الصناديق العقارية .. والتثمين

لا يزال الحديث متصلاً عن إدارة صناديق الاستثمار العقاري، واليوم نتطرق إلى إحدى مهام مدير الصندوق والتزاماته في الوقت ذاته وهي: التثمين التي يجدر بالمستثمر أن يكون على علم بحيثياتها.
برغم أنه لم يتم إقرار قانون التثمين العقاري حتى الساعة، فإن التثمين العقاري في أبسط تعريفاته هو: عبارة عن رأي مهني من جهة مستقلة يهدف إلى تقدير قيمة العقار السوقية فيما لو تم بيعه بظروف السوق في وقت التقييم، ولو شئنا الاستطراد في التعريف لوصلنا إلى تفاصيل أخرى دقيقة ولكننا نكتفي بذلك.
كيف يقوم مدير الصندوق بالتثمين؟
فرضت هيئة السوق المالية في لائحتها الأكثر شهرة (لائحة صناديق الاستثمار العقاري) التي حلّت محل المساهمات العقارية سامحها الله. فقد نصّت أن يلتزم مدير الصندوق ( الشركة المرخصة) بتعيين مثمنين مستقلين يتمتعان بالكفاءة والمهارة والسمعة المهنية بتثمين أصول الصندوق العقاري (كل ما يملكه الصندوق من عقارات) وذلك كل ستة أشهر كحد أعلى.
فما محتويات تقرير التثمين هذا؟
يجب أن يحتوي هذا التقرير على أسلوب التثمين المتبع والافتراضات التي بُني عليها، وتحليل المثمّن للمتغيرات ذات العلاقة وتوضيح المخاطر المحيطة بالعقار، إضافة إلى معلومات عن العقار نفسه.
تبدو محتويات هذا التقرير فضفاضة نسبياً، وغير متوافرة في السوق السعودي على نحو أكثر نسبية، إلا أنها تشكل أساساً جيداً للانطلاق منه لتثمين الصناديق العقارية، وفي ظل انتظارنا لصدور القانون المنتظر فإن هذا النوع من التثمين هو البديل المتوافر. خصوصاً إذا أخذ في الاعتبار الغرض من ذلك التثمين.
الغرض من التثمين ليس بيع أصول الصندوق بطبيعة الحال ولا الاستعداد أو الترويج لذلك، بل التثمين في صورته الحالية هو أداة لقياس أداء الصندوق، ولمعرفة سعر الوحدة، ولذلك يطلق على سعر وحدة الصندوق العقاري الناتج عن تلك العملية مصطلح (السعر الاسترشادي) بمعنى أنه غير ملزم لمن يشتري أو يبيع وحدات الصندوق.
يقدم كل من المثمنين تقريره بشكل مستقل إلى مدير الصندوق الذي بدوره يقوم بتقويم أصول الصندوق العقاري من خلال ذلك تقرير المثمنين، طبعا باعتبار بقية أصول الصندوق غير العقارية.
كما أن للتثمين غرض آخر هو ترشيد قرار البيع أو الشراء في أصول الصندوق خلال فترة عمل الصندوق، حيث قد يتملك الصندوق أصولا عقارية خلال فترة عمله، أو يبيعها، ويختلف هذا التثمين عما سبق ذكره من حيث قربه من سعر السوق حيث إمكانية تنفيذ العملية مباشرة وهي المحك للتأكد من السعر بيعاً أو شراء.
وأخيرا فقد يتبادر إلى ذهن القارئ سؤال على جانب من الأهمية: كيف يقوم مدير الصندوق بتعيين المثمن، ويعتبر مستقلاً في الوقت نفسه؟
إن تعيين مدير الصندوق للمثمن ليس تعيينا نهائياً، فهو ترشيح في أحسن الأحوال، حيث إن مدير الصندوق يرفع أسماء الشركات المرشحة لتثمين الصندوق العقاري إلى هيئة السوق المالية، ويجوز للهيئة بصفتها الجهة التشريعية والرقابية أن تتحرى عن المثمّن، ومدى استقلاليته، وعلى ذلك تعتمد أو ترفض هذا الترشيح. وفي الوقت ذاته فإن لوائح الهيئة تعتبر المثمن طرفاً ذا علاقة بالصندوق، وبالتالي فإن تعاملاته مع الصندوق – إن وجدت – تنطوي على تضارب مصالح يجب الإفصاح عنه ومعالجته.
وكما أسلفنا في حلقة (المحاسب القانوني) فإن محور الاهتمام هو المستثمر، مالك الوحدات في الصندوق العقاري، وبما أن المثمن من ضمن المعلومات التي يجب ذكرها في شروط وأحكام أي صندوق استثمار عقاري، ويتقاضى أتعابه من أصول الصندوق، فإنه يجدر بهذا المستثمر الاستقصاء عن المثمن وسمعته، واستقلاليته، ومدى كفاءته في هذا الميدان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي