك من التعاقد مع لاعبين أجانب، وفهم خاطىء للاستثمار أو ما يسمى بالاستثمار رغم بعده كل البعد عن ذلك، حيث تضيع الفرص وتتبخر الأموال في صفقات خاسرة، في غياب تام للمرجعية والمحاسبة وكذلك عدم فهم الجميع لمعنى الاحتراف وقوانين لجنة الاحتراف الموقرة، والحكم السعودي افتقد للثقة بعد أن كان أحد أبرز الحكام في آسيا على الأقل بعد أن غيب لأسباب نعلمها جميعا، وغياب الشفافية عند أغلب لجان اتحاد كرة القدم، وانسياق الإعلام والجماهير وراء الاستفتاءات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، بل تستغل جيوب بعض السفهاء والمراهقين كبارا وصغارا، نحتاج إلى كثير وكثير حتى تعود القافلة للمسير، أفلا تعقلون!.
إنشرها