Author

إصلاح سوق الأسهم .. جهات أخرى

|
لنتفق أولا على نقطة مهمة. وهي أن إصلاح السوق لا يعني بالضرورة ارتفاع قيمة المؤشر. على أن ارتفاع قيمة المؤشر ربما يعني قلة المطالبة بإصلاح السوق. فالسوق أيام العز لم يكن في أفضل حالاته من حيث الشفافية والعدالة والتنظيم بل كان يعج بالمضاربين أو بلفظ أدق (المتلاعبين). ولكن الأرباح كانت تتوالى على المتداولين والناس يربحون وانتشرت مصطلحات جديدة مثل مصطلح "سهم نسبة" و"سهم تدبيلة" وكان الناس يتداولون تلك الكلمات بحجم تداول الأسهم الذي قارب وقتها 50 مليارا. والذي كان يطالب بإصلاح السوق في ذلك الوقت كان يعد مرجفا أو في أفضل حالاته فضوليا "ملقوفا"، والسوق اليوم لم يصل إلى الإصلاح المنشود ولكنه ولا شك في وضع أفضل من حيث الإصلاح. وقرارات الهيئة ولوائحها التي تصدر يوما بعد يوم بل حتى غراماتها التي تعلن هي وسائل لإصلاح السوق. ولكن إصلاح السوق ليس منوطا فقط بهيئة السوق المالية أو وزارة المالية. وسأحاول في هذا المقال ومقالات أخرى إن شاء الله أن أسلط الضوء على جهات يحتاج دورها إلى تعزيز فيما يتصل بسوق الأسهم. أولا دور المؤسسة الدينية في إصلاح السوق. فللمؤسسة الدينية ثقل كبير في المملكة من جهتين. فأولا السعودية هي مركز العالم الإسلامي وقلبه النابض من جهة. ومن جهة أخرى لدى الناس والمتداولين خصوصا تقدير كبير للعلماء والمشايخ والوعاظ ويسترشدون بهم ويرجعون إليهم. وعلى الرغم من أن الخطاب الشرعي كان حاضرا في سوق الأسهم. والعلماء – مشكورين – بذلوا جهودا في توضيح الحلال والحرام إلا أن التركيز كان أكثر على نسبة المعاملات غير الشرعية في الشركات أو جواز الاكتتاب في شركة تحت الطرح الأولي. والناس لدينا محافظون وملتزمون بطبيعتهم. وهناك مضاربون لا تفوتهم صلاة الفجر جماعة خلف الإمام وآخرون يتورعون عن الاستثمار في شركات مختلطة ويفرون من الريال الحرام فرارهم من الأسد. ولكنهم يعتقدون أن سوق الأسهم سوق (ذيابة)، والذيابة لا تخاف من الأسد. والفقه الإسلامي ممتلئ بمفاهيم ومصطلحات مهمة مثل النجش وتلقي الركبان والغرر والغش. وسوق الأسهم ممتلئ هو أيضا بمصطلحات مثل تدوير المحافظ وخبر أو معلومة عن الشركة والتطبيل والإرجاف. ونحن لا نحتاج فقط إلى كلام عام عن تحريم التلاعب بالأسهم وأكل أموال الناس بالباطل ولكن نحتاج إلى برامج مكثفة حول تداول الأسهم من النواحي الشرعية، ويحتاج المشايخ إلى فهم التكتيكات التي يطبقها المضاربون والغوص في مصطلحاتهم حتى يبين الجائز منها من عدمه كما قال أبو فراس الحمداني عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه ومن لا يعرف الشر جدير أن يقع فيه ونحتاج أيضا إلى تكرار عملية الوعظ والإرشاد في الصحف والمجلات وخطب الجمعة والوسائل الإعلامية وتكثيفه حتى نصل إلى درجة أن يكون للرقيب الشرعي الداخلي دور في خلق بيئة استثمارية أفضل.
إنشرها