لكل مرحلة خطة ورجال

يأتي التعديل في الحكومة السعودية كسنة حسنة أقرها خادم الحرمين الشريفين - المغفور له بإذن الله - الملك فهد بن عبد العزيز عندما أصدر نظام مجلس الوزراء الحالي في الثالث من شهر صفر من سنة 1414هـ واضعا مدة معينة للمجلس وهي أربع سنوات يتم بعدها إعادة تشكيله. لكن التعديل وفقا للسياسة السعودية يأتي تعبيرا عن المرحلة ولكل مرحلة خطة ورجال. لطالما صنع الشعب السعودي بقيادة الأسرة السعودية الحاكمة، رجالاته وكفاءاته الخلاقة تبعا لكل مرحلة من مراحل التنمية والتقدم التي لم تزل تمر بها هذه الأرض المباركة منذ تولى الملك عبد العزيز - رحمة الله - زمام الأمر فيها. لذلك لم يكن التعديل الذي أقره خادم الحرمين الشريفين بالأمس الذي طال مجلسي الوزراء والشورى ومجلس القضاء الأعلى و هيئة كبار العلماء، تغييرا جدليا بقدر ما هو تغيير يتناسب مع المرحلة. مرحلة التنظيم القانوني وسيادة روحه.
لقد سعت المملكة العربية السعودية منذ تولي خادم الحرمين الشريفين على تحديث جميع الأنظمة والقوانين بل واستحداث عدد من الهيئات التي تعبر عن المجتمع. وتحركت في سبيل ذلك عدد من القضايا الشائكة قُدم منها قضايا تتعلق بنظام المرافعات الشرعية وإطلاق هيئة لمكافحة الفساد وهيئة وطنية لحقوق الإنسان. لذلك أتى التشكيل الوزاري الجديد ليعبر عن هذه المرحلة وصدر أمر ملكي سامي بتعيين معالي الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ وزير العدل السابق رئيساً لمجلس الشورى، وفي ذلك إشارة واضحة الدلالة على أهمية المرحلة القادمة من خلال الدور المحوري الذي قد يلعبه مجلس الشورى في صياغة الأنظمة ومراجعتها، كما أصدر خادم الحرمين الشريفين قرارات بتعيين أعضاء في المحكمة العليا، وأمر حفظه الله تعيين الشيخ محمد بن عبد الكريم العيسى وزيرا للعدل، كما صدرت قرارات بتأليف المجلس الأعلى للقضاء برئاسة الشيخ صالح بن عبد الله الحميد ذو الخلفية الواسعة بأعمال مجلس الشورى وبتعيين الشيخ عبد الله بن منيع والشيخ عبد الله المطلق والشيخ عبد المحسن العبيكان مستشارين في الديوان الملكي. فإن هذه التعينيات كلها تأتي متوافقة مع تعيين رئيس مجلس الشورى ذو الخلفية القانونية والخبرة العريضة في هذا المجال. لذا فإنه من المتوقع خلال السنوات الأربع القادمة أن تشهد قبة مجلس الشورى نقاشات قانونية عميقة جدا وقد تشهد عديد من الأنظمة المعمول بها تغيرات مناسبة.
وإذا كان التعديل الوزاري في بعض دول العالم يأتي نتيجة المشكلات السياسية فإنه يأتي في المملكة نتيجة طبيعية للتكامل بين المراحل وخلق صلة للانتقال من مرحلة إلى أخرى بهدوء لا يضر بمصلحة المواطن وأعماله اليومية. فتعيين الدكتور عبد الله الربيعة وزيرا للصحة يشير إلى تبني حكومة خادم الحرمين الشريفين لمرحلة طبية متقدمة وخير من يقود هذه المرحلة هو الدكتور الربيعة الذي يملك تاريخا مشرفا في رفع اسم المملكة عاليا في مجالات طبية متقدمة. كما يأتي التعديل الشامل الذي شهدته وزارة التربية، التعليم لتعكس رغبة خادم الحرمين الشريفين في أن يشهد هذا القطاع تقدما يتناسب مع ما ترصده حكومة خادم الحرمين من ميزانية ضخمة له. وفي تعيين نورة الفايز نائبا لوزير شؤون البنات، استمرارا لجهود خادم الحرمين الشريفين على أن تنال المرأة السعودية الفرصة في صناعة القرار الذي يمسها بشكل مباشر. وفق الله خادم الحرمين الشريفين وحكومته إلى كل ما يحبه ويرضاه وما فيه مصلحة هذه الأمة ورخاؤها والله أعلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي