Author

تسول مسكوت عنه

|
لست داعية لقطع خير، ولا لممارسة جور على من يحتاجون. ولكنني أحيانا أتساءل، وأنا أشاهد عمال النظافة أمام إشارات المرور وهم يتسولون بشكل غير مباشر. يقف العامل أمام الإشارة، يمسك بمكنسته، ويظل ينظف في نفس المنطقة لساعات. عندما تضيء إشارة المرور باللون الأحمر، يبدأ في توزيع نظراته المنكسرة وابتسامته ويلقي التحية عليك. هذا كل ما يفعله، ثم يبدأ في اختلاس النظرات إليك منتظرا منك أن ترد إليه التحية بأحسن منها وتنفحه بريال أو خمسة ريالات أو أكثر. هذا التسول المسكوت عليه، يضفي عليه مشروعية ما أسمعه ويسمعه سواي عن تدني مرتبات هذه العمالة إلى ما دون الخمسمائة ريال. لا يمكنني أن أطالب بمكافحة تسول هؤلاء طالما أن الأنظمة لدينا لا تضع حدا أدنى للرواتب. هذا الحد الأدنى، الذي أطالب به، ليس لسعودة مثل هذه الوظائف، ولكن لكي نصبح أكثر قربا وتصالحا مع إنسانيتنا. عندما أتذكر أن ما يحصل عليه هذا العامل المسكين مبلغ زهيد، أشعر بتردد قبل أن أطالب بردع مثل هذا التسول الخفي. أظن أن كثيرين يتواطؤون من أجل غض النظر عن مثل هذا التسول، وكأن لسان حالهم يقول: دعهم، فهم يزيلون الأذى عن طريقنا مقابل رواتب هزيلة.
إنشرها