Author

شكرا خادم الحرمين

|
في حديثه لجريدة "السياسة" الكويتية شدد خادم الحرمين الشريفين ـ رعاه الله ـ على أن الاقتصاد السعودي متين, وأن هناك خططا مستقبلية للإعلان عن مشاريع إضافية تشمل قطاعات مختلفة في البنية التحتية والصناعة بعشرات المليارات. وبتوفيق من الله عز وجل نجحت قيادتنا الرشيدة في الحفاظ على متانة الاقتصاد الوطني وفي كل أسبوع يتم الإعلان عن مشاريع تنموية جديدة، هذا على الرغم من أن هناك تحديات تواجه الاقتصاد العالمي وتتهاوى كيانات اقتصادية استراتيجية مثل جي إم وكرايسلر. وما يجعل وطننا محط أنظار العالم هو ليس فقط أننا مستمرون في بناء المصانع والصرف على مشاريع البنية التحتية بل أيضا لأن اقتصادنا الوطني يتمتع بتوافر نسب سيولة مرتفعة لدى القطاعين العام والخاص. لذلك أعتقد أن التحدي الآن هو كيف ستحافظ السلطات المالية في بلادنا على بقاء تلك السيولة في الداخل، خاصة في ظل الجهود المستمرة لجذب تلك السيولة نحو أوعية استثمار إقليمية وعالمية تطرح سندات ومنتجات استثمار بعوائد تتخطى 8 في المائة. وبما أن خروج رؤوس الأموال السعودية من خلال الصكوك والسندات تقوم بطرحها دول أخرى سيجعلها مرتبطة باستثمارات خارجية طويلة المدى أي لأكثر من خمس سنوات، فكيف ستتمكن الجهات المالية في المملكة من التأكد على مدى السنوات العشر المقبلة من استمرار توافر السيولة لتمويل مشاريع التنمية الوطنية؟ أي أن طرحنا لأدوات الدين كالصكوك ليس لغرض الاستدانة بل لكي نحافظ على رؤوس أموال المستثمرين السعوديين في الداخل، ومن خلال أدوات الدين يتم تجميع أموال المستثمرين لتوجيهها نحو مشاريع الوطن الاستراتيجية. وأتفق على أن وطننا في الوقت الحالي ليس بحاجة ولله الحمد إلى الديون سواء كانت داخلية أو خارجية، ولكن نحن بحاجة إلى طرح الصكوك من أجل ضبط إدارة التدفقات النقدية على المستوى الوطني وانتهاز فرصة هبوط أسعار الفوائد. وكذلك من باب الحرص على إبقاء رؤوس أموال المستثمرين السعوديين في الداخل عبر توجيهها من خلال أوعية ومنتجات تطرح لغرض تمويل مشاريع وطنية حيوية ومهمة. فباعتقادي أن توافر السيولة في اقتصادنا الوطني لن يستمر مدة طويلة إن لم نحسن استغلاله وتوجيهه للمشاركة في الجهود التنموية التي تقودها حكومتنا الرشيدة. والكل يعلم أن المستثمر يبحث دوما عن الدخل المرتفع بأقل المخاطر وفي الوقت الراهن معدل أسعار المرابحة في سوقنا المالي قريب من 1 في المائة، وفي المقابل بدأنا نسمع عن طرح أوعية استثمارية من قبل حكومات إقليمية وعالمية تدفع عوائد مرتفعة ومغرية. نعم لدينا اقتصاد حر ورؤوس الأموال الخاصة تتحرك كيفما تشاء بحثا عن أفضل العوائد ولكن يجب ألا ننسى أن تلك الأموال هي الوقود الأوحد لاستمرار التنمية وإن توطينها يعد مطلبا استراتيجيا حتى لو لم نكن في حاجة إليها الآن. فمثلا تمويل جزء من مشاريع الكهرباء وسكك الحديد عن طريق الصكوك المدعومة بضمان حكومي سيتيح الفرص أمام المستثمرين السعوديين لإبقاء رؤوس أموالهم في الداخل، وأيضا هذا سيطلق يد الموارد المالية الحكومية لكي تمول مشاريع حيوية ومهمة لخلق مزيد من الفرص الوظيفية. فهناك مشاريع مهمة لكنها غير جذابة بسبب ارتفاع نسبة المخاطر وانخفاض هوامشها الربحية كتحلية المياه وبناء المراكز الصحية في المناطق النائية وتمويل مشاريع سكنية وتعليمية في مناطق ذوي الدخل المنخفض وكل هذه القطاعات يتحاشاها كبار المستثمرين لأسباب عدة. وفي حال استعدنا الذاكرة إلى قبل سبعة أعوام سنتذكر أن رؤوس أموالنا شاركت في بناء أبراج ومشاريع صحية وتعليمية وأخرى للبنية التحتية في دول مجاورة على الرغم من أن بلادنا كانت ولا تزال في حاجة إلى حل مشكلة الإسكان وضخ مزيد من التمويل نحو المناطق النائية في الصحة والكهرباء . ولقد تجلى اهتمام قيادتنا الرشيدة واستمرارها في تلمس احتياجات المواطنين في إصرار الحكومة على الاستمرار في ضخ عشرات المليارات في مشاريع التنمية وفي كل بقعة من الوطن. واستمرارا لهذا الجهد الكريم صدرت أوامر ملكية بإعفاء نحو ألفين من المواطنين الذين اقترضوا من الصندوق العقاري والتسليف والبنك الزراعي، فشكرا لخادم الحرمين الشريفين ـ رعاه الله.
إنشرها