Author

عبد الله الحمد التويجري.. أحب الحياة فرحل باكرا

|
"عبد الله الحمد التويجري" صديق عزيز غادر الحياة الخميس قبل الماضي بعد رحلة كفاح معها، وقد نظر إليها وكأنها الفرصة الوحيدة لتحقيق وجوده بل وجود كل إنسان.. لكنها كانت فرصة قصيرة أمام طموح كبير وتوجهات لا تعرف المستحيل عندما اختطفته يد المنون مع صديقه "صالح المسلم" في حادث سير وكأن القدر أراد أن يجمعهما أمواتا في قبرين متجاورين كما كانا يتجاوران خلال جلستي غداء الجمعة وعشاء الإثنين في سكن التويجري في حي الوادي بالرياض، وكما كان يسيران معا خلال ممارستهما رياضة المشي وكان حضورهما يملأ المكان ضجيجا وحبا ومرحا بوجود الأقارب والأصدقاء والمحبين وبعض البسطاء والغرباء ومن دارت عليهم الدوائر في مسرح الحياة المليء بالفرح والسرور والأمل والألم. في منزل شقيقه عبد العزيز حيث تتجلى أسمى معاني الأخوة ووشائج رابطة القربى بين الشقيقين، توافد المئات لتقديم التعازي في الراحل، يبرز الإحساس المأساوي في المكان وينسج اليقين بالزوال جوه في كل زاوية من زوايا المنزل بل في الحي كله. لم أستطع تصور الموقف بعد رحيل العزيز "أبو حمد" ليس على شقيقه وأبنائه وزوجته وأبناء عمومته وأخواله بل على جميع أسرة التويجري وأصدقاء وزملاء ومحبي الراحل الكثر. رأيت دموعا تنهمر حزنا، وبدت معها العيون وكـأنها متقرحة، وبدا الليل وكأنه ليل سرمدي، نجومه طالعة أبدا لا تغيب. في زوايا المجلس أطرق المعزون وكأنهم ينتظرون طلعته التي اعتادوا عليها في كل مناسبة يحضرونها وهو يملأ المكان مرحا وحبا، وأمام زفرات المعزين تتكرر الآمال المتلهفة يبعثها الحضور عميقة حارة، فلا يسمع لها مجيبا كأنهم ينادون في مكان قفر.. إنها مرارة الموت تترسب في قاع كل من فقد عزيزاً أو محباً في حادث فجائي دون أن يستعد لسماعه أو يتصور وقوعه، لذلك شعرت كما شعر محبو الراحل بفاجعة موته الفجائي.. كان عبد الله الحمد التويجري ذا كبرياء ونزق، لكنه يحمل قلباً مفعماً بالحب، ينام مرتاح البال لأنه لا يكره أحداً ولا يحمل ضغينة على أي كائن .. كان يحب الحياة بطريقته الخاصة، ويحاول قدر الإمكان أن يُسعد الآخرين ليسرقوا لحظات الفرح التي أحسن استثمارها لنفسه وللآخرين .. في حي الوادي سيقول التاريخ هنا كان يسكن عبد الله الحمد التويجري كإحدى محطاته في رحلة الحياة بعد أن غادر مدينته المجمعة والتي تنفست نخيلاتها وأثلها وكأنها تقول: مات أبو حمد "مع صديقه صالح المسلم بعد أن ذهبا ضحية السيارة التي كانا يستقلانها في صحراء سدير أثناء عودتهما إلى الرياض من المجمعة. وأقول إنه الموت وحده يختار الناس تباعا بالإفناء ويصطفي كريمة مال البخيل بالإبقاء، كما عبر عن ذلك طرفة بن العبد في معلقتة الشهيرة التي طرح فيها فلسفته في الحياة منطلقاً من أن ذواقة الحياة يرى حياته أشبه بالكنز الذي ينبغي أن يتمتع به، فينقص ليلة بعد أخرى، ومع هذا فإنه لا مهرب من الموت بالنسبة إلى كل حي، مهما طال حبل العمر، فكأن الموت هو حاكم الحياة. أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي ... عقيلة مال الفاحش المتشدد أرى العيش كنزاً ناقصاً كل ليلة ... وما تنقص الأيام والدهر ينفد لقد كان الراحل كريماً ومحباً للحياة وقد مات دون أن يكمل رصيده منها..
إنشرها