Author

هل يكتب أوباما رسالته في الرياض ليلقيها في القاهرة؟

|
اختار الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما .. أن يفتح أول نافذة لإدارته الجديدة مع العالم الإسلامي .. عبر زيارة الرياض والقاهرة على التوالي, حيث يستطلع في محطته الأولى رؤية الرياض كعاصمة للدولة التي تحتضن قبلة المسلمين تجاه عدد من الملفات التي تهم العالم العربي والإسلامي .. فيما يلقي في محطته الثانية في القاهرة كلمته للعالم الإسلامي .. التي ستجسد موقف إدارته من العلاقة مع العالم الإسلامي .. بعد تلك الأحداث الكبيرة التي دفعت بهذه العلاقة, خاصة بعد أحداث سبتمبر 2001 والحروب على الإرهاب, إلى كثير من التعقيدات خلال إدارة الرئيس جورج دبليو بوش. واختيار الرئيس أوباما هاتين العاصمتين .. وهو الرجل مزدوج الثقافة نسبة لجذور والده الإسلامية .. ثم دراسته المبكرة في إحدى المدارس الإندونيسية, إلى جانب ديانته المسيحية .. هذا الاختيار لم يأت من فراغ .. فهو يعرف كم تزن المملكة باعتبارها قبلة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها .. فضلا عن وزنها السياسي والجيوسياسي, ووزنها الاقتصادي كإحدى دول منظومة العشرين, وبالتالي حجم تأثيرها في العالم العربي والإسلامي والدولي .. لهذا اختار أن يستهل زيارته المنطقة مبتدئا بالرياض .. لفتح كل تلك الملفات التي يريد أن تتمحور كلمته للعالم الإسلامي حولها .. ابتداء من القضية الفلسطينية والصراع العربي ـ الإسرائيلي, ثم ملف الحرب على الإرهاب، إلى جانب الملف النووي الإيراني .. وهي الملفات التي يمكن من خلالها تحديد نمط العلاقة مع العالم العربي والإسلامي, ولأن المملكة تظل البلد الوازن في كل هذه الملفات .. نسبة لثقلها السياسي والاقتصادي ثم سجلها المعتدل في تناول القضايا كافة .. لهذا جاءت زيارة الرياض قبيل إلقاء الكلمة .. لتحديد الإطارات الموضوعية, وإعطائها مشروعية الدخول لهذا العالم الكبير عبر بوابتيه الشرعيتين الرياض والقاهرة. كما أن اختيار القاهرة منبرا لإلقاء هذه الكلمة المهمة للعالم الإسلامي جاء ليستند إلى تاريخ القاهرة .. ودورها كأكبر بلد عربي مسلم .. لا يزال يضطلع بأهم الأدوار في قضايا المنطقة وفي مقدمها قضية الصراع العربي ـ الإسرائيلي. ولا شك أن الرئيس الأمريكي, بهاتين الزيارتين لكل من الرياض والقاهرة أراد أن يبعث برسالة شديدة الأهمية للعالم الإسلامي .. مؤداها أنه سيخاطب هذا العالم بعد تداول كل القضايا التي تهم إدارته مع أهم دول المنطقة, وأكثرها تأثيرا في قيادته وبناء سياساته .. موقنا أن المملكة ومصر هما البلدان الأكثر قدرة على المشاركة في صناعة الحلول وقيادة العالم العربي والإسلامي للخروج من نفق الصراعات والنزاعات التي تزعزع استقرار هذه المنطقة .. التي تمثل عصب الاقتصاد العالمي .. ويبقى بعدئذ الموقف الأمريكي نفسه, الذي يجب أن يلتقي رؤية الرياض والقاهرة .. أو يقابلها في منتصف الطريق .. وصولا إلى جملة من نقاط التفاهم .. التي تستطيع أن تقيل عثرات الإدارة الأمريكية السابقة, وأن تعيد بناء جسور الثقة التي تهدمت مع العالم الإسلامي .. جراء وقوف كل تلك الإدارات وانحيازها التام لإسرائيل على حساب الحق العربي .. إذ لا يكفي أن تتوقف هذه الرسالة عند التوفيق في اختيار هاتين العاصمتين وحسب .. ما لم تطرح الإدارة الأمريكية ثقتها فيما ستسمعه في الرياض والقاهرة .. وهما العاصمتان اللتان قامتا بدور الإطفائي في مآزق كثيرة .. كانت كافية لإشعال الحرائق في المنطقة أو تحويلها على الأقل إلى برميل بارود.
إنشرها