default Author

نعيما ..

|
* منذ عدة عقود، قررت الحكومة الأمريكية تحديد واردات النفط من الدول المنتجة بهدف حماية صناعة النفط المحلية. بعد عدة سنوات اكتشفت الحكومة أن القانون أدى إلى استنزاف الحقول الأمريكية .. نعيما. * ألغت الحكومة الأمريكية قانون تحديد الواردات وبدأت واردات النفط بالزيادة، وزاد اعتمادها على واردات النفط من الدول الأخرى .. نعيما. * قررت الحكومة الأمريكية تحويل واردات النفط من الخليج إلى دول أمريكا اللاتينية، فخرج لها شافيز .. نعيما! * وفجأة لمعت فكرة في ذهن أحدهم: لنستورد النفط من روسيا، فخرج لهم بوتين .. نعيما! * عندها قررت الحكومة الأمريكية أن نفط غرب إفريقيا، خاصة نيجيريا، هو الأكثر أمنا، فقررت تحويل وارداتها من أمريكا اللاتينية إلى نيجيريا. تفجرت الأوضاع في دلتا النيجر، وانخفضت الصادرات .. نعيما! * ثم ضربت الأعاصير خليج المكسيك عام 2005، وتوقف إنتاج النفط فيه، فاضطرت الولايات المتحدة إلى استيراد النفط من سورية، وهي الدولة نفسها التي فرضت عليها عقوبات اقتصادية وقيود على التجارة معها! * قامت الحكومة الأمريكية بتسعير منتجات النفط في السبعينيات لمساعدة مستهلك النفط الأمريكي، فاختفت المشتقات النفطية من الأسواق، وعانى المستهلك كثيراً .. نعيما! * مع الارتفاع الكبير في أسعار النفط في نهاية السبعينيات قامت الحكومة الأمريكية بتبني قانون الضرائب على الأرباح العالية لشركات النفط والذي يقضي بدفع كل الأرباح الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط فوق حد معين للحكومة. وقُدّر ما ستجنيه الحكومة بناء على أسعار وقتذاك بأكثر من 400 مليار دولار. تم تبني القانون وكيفية إنفاق هذه الأموال في الوقت نفسه. تم إنفاق الأموال، ولكن الحكومة لم تحصل على دولار واحد بسبب انخفاض الأسعار تحت الحد الذي حدده القانون طوال فترة الثمانينيات، وتم إلغاء القانون الذي كان أحد أسباب تضخم العجز في الموازنة في عهد الرئيس ريجان .. نعيما! * فرضت الحكومة الأمريكية مقاطعة اقتصادية على عدة دول نفطية ومنعت شركاتها النفطية من الاستثمار فيها، فاستغلت الشركات الصينية و الأوروبية الفرصة، وتوسعت في هذه الدول .. نعيما! * طوال هذه الفترة كانت واردات النفط الأمريكية من السعودية تزداد باستمرار .. مع أن الهدف منذ البداية هو تخفيضها.. نعيماً. * وأخيرا، تم تبني قانون طاقة جديد في الأسابيع الماضية يهدف إلى وقف واردات الولايات المتحدة من فنزويلا والسعودية نهائيا بعد سنوات من الآن، ولكن أي متصفح للتقرير يستنتج العكس: واردات الولايات المتحدة من هذين البلدين لن تتناقص، وربما تزادد، (أكد ذلك تقرير صدر عن وزارة الطاقة الأمريكية أثناء كتابة هذا المقال) .. نعيماً! «الديزل الحيوي».. نعيماً! لا شك أن حكومة ولاية كاليفورنيا من أكثر الحكومات تشددا في تطبيق القوانين البيئية، وعداء بعض ''الكاليفورنيين'' للنفط لا يماثله عداء. ونتج عن هذه القوانين انتشار ''الديزل الحيوي'' كبديل عن النفط، وهو وقود مستخرج من نباتات معينة. ومع تطبيق القوانين وانتشار استخدام هذا الوقود بدأت المحطات تبيعه على نطاق واسع. وفجأة اختفى ''الديزل الحيوي'' من الأسواق، وتحول من كان يستخدمه إلى الديزل ''المعدني'' المستخرج من النفط .. نعيماً! ما الذي حصل؟ طبق ''مجلس التحكم في الموارد المائية'' التابع للولاية قانوناً في الشهر الماضي يمنع محطات البنزين في كاليفورنيا من تخزين الديزل الحيوي في خزانات تحت الأرض حتى لا تتسرب المواد المضافة لهذا النوع من الديزل إلى المياه الجوفية. ويمكن حل المشكلة بوضع خزانات فوق الأرض، ولكن نظراً لضيق المكان وارتفاع أسعار الأراضي في المدن الرئيسة ذات الكثافة السكانية، قررت محطات البنزين الاستغناء عنه نهائيا. * مصنعو الديزل الحيوي قاموا بتصنيعه للاستفادة من الحوافز المالية التي وضعتها حكومات بوش وأوباما وحكومة الولاية. الآن لا يبيعون شيئا، ولا يحصلون على هذه الحوافز....نعيما! * السائقون الذين بدأوا في استخدام الديزل الحيوي أو اشتروا سيارات تستخدم الديزل للاستفادة من الحوافز الضريبية والأسعار المخفضة لم يحصلوا على أي شيء الآن لأنهم يشترون الديزل المستخرج من النفط .. نعيماً. * للتدخل الحكومي .. نقول .. نعيماً * أما أكبر ''نعيما'' فإنها تذهب للكونجرس الأمريكي لأنه منع مادة إم تي بي إي (التي كان يستورد غالبيتها من السعودية) واستبدلها بمواد أخرى مثل الإيثانول. لماذا تم منع مادة الإم تي بي إي؟ لأنها تسربت من خزانات محطات البنزين في كاليفورنيا ولوثت المياه الجوفية! وكيف تم منعها؟ تم استخدام قانون حماية المياه، الذي طبق مثيل له في كاليفورنيا، وتم على أثره وقف ''الديزل الحيوي''! مرة أخرى....للتدخل الحكومي....نعيما! حذر عدد من الخبراء خلال 50 سنة الماضية من الآثار الجانبية لهذه القوانين ونصحوا الحكومات الأمريكية المتعاقبة بعدم تبنيها، ولكن تم تجاهل آراء هؤلاء الخبراء، الذين أثبتت الأحداث أنهم على حق. قصص مماثلة حصلت في الدول الخليجية.. وقصة القمح ليست علينا ببعيدة. أخيراً، أذكر القارئ الكريم بخلاصة مقال سابق: لو كان التدخل الحكومي مفيدا لأمر به الإسلام. إن حرية الأسواق مبدأ إسلامي أصيل، ووجدت قبل أن يوجد شيء اسمه ''رأسمالية''. إن أكبر مؤامرة على العالم الإسلامي اليوم هي قصر الاقتصاد الإسلامي على قطاع التمويل، وإقناع الناس بأن للحكومات الدور الأكبر في الاقتصاد. وأضيف الآن: ''على من ينادي بأن الإسلام هو الحل أن يدرك أن تنمية الفرد في الإسلام أولى من تنمية الأموال. نحن لم نسمع ببلال بن رباح لأنه كان أغنى عبيد مكة وأكثرهم دلالا، وإنما سمعنا ببلال... المسلم''.
إنشرها