Author

صندوق و"صنيديق"!

|
لا أعرف متى سمعت أول مرة كلمة صندوق في حياتي، لكن أظنها في المدرسة عندما كان الفراش يحمل صندوق الوجبات المدرسية إلى الفصل ويقطع الحصة الثالثة, كان ذلك "قبل مقاصف البنجال" طبعا. والصناديق على ذكرها كثيرة لكن أسوأها سمعة عند الناس صناديق الاستثمار في بنوكنا التي التهمت الأموال في الأسهم بين عشية وضحاها، والغريب أنها ذات أسماء رنانة تعتقد للوهلة الأولى أن من يديرها أكبر اقتصادي في العالم، لكن في الحقيقة أنها لا تعدو كونها شراء أسهم في شركات معينة لا فرق وضعت أموالك في صندوق البنك أو صندوق سيارتك. وأعتقد أن أهم صندوق تم الحديث عنه في البلد خلال السنوات العشر الماضية هو صندوق الفقر الذي تحول فيما بعد إلى الصندوق الخيري الوطني، وشخصيا لا أعرف سبب التغيير إلا إذا كنا حتى الآن لا نزال لا نفضل الحديث عن هذا الغول، وكأننا نتجاهله أو نستحيي من ذكره. بعيدا عن الاسم فإن إنجازات الصندوق الذي تولى دفته الأسبوع الماضي مسؤول جديد مخيبة للآمال، وقلت شخصيا ذلك مرارا في هذا المكان لكن من يسمع! فعلى الرغم من أن نظام الصندوق ينص على معالجة الفقر بطرق "غير تقليدية" فإني حتى الآن لا أعرف ما هذه الطرق، فكل ما يعمل عليه حاليا هي طرق تقليدية تتمثل في قروض لمشاريع صغيرة، ومنح دراسية، وأيا كان اسم هذه الطرق فإن الصندوق لم ينجح فيها، فهو حتى الآن اكتفى بمنح دراسية لا تزال محل شك وأرقامها مخيبة، ومشاريعه البالغ عددها 3183 مشروعا يقول إنه دعمها، لم ينفذ منها سوى 800 مشروع, التنفيذ هنا كلمة مطاطة يمكن تفسيرها عدة تفسيرات. عودة لهذه الأرقام، فإننا نتساءل: هل يعقل أن عدد المشاريع هو فقط ثلاثة آلاف بعد كل هذه السنوات، وهل يعقل أن صندوقا غير حكومي مثل صندوق المئوية حقق خلال 2008 الأهداف التي رسمها, حيث مول 1040 مشروعا بقيمة 173 مليون ريال، واستقطب 2000 مرشد ومرشدة، وينوي تمويل 2000 مشروع خلال 2009، في حين أن الصندوق الخيري "الحكومي" المدعوم بـ 300 مليون سنويا لا يزال خاملا. هل يقول أحد إن هناك فرقا بين الحكومي وغير الحكومي، إذا كان كذلك ماذا نسمي بنك التسليف والادخار الذي استنفد رأسماله لإقراض الناس، وذهب إلى أكثر ما فعله الصندوق الخيري، ومول بقوة القروض الاجتماعية مثل قروض زواج، قروض أسرة، قروض ترميم المنازل، قروض المشاريع الصغيرة والناشئة، القروض المهنية، القروض الحرفية، قروض سيارات الأجرة والنقل المدرسي. ترى ما الطرق "غير التقليدية" المقصودة في نظام الصندوق هل هي: الاكتفاء بتوقيع الاتفاقيات مع الجمعيات الخيرية (الفقيرة أصلا) لتتولى هي مسؤولية مشاريع الصندوق أم أن هناك طرقا لا نعرفها ولا نراها بل نسمع عنها فقط؟
إنشرها