Author

المساهمات العقارية .. بداية مرحلة التصفية

|
تعثر المساهمات العقارية أزمة توشك على النهاية بعد أن دخلت معظم المساهمات في نفق طويل انتهى بها إلى ميدان التحقيق الجنائي، ولأن الأهم هو عودة الأموال لأصحابها وإغلاق هذا الملف الاستثماري الذي لم يكن له نصيب من النجاح، فإن دور لجنة المساهمات أن تقف على تلك الأصول المالية وأن تبدأ في مرحلة تصفيتها وتحويلها إلى سيولة نقدية ودفع رؤوس الأموال والأرباح إلى أصحابها بعد أن تحولت المساهمات العقارية إلى ظاهرة، حيث لا تتجاوز نسبة النجاح 20 في المائة، بينما تقترب نسبة الفشل والتعثر من 80 في المائة، ما أدى إلى إعادة تنظيم الآلية التي يتم بها الترخيص لفتح مساهمة عقارية وهو تنظيم جديد سيحقق تفادي أية أزمات أو تعثر في أوضاع المساهمات العقارية، كما أن المتقدمين بطلب فتح ترخيص مساهمة عقارية سيضعون في اعتبارهم أن توجيه دفة المساهمة لن يكون بأيديهم. ولأن القائم من المساهمات العقارية يبلغ حجم أصولها المالية أربعة مليارات ريال، ويتجاوز عددها 40 مساهمة، فقد تطلب الأمر تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير التجارة والصناعة لتعالج هذه اللجنة المساهمات العقارية المتعثرة، القائمة المرخص لها وغير المرخص لها. كما أن اللجنة ستكلف من تراه من المحاسبين القانونيين لإعداد مركز مالي لكل مساهمة، وإعداد تقارير مفصلة تشمل سجل المساهمين وحقوقهم المالية والجوانب القانونية والفنية للمساهمة ورفع تقارير دورية عنها ومتابعتها حتى تتم تصفيتها بما يحفظ حقوق المساهمين. إن لجنة المساهمات العقارية ستقوم من خلال المكتب المحاسبي بتصفية كل مساهمة وحصر الأموال وإعادتها إلى أصحابها، كما أن تعثر المساهمات يرجع إلى تقصير متعمد أو استخدام غير مشروع لأموال المساهمات من قبل المرخص لهم بفتح المساهمة، ولأن تفادي تكرار ذلك مستقبلاً يتطلب تعديل القوانين وآلية الترخيص للمساهمات العقارية، فإن ذلك لم يغب عن السلطة التنظيمية، حيث أصبح لهيئة السوق المالية دور في الترخيص والإشراف والرقابة، باعتبار أن المساهمة العقارية هي محفظة استثمارية يجب أن تدار وفق الأصول المالية والضوابط المحاسبية، ويجب أن تراقب من قبل جهاز يتمتع بالمتابعة المستمرة ويتواصل مع المرخص لهم، ويستطيع أن يعيد المساهمة إلى مسارها الصحيح لو انحرفت عنه. إن الإشكالية التي يتخوف منها المساهمون هي: هل توجد أصول مالية يمكن من خلالها تسديد حقوقهم؟ إن هذا التخوف في مكانه حيث ظهرت حالات تبديد لأموال المساهمة وإخفائها، بل تحويل بعضها للخارج حتى يظهر لمن راقب بعض تلك المساهمات أنها كانت فخاً وقع فيه الضعفاء وأصحاب المدخرات البسيطة، وطارت مع تلك المساهمات أموالهم وأحلامهم الاستثمارية، وإذا تحقق ذلك أمام لجنة المساهمات العقارية فإنها لن تجد مناصا من تحويل المرخص لهم إلى المحكمة لمقاضاتهم على جرائم نصب واحتيال متعمد وتبديد الأموال. لقد عانى صغار المستثمرين أزمة الثقة بسوق المساهمات العقارية وتكبدوا خسائر جمة نتجت عن عدم الالتزام من قبل المرخص له أو لهم بفتح المساهمات العقارية، ولأن النسبة المرتفعة لفشل المساهمات العقارية، التي تصل إلى 80 في المائة، تؤكد أن القضية برمتها ليست سوى مصداقية والتزام، ولعل صدور القرار بإعادة تنظيم نشاط المساهمات العقارية وعدم تقدم أي شخص أو مؤسسة أو شركة بطلب الترخيص بفتح مساهمة لما فيه من ضوابط جديدة وشروط دقيقة يشير إلى أن هناك استغلالا واضحا للثغرة القانونية، التي طالما تم استخدامها. أما اليوم فإن الضوء الأخضر قد أعطي لحل كل تلك التراكمات والإشكالات التي أساءت في الحقيقة إلى الاستثمار العقاري وحولت بيئته إلى بيئة مخيفة، بل تمس الثقة والائتمان اللازمين في أي استثمار تنموي.
إنشرها