79 .. يوم مجيد حافل بإنجازات اقتصادية عملاقة

احتفلت المملكة العربية السعودية أخيراً، حكومة وشعباً، بعيدها الوطني الـ 79، الذي صادف اليوم الأول من برج الميزان الموافق للـ 23 من شهر أيلول (سبتمبر) 2009.
كعادتها السعودية في كل يوم وطني تحتفل بتسجيلها العديد من الإنجازات التنموية والاقتصادية العملاقة في جميع مناحي واتجاهات الحياة التعليمية والصحية والاجتماعية وغيرها، التي تضاف إلى سجل إنجازاتها التنموية المتلاحقة والمتتابعة، ولكن بشهادة المتتبعين والمراقبين، فإن الإنجازات التنموية، التي شهدتها المملكة باليوم الوطني الـ 79، قد اختلفت بعض الشيء عن سابقاتها في عصرنا الحديث، بالذات حين النظر إلى تداعيات وتبعات الأزمة المالية العالمية، التي تعيشها في الوقت الحاضر جميع دول العالم وشعوبها دون استثناء، والتي تفجرت شراراتها الأولي، بإشهار بنك ليمان برازرز لإفلاسه في شهر أيلول (سبتمبر) من العام الماضي، مما جعلها أسوأ كارثة اقتصادية تصيب العالم منذ أن حلت كارثة الكساد العظيم بالعالم في عام 1929.
على الرغم من قساوة وضراوة تلك الأحداث الاقتصادية العالمية، التي شهدها العالم، إلا أن الاقتصاد السعودي والقطاع المصرفي، بما في ذلك النظامان النقدي والمالي، ظلوا واقفين صامدين في وجه الأزمة، نتيجة لاتباع الحكومة سياسات اقتصادية ومالية ونقدية، اتسمت بالعقلانية، حققت للاقتصاد الوطني النمو المتوازن، وللنظامين المالي والنقدي الاستقرار على المديين المتوسط وطويل الأجل.
إن اتباع الحكومة السعودية سياسات اقتصادية ومالية متعقلة ومتزنة، ساعدها أيضاً على تخطي أسوأ حالات الأزمة المالية بأقل الخسائر والتكاليف الممكنة، الأمر الذي يؤكده استمرار الاقتصاد الوطني في تحقيقه معدلات نمو جيدة خلال العام الماضي، بما في ذلك خلال النصف الثاني من العام الحالي، حيث قد سجل الناتج المحلي الإجمالي نموا بلغ 4.5 في المائة بنهاية عام 2008، كما تعزز دور القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة نمو تجاوزت الـ 4.7 في المائة، كما قد حققت المملكة أكبر فائض في تاريخها في كل من المالية العامة وميزان المدفوعات، بما نسبته 33 في المائة و28.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي.
هذه المعدلات والمؤشرات الاقتصادية الجيدة، تحققت بفضل السياسات الاقتصادية، التي انتهجتها الحكومة السعودية، منذ بداية اندلاع الأزمة المالية العالمية، المتمثلة في استمرار المملكة من الاستفادة من الموارد المالية، التي تحققت خلال السنوات الماضية للإنفاق على استكمال مشاريع البنية التحتية والتنمية، بما في ذلك الاستثمار في بناء وتشييد مشاريع تنموية جديدة في مجالات عدة، شملت قطاعات النقل والاتصالات والصحة والتعليم والمياه.
تنمية العنصر البشري أيضاً قد نالت الاهتمام والتركيز الأكبر من الإنفاق الحكومي، حيث قد تم خلال فترة وجيزة مضاعفة عدد الكليات والجامعات السعودية أكثر من مرة، ليقفز عدد الجامعات السعودية من نحو سبع جامعات إلى وقت قريب، إلى أكثر من 22 جامعة في مناطق ومدن ومحافظات المملكة المختلفة، هذا إضافة إلى إعادة فتح باب الابتعاث الخارجي من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، حيث قد تجاوز عدد المبتعثين للخارج 80 ألف طالب وطالبة، حيث تم ابتعاثهم إلى مختلف الجامعات العالمية المرموقة للدراسة في مجالات تخصصية وبحثية تتوافق مع متطلبات واحتياجات سوق العمل من جهة ومع متطلبات واحتياجات الاقتصاد والتنمية التي تعيشها المملكة من جهة أخري.
من بين أبرز الإنجازات التي تحققت في المملكة في مجال الإصلاحات التنموية الشاملة، تصدر المملكة لدول العالم العربي والشرق الأوسط، كأفضل بيئة استثمارية وفقاًً لتقرير أداء الأعمال Doing Business، 2010 الذي صدر عن مؤسسة التمويل الدولية IFC، التابعة للبنك الدولي، حيث قد احتلت المملكة المركز الـ 13 على مستوى العالم، الأمر الذي عزز من مكانة المملكة الاستثمارية على المستويين المحلي والعالمي، وجعلها قاب قوسين أو أدنى لتحقيقها للمركز الاستثماري المنشود بحلول العام 2010، وهو احتلالها المركز العاشر على مستوى العالم.
على المستوى العلمي والمعرفي والبحثي، لعل الحدث الأبرز الذي حدث في اليوم الوطني للمملكة هذا العام والذي سأخصص له مقالا قادما، هو تدشين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في مدينة ثول، الذي تزامن مع ذكرى اليوم الوطني للمملكة، وذلك بسبب ما تحظى به هذه الجامعة من اهتمام كبير من قبل الملك عبد الله، باعتبارها منارة علم جديدة في مجال البحوث العلمية والابتكار، خصصت لخدمة الإنسانية والبشر على المستويين المحلي والعالمي.
نخلص للقول إن أحداث اليوم الوطني للمملكة، هذا العام قد تكون مختلفة بعض الشيء عن سابقاتها في عصرنا الحديث، بسبب -كما أسلفت- أن العالم يعيش أسوأ كارثة وأزمة اقتصادية ومالية منذ أزمة الثلاثينيات من القرن الماضي، ولكن وعلى الرغم من ذلك فقد استطاعت المملكة بفضل إتباعها سياسات مالية واقتصادية متزنة ومتعقلة، أن تستمر في تحقيق الإنجازات التنموية والاقتصادية واحدا تلو الآخر، والتقليل بقدر الإمكان من تأثيرات تلك الأزمة في الاقتصاد السعودي، من خلال الاستمرار في سياسة الإنفاق التوسعية على المشاريع التنموية في مجالات الحياة المختلفة، ليشمل ذلك جميع مناطق ومدن ومحافظات المملكة بلا استثناء، مما حقق للمملكة النمو والازدهار المنشود رغم تداعيات تلك الأزمة، ومكنها من احتلال مركز مالي واستثماري متقدم على المستوى الدولي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي