جامعة الملك عبد الله والتنمية باقتصاد المعرفة

شعرت بسعادة غامرة للافتتاح الرسمي لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في اليوم الوطني للمملكة الـ 78، الذي شرفه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - في ثول مع كوكبة من رؤساء ومسؤولي دول عربية وعالمية، وعدد من أصحاب السمو والفضيلة والمعالي، وكان مبعث شرفي وسعادتي هو أني تيقنت بشدة - بعدما رأيت وشاهدت - أن المملكة سائرة نحو التميز والتقدم، ما يعني مستقبلا متميزا لأجيال مقبلة.
والحقيقة أنه بانطلاق الدراسة العلمية في هذه الجامعة في 15 رمضان 1430هـ الموافق 5 أيلول (سبتمبر) 2009، تكون مملكتنا الغالية قد وضعت أقدامها بقوة على طريق نهضة علمية غير مسبوقة، خصوصا في مجال الأبحاث العلمية والتقنية والإنسانية ليس على المستوى الوطني فحسب، وإنما على المستوى العالمي لما لهذه الجامعة من إمكانات علمية وبشرية وتقنية، ومادية هدفها دعم العلوم والمخترعات، واكتشاف الحلول لكثير من المشكلات البيئية والصحية والإجرائية في مجالات التطبيقات العلمية للتقنيات الحديثة.
وبشهادة كثيرين، ينظر إلى هذه الجامعة الوليدة الواعدة على أنها إضافة ملموسة للعلم والمعرفة بما لها من إمكانات ضخمة من المؤمل توظيفها لدعم العلوم والمخترعات, إضافة إلى كونها ستعيد توزيع خريطة التعليم الجامعي, ليصبح تعليما نوعيا, يغطي أرجاء الوطن كافة.
وأعتقد أن إنشاء هذه الجامعة يعكس الاهتمام بنشر التعليم الجامعي والتوسع فيه في أرجاء المملكة في إطار المشاريع التنموية والتطويرية التي طالت مناطق ومحافظات المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وشملت القطاعات التعليمية والصحية والبلدية والنقل والمياه والكهرباء والاتصالات وغيرها من القطاعات، كما يعكس إنشاؤها سعي السياسة التعليمية السعودية نحو التعليم الجامعي، ويؤكد أن المملكة أمام مرحلة تعليمية مختلفة تأخذ على عاتقها التصدّي للكيف التعليمي الذي نريده.
ومع تدشين الدراسة في هذه الجامعة يكون خادم الحرمين الشريفين قد أنجز واحدة من أهم الجامعات المتخصصة في العالم, وبامتيازات خاصة يُنتظر أن تطبع بصمتها على كل ميادين البحث العلمي دوليا, كما يكون قد أطلق للتعليم الجامعي العنان, باعتبار أن هذه الجامعة لن تكون مجرد قاعات للمحاضرات, وإنما بابا مشرعا من أبواب خدمة المجتمع, والمشاركة في بنائه وتنميته وقيادته نحو تحقيق ذاته على أسس علمية وموضوعية حديثة, تدرك أننا نعيش عصرا مختلفا من عناوينه «التنمية باقتصاد المعرفة».
كذلك يكشف التدشين، مواصلة الملك عبد الله تبنيه التعليم الجامعي الذي يذهب للمواطن ولا ينتظر منه أن يأتي إليه, ويقدم إضافة نوعية للتعليم الجامعي الذي بدأ بالتخلص من نمطه التقليدي الذي كان يقوم على التعليم للتعليم, إلى هذا الواقع الديناميكي الذي قدمت بعض الجامعات نفسها من خلاله عبر الدخول في شراكة مباشرة مع المجتمع لتحسين أوضاعه, ومعالجة همومه والاضطلاع بقيادة أحلامه في خلق فرص العمل لشبابه وشاباته, وفتح كل الآفاق نحو تعليم جامعي مؤثر تمتد فاعليته إلى ما بين تحسين بيئة التعليم ذاته, ورفع كفاءة العمل باقتصاد المعرفة كواحد من أهم مخرجات التعليم الجامعي المتميز الذي يعيش عصره.
إن خادم الحرمين الشريفين بهذا التوجه يؤسس لموعد آخر سيتم من خلاله اختصار كثير من محطات الانتظار في طريق الوصول إلى أفضل مستقبل لهذا الوطن وأبنائه, لأن التعليم النوعي يمثل أقصر الطرق لبلوغ تلك الأهداف الوطنية الكبرى, ويسهم في تمتين قاعدة البناء القائمة على المعرفة, مثلما يزرع فضيلة التنافس في التحصيل كأساس لتطوير الذات ومن ورائها المجتمعات.
والملك عبد الله بن عبد العزيز بهذه الجامعة يكون قد قدم هدية سعودية للعلم والعلماء والباحثين في كل أنحاء العالم، من خلال عمل تاريخي وإسلامي يعيد لنا أمجادنا الإسلامية التي كان لها قدم السبق في ظهور كثير من العلوم البحتة والتطبيقية.
إن جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية خرجت من عباءة التقليد لتكون محاضن فعلية للتنمية بمختلف مستوياتها بدءا من فتح فرص العمل وانتهاء بالدخول في تفاصيل الحياة الاجتماعية كافة لمشاركة المجتمعات في عملية التنمية والتطوير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي