Author

في اليوم الوطني نبتهج بالإنجاز ونستمر في التقويم والبناء

|
نعم يحق لنا أن نحتفل بذكرى اليوم الوطني، يوم الوحدة الوطنية بين أرجاء المملكة، ذلك اليوم الذي أسهم في دمج قبائلها تحت لواء الوطن، وفي ظل الأمن والأمان الذي يتمتع به المواطن والوافد على حد سواء، بل ينبغي أن نُذكّر أبناءنا بمعنى هذا اليوم، وأهميته في تاريخ هذا الوطن، وينبغي أن نغرس في أذهانهم وعقولهم السيرة العطرة والعبقرية الفذة للمؤسس الملك عبد العزيز ـ طيب الله ثراه، وأن نستقي منها العبرة والفائدة. في هذا العام، يحق لنا أن نبتهج بالإنجازات العظيمة التي تتحقق على أرض الوطن. إنها إنجازات كثيرة يصعب استعراضها في هذه المقالة القصيرة، ولكن يمكن الإشارة إلى بعضها: ـ يحقق خادم الحرمين الشريفين إنجازات داخلية عظيمة تتمثل في تطوير التعليم، وإنشاء الجامعات، وتعزيز البنية الأساسية لتحقيق مزيد من التنمية والتطور، وكذلك إنجازات خارجية تتمثل في حوار الأديان ودعم جهود السلام والتعايش بين الثقافات، ومبادرات إصلاح الشأن العربي، ودعم القضية الفلسطينية، إضافة إلى الجهود الإنسانية الكثيرة. ـ حققت المملكة المرتبة 13 في بيئة الأعمال والتنافسية الاستثمارية على مستوى العالم، وذلك بناء على تقييم البنك الدولي. ـ شهدت المملكة توسعاً هائلاً في التعليم العالي لم يسبق له مثيل، وخاصة فيما يتعلق بإنشاء الجامعات والكليات الجديدة، إضافة إلى الجهود العظيمة التي تُبذل لتطوير الجامعات القائمة، وخاصة ما تشهده جامعة الملك سعود من إنجازات لم تشهد الجامعة لها مثيلاً منذ إنشائها. ولكن لعله من المناسب في هذا اليوم الغالي أن نقوم بمراجعة بعض الأمور والقضايا، ومن ثم ترتيب الأولويات، وربما تغيير الاستراتيجيات – إن دعت الحاجة - لتحقيق طموحات القيادة الرشيدة وآمال المواطن السعودي. ومن أبرز القضايا التي تستحق التوقف ما يلي: - البطالة لا تزال مشكلة مقلقة، فعلى الرغم من إعلان مصلحة الإحصاءات العامة انخفاض معدل البطالة بناء على مسح القوى العاملة الأخير، إلا أنها لا تزال مرتفعة بكل المقاييس، خاصة في بلد يُوجد به ملايين الوافدين من أرجاء المعمورة. - على الرغم من بعض النجاحات في مجال السعودة، إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من الجهود في إعداد الشباب وتزويدهم بالمهارات المطلوبة في سوق العمل، خاصة الحاسب واللغة الإنجليزية، بل حتى مهارات الاتصال الشخصي، وتعميق ثقافة أخلاقيات العمل فيبدو أنه قد غُرس في أذهان الشباب مفهوم أن العمل هو عبارة عن وظيفة في مكتب من مكاتب الإدارات الحكومية وقراءة الصحف كل صباح فأين السعوديون من المكاتب الهندسية، وأعمال الديكور، وأعمال البيع، والصيدليات، ومكاتب السياحة، وأعمال الإنشاءات التي تدر الذهب على من يعمل بها؟! - على الرغم من دعم الدولة غير المحدود لقطاع التعليم، إلا أن المستوى التعليمي للطلاب يبقى دون الطموح. وهناك شبه إجماع على انخفاض المستوى التعليمي للطلاب، فالمسؤولية تقع ما بين المعلم والمنهج والطالب نفسه، إلى جانب البيئة التعليمية برمتها. وتبعاً لذلك اضطرت الأسر إلى الاعتماد على الدروس الخصوصية، مما أثقل على الأسر وأضاف أعباء جديدة على كواهلها. - لا يزال الشباب دون رعاية كافية، وفي حاجة إلى أماكن ترفيه مناسبة ومراكز تأهيل وبناء فاعلة. ولا يتوافر للشباب سبل ترفيه مناسبة، مما يضطرهم إلى التزاحم في الشوارع الرئيسة ذهاباً وإياباً، أو التجمع في استراحات تقع في أطراف المدن، أو إدمان استهلاك القهوة الأمريكية في مقاه تنقصها التجهيزات الضرورية، مثل دورات المياه ونحوها. - على الرغم من الجهود العظيمة في مجال تحلية مياه البحر لتوفير احتياجات المدن شرقاً وغرباً، إلا أن الحاجة ماسة لاستراتيجية وطنية لتنمية المياه والمحافظة عليها، خاصة أن الماء هو عصب الحياة وضرورة لاستدامة التنمية. - العنف الأسري في تزايد مقلق، على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذل في هذا المجال فأصبح مألوفاً سماع الأخبار عن جرائم بشعة، كانت بالأمس القريب مثار استغراب في المجتمع السعودي. - لا يزال خط الفقر مجهولاً وأعداد الفقراء غير معروفة. وبما أن الفقر ظاهرة عالمية لا يخلو منها أي مجتمع على وجه الأرض، فإن إعلان استراتيجية واضحة الأبعاد والمعالم سيُسهم في تضافر الجهود والتنسيق فيما بين الجهات الحكومية والخاصة من أجل مكافحة الفقر، والحد من معدلاته. - لا تزال ''الحكومة الإلكترونية'' دون الطموحات، وأقل من المأمول. نعم، هناك تطور مثير للإعجاب في بعض الإدارات، ولكن لا تزال مواقع بعض الجهات الحكومية مجرد ''ديكور'' لا يحتوي على سبل الاتصال بالمسؤولين، ولا يشفي غليل طالبي الخدمة فلا تزال مراجعة المكاتب مطلوبة للحصول على أصغر الخدمات. - الشواطئ في بلادنا تتعرض للتلوث من جهة، والتعدي من جهة أخرى، مما جعل السائح لا يجد مكاناً مناسباً له ولأسرته للسباحة أو الترفيه. وكما هو معروف، فإن الشواطئ في معظم الدول تُصنف ضمن الأملاك العامة التي لا يُسمح باحتكارها للاستخدام الخاص أو حتى التجاري. - لم يحقق سوق المال الإصلاح الكافي، فلا يزال يترنح تحت تأثير بعض الأيدي المجهولة، ولا تزال بعض الاكتتابات العامة تطرح من أجل تضخيم جيوب أصحابها، لا من أجل خدمة الاقتصاد أو المواطن السعودي. - في هذا اليوم تبقى الخطوط السعودية كما كانت دوماً، بعيدة عن التطوير الحقيقي أو العمل على راحة المسافرين، على الرغم من تغيير الألوان، ورفع شعار ''شكراً لاختياركم...''. - إنشاء المجالس البلدية كان خطوة رائدة وبناءة، ولكنها لا تزال في حاجة إلى مزيد من التفعيل والفاعلية. في الختام أقدم التهاني المخلصة لخادم الحرمين الشريفين، وولي العهد، والنائب الثاني، ـ رعاهم الله ـ جميعاً وسدد على الخير خطاهم، ولجميع أفراد المجتمع السعودي، داعياً المولى أن يحفظ هذه البلاد، ويديم عليها نعمة الإسلام، وكل عام وأنتم والوطن بخير.
إنشرها