Author

لنزيد من فعالية تعاملنا مع إنفلونزا الخنازير

|
سجلت حتى يوم الجمعة 12 حالة وفاة بإنفلونزا الخنازير في المملكة، وهو عدد مرتفع نسبياً إذا ما أخذنا في الاعتبار محدودية عدد حالات الإصابة المعلنة في المملكة مقارنة بدول عديدة في العالم يتفشى فيها المرض بشكل أكبر بكثير، ومع ذلك لم تسجل إلا حالات وفاة بسيطة مقارنة بحالات الإصابة. ففي بريطانيا على سبيل المثال، والتي قد تصل حالات الإصابة فيها بهذا المرض إلى ملايين الحالات، حيث سجل في أسبوع واحد ما يزيد على 100 ألف حالة إصابة جديدة، فإن عدد الوفيات نتيجة هذا المرض لم يتجاوز حتى يوم الجمعة الماضي 44 حالة وفاة. فالأسلوب البريطاني يتبنى استراتيجية تستهدف ضمان وصول الدواء للمريض المشتبه بإصابته بهذا المرض بسرعة فائقة، بينما يركز أسلوب تعامل سلطاتنا الصحية على التأكد أولاً من حقيقة الإصابة قبل صرف العلاج ما يعني في معظم الأحيان مرور وقت طويل قبل مباشرة المريض لتناول العلاج، الأمر الذي يسهم في زيادة إمكانية تعرضه لمضاعفات، أي أن المريض في المملكة يجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى عقار التاميفلو Tamiflu، وهو العقار الموصى به طبياً للمصابين بهذا المرض، بينما في بريطانيا يصل حتى المشتبه في إصابته إلى هذا العقار خلال دقائق معدودة، ما يساعد على سرعة تعافيه وتجنيبه المضاعفات الخطيرة لهذا المرض، كالتهاب الصدر، التي تسهم في رفع عدد حالات الوفاة بهذا المرض. فكون عقار التاميفلو غير متوافر في الصيدليات الخاصة في المملكة، يعني ضرورة وضع نظام فعّال يسمح بسرعة وصول المشتبه بإصابته إلى هذا الدواء وبدء تناوله له حال ظهور أعراض المرض عليه دون أدنى تأخير. إلا أنه وفق الإجراءات المتبعة حالياً فإن المريض المشتبه بحالته مضطر للذهاب إلى أحد المستشفيات الحكومية لعرض حالته، وفي معظم الأحيان لا يتم صرف الدواء له إلا بعد أخذ عينة وتحليلها للتأكد من الإصابة ليتم بعدها صرف الدواء، وكلنا يعلم أنه ليس متاحاً بالضرورة لكل مواطن أو مقيم سهولة الوصول وتلقي العلاج في المستشفيات الحكومية، كما أن هذه العملية قد تستغرق أياما عديدة وفاعلية هذا العقار مرتبطة بشكل كامل بالسرعة التي يتم بدء تناول المريض له بعد ظهور الأعراض، كما أن ذهاب المشتبه في إصابتهم إلى المستشفيات في حد ذاته خطر كبير يتسبب في زيادة حالات انتقال العدوى للعاملين في تلك المستشفيات والمراجعين لها. ففي بريطانيا، على سبيل المثال، تم تخصيص رقم مجاني وموقع على الإنترنت http://www.direct.gov.uk/en/Swineflu/DG_177831 يمكن لأي مقيم في بريطانيا يعاني أو يعاني قريب له من أعراض تشير إلى إمكانية إصابته بهذا المرض أن يلجا إليه، وكل ما هو مطلوب منه هو فقط الإجابة عن عدد محدود من الأسئلة عن الأعراض التي يعانيها، وإذا كان هناك أي اشتباه بإصابته بإنفلونزا الخنازير يصرف له عقار التاميفلو مباشرة من خلال إعطائه رقما يمثل تصريحا له للحصول على الدواء مجاناً من أقرب مستشفى حكومي إلى مكان إقامته دون أدنى حاجة إلى مراجعة أي مستشفى أو عيادة طبية، بل يؤكد على المريض تفادي مراجعة المستشفى بنفسه لتسلم الدواء تجنباً للعدوى وأن يرسل أي شخص آخر لا يحمل أعراض المرض برقم التصريح المعطى له وهويته ليتم بموجبه صرف الدواء، وكل ذلك يمكن أن يتم خلال دقائق معدودة ما يتيح مباشرة المريض لأخذ العلاج دون أدنى تأخير. وهذا الأسلوب عالي الكفاءة والفاعلية يضمن سرعة بدء تناول العلاج لمن يشتبه بإصابتهم دون حتى الحاجة إلى تأكيد الإصابة فعلا، ما يحد من التعقيدات الصحية المترتبة على تأخر بدء تناول العلاج، كما سمح بتوافر العلاج مجاناً للجميع دون تفريق بين مواطن ومقيم أو حتى بين مقيم زائر، فمجرد وجودك في بريطانيا يؤهلك للحصول على الدواء مجاناً. من جانب آخر حد هذا الأسلوب من إمكانية انتشار العدوى بالمرض بسبب مراجعة المشتبه بهم للعيادات الطبية والمستشفيات، فكل من يتصل بطبيبه ليأخذ موعداً لعرض حالته عليه يعتذر له ويبلغ بأن عليه فقط الاتصال بالرقم المجاني أو زيارة موقع الإنترنت، إلا إذا كان يعاني أعراضا خطيرة تستوجب تنويمه في المستشفى، وهي حالات قليلة الحدوث إذا بادر المشتبه في إصابته بإنفلونزا الخنازير بتناول عقار التاميفلو دون تأخير. وإذا أخذنا في الاعتبار أن الدولة مهتمة وحريصة على اتخاذ كل إجراء ممكن لمواجهة هذا الوباء ومستعدة لتحمل كامل تكاليف تأمين هذا العلاج لكل مواطن ومقيم في المملكة، فإن كل ما هو مطلوب هو تطبيق أسلوب أكثر فاعلية لإيصال الدواء للمريض في الوقت المناسب ودون تأخير، وعدم قيامنا بمثل ذلك يمكن أن تكون له انعكاسات صحية خطيرة مع الارتفاع الكبير المتوقع في عدد حالات الإصابة مع عودة المصطافين من البلدان الموبوءة وبدء موسمي العمرة والحج.
إنشرها