Author

قرض حسن من جمعية بر لشركة مساهمة!

|
فجّر الخبر الذي تداولته عدة مصادر صحفية وإلكترونية أخيراً عن الشركة السعودية للتنمية الصناعية "صدق" والمتعلق بالإنذار الموجه لها من قبل المالية مفاجأة من العيار الثقيل بعد أن صرحت الشركة بأنها تلقت خطاب إنذار أخير من وزارة المالية يطلب السداد الفوري لكامل مستحقات صندوق التنمية الصناعية على مصنع صدق للخزف. حيث ذكر الخبر أنه بحسب ميزانية الشركة فقد بلغ قرض صندوق التنمية الصناعية السعودي عليها بنهاية 2008م مبلغ 67.9 مليون ريال، كما أن عليها "قرض مرابحة" من أحد البنوك يبلغ 32 مليون ريال، إضافة إلى "قرض حسن" من جمعية البر في جدة يبلغ ثمانية ملايين ريال! هكذا بكل بساطة 8 ملايين ريال من أموال جمعية خيرية سعودية تدحرجت في بطن الشركة المساهمة كقرض "حسن" وآمل التركيز على كلمة "حسن" فهي ذات جلجلة وصلصلة من شأنها أن تفتح عديدا من الملفات المغلقة لكثير من الجمعيات الخيرية في هذا الوطن! لكن وقبل فتح أي ملف لابد أن أوضح لكم أنني عجزت تماماً عن إيجاد أي مبرر أو حتى ثغرة في النظام تجيز للجمعيات الخيرية إقراض الشركات المساهمة فأموال هذه الجمعيات كما هو معروف ملك لمستحقيها من الفقراء والمساكين خصوصاً وأن مصدر معظمها من التبرعات وأموال الزكاة والصدقات, وهذا ما دعاني للكتابة اليوم بحثاً عن إجابة من الجمعية المعنية أو وزارة الشئون الاجتماعية التي تشرف عليها فنظام الجمعيات الخيرية كما يعلم الجميع يجيز لها أن تتصرف في بعض مواردها المالية في مجال الاستثمار المتمثل غالباً في إقامة المراكز الطبية والصيدليات والعمائر السكنية والمدارس حيث تتم دراسة جدوى هذه المشاريع الاقتصادية قبل الموافقة عليها لضمان نجاحها واستمراريتها.. هذا إلى جانب مجالات الاستثمار المأمونة الأخرى, أما حكاية القروض "الحسنة" للشركات المساهمة والتي لاعلاقة لها بالاستثمار لا من قريب ولا من بعيد فهذه سابقة فريدة تستحق الوقوف عندها طويلاً! فإن كان فقراء المملكة ومعسروها والأسر المحتاجة والأيتام والأرامل وبقية الفئات المستحقة للمساعدة من هذه الجمعية انقرضت عن بكرة أبيها ولم يتبق في وطننا من يستحق الصدقة سوى الشركات المساهمة (الخاسرة), فلماذا لم يخبرنا أحد بذلك على الأقل لتطمئن قلوبنا على أفراد مجتمعنا ولنعمل بجد على استصدار الفتاوى من العلماء لجمع الصدقات أو حتى القروض "الحسنة" - في أسوأ الأحوال - لكثير من الشركات السعودية المساهمة ذات النتائج المالية المخيبة لآمال حاملي أسهمها؟! بقي أن أقول إنني تصفحت أثناء كتابة هذه المقالة الموقع الإلكتروني الخاص بجمعية البر الخيرية في جدة وتعرفت من خلال المعلومات الواردة فيه على أنشطة الجمعية التي تتمثل في: إيواء الأطفال, ومساعدة الأسر المحتاجة, وكفالة الأيتام, و"الدلالة" على الزواج (هكذا وردت حرفياً), وفتح العيادات الخيرية, وسقيا الحجاج, وتفطير الصائمين, وزكاة الفطر, وتوزيع الأضاحي.. ولذلك فأنا آمل من الإخوة المشرفين على الموقع أن يضيفوا له نشاط: "إقراض الشركات المساهمة قروضاً حسنة".. من باب الأمانة لا أكثر!
إنشرها