Author

المرأة السعودية القضية!!

|
تابعت ما نشر عن الندوة التي عقدت في النادي الأدبي في الرياض مساء السبت الخامس من الشهر الحالي وعنوانها (المرأة السعودية ما بين الأسلمة واللبرلة)، والتي تم فيها استضافة الدكتور محمد السعيدي والدكتور عبد الرحمن الحبيب الذي نشرت بعض الصحف كلمته هو فقط وغيبت نشر ما قدمه الدكتور محمد السعيدي!! وكان من العدالة أن تنشر مشاركتهما معا ليكون القارئ هو الحكم على ما تمت مناقشته في تلك الأمسية أما أن تغيب مشاركة الدكتور محمد ويتم التعليق عليها من قبل تغطية قيل إنها غير محايدة - ممن حضر الندوة - فذلك موقف يدل على الضعف وعدم الحيادية من الصحف التي تجدف ضد التيار المجتمعي بشكل عام. ثم الأهم لماذا لا تتم استضافة النساء أنفسهن ليتحدثن عن هذا الموضوع بأنفسهن؟ هل هذا مؤشر على عدم قناعة إدارة النادي هناك أن النساء هن الأقدر على هذه المناقشة؟ ولكن بشرط أن تكون هناك حيادية أيضا في استضافة من يمثلن ما يرغب النادي مناقشته، أي موضوع المرأة بين الأسلمة كما يقال! واللبرلة! وهو مصطلح توقفت عنده طويلا وكأني أقرأ ما كان يكتب في الصحف المصرية قديما والتي يتم نشرها في الكتب التي يؤلفها عدد من المؤرخين لحركات تحرير المرأة المصرية! ما أراه مما قرأت أن الدكتور الحبيب لم يوفق في مناقشته في تلك الورقة التي نشرت فهناك خلط واضح بين النص الذي يري أنه يمثل العرف وهو يناقش الحديث النبوي!! فيقول: (فأغلب التقاليد المحلية تنظر للمرأة باعتبارها ناقصة عقل، فمن الطبيعي أن تراها مادة للاستقطاب الفكري. فالتقليدية السلفية ترى المرأة في وضع سكون وتبعية، لذا فالتقليدي يظن أن الحداثة تريد شيئا من المرأة بالطريقة التي يريدها هو وإن كان بمضمون مختلف، بينما الحداثة تتعامل مع المرأة والرجل على قدم المساواة. إذن التقليدية كفكر ذكوري تخاصم الفكر الذي يحرك دور المرأة باعتباره فكراً ذكورياً آخر وفكراً متآمراً، رغم أن الطرف الآخر يتعامل مع هذه المسألة دون تفريق جنسي). هذه العبارات فقط فيها خلط كبير فيربط بين التقاليد والحديث النبوي الشريف! ناسيا أن النص النبوي لا يمكن توظيفه للتعبير عن سلوكيات اجتماعية! ثم استخدامه مصطلحي التقليدية السلفية! وربطها بالفكر الذكوري! وهما مصطلحان لا يتقابلان أبدا فهما من جذور تاريخية متناقضة، وليته يعيد قراءة أجندة الحركات التحريرية للنساء والأنثوية الراديكالية كي يصحح هذا الخلط في استخدام المصطلح. ولأن هناك خلطا في المصطلح امتد بالتالي هذا الخلط لموضوعية مناقشة قضايا المرأة في المجتمع. أما مشاركة الدكتور محمد السعيدي التي لم تنشر إلا على موقع إلكتروني فقط! فقد بدأها بقوله: (يعجبني أن أبدأ حديثي في هذه الندوة بتأمل في قول الله تعالى (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) وقوله تعالى: (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ اللَّهِ كَثِيراً) فعبارة الدفع في الآيتين مطلقة بمعنى أنها صادقة على كثير من أساليب التدافع، كما أن عبارة الناس هي من ألفاظ العموم التي تستغرق جميع ما تصلح له. ومن ذلك يمكن أن نقول إن سنة التدافع بين الناس ليست مقتصرة على شكل واحد من أشكال التدافع وهو التدافع العسكري كما قد يميل إليه البعض، وكذلك فهذا التدافع ليس منحصرا في جنسي المؤمنين والكافرين ومقاومة أحدهما للآخر. بل سنة التدافع يمكن أن يفسر بها جميع أشكال العلاقات بين التيارات المختلفة والمتصارعة سواء أكان هذا الاختلاف في شكل اقتصادي أم اجتماعي أم فكري، وسواء أكان ذلك التصارع فكريا أم عسكريا أم سياسيا. فكل هذه الاختلافات أيا كان شكلها وأيا كانت وسيلة التعبير عنها تدخل في دائرة التدافع المؤدي في حقيقته إلى حفظ الأرض من الفساد. وقد يكون هذا الحفظ كليا في صورة منع الظلم والتجاوز مطلقا، أو يكون جزئيا في صورة تحجيم الظلم والتجاوز في دائرة أضيق. وقد بلغت هذه السنة الكونية من ظهورها أن التفت إليها المفكرون والفلاسفة وحاولوا تفسيرها بطرق مختلفة، لعل من أبرزها تلك الفلسفة التي تفسر حركة التاريخ بتناقض الأفكار والطبقات، ومن ثم هيمنة الفكرة النقيضة على الأصل السائد لتعود من جديد حركة التناقضات ووجه الشبه بين نظرية التناقضات وفكرة التدافع: أن كلا النظرتين تحيلان استئثار فكرة واحدة بالهيمنة المطلقة أبدا، أما أوجه الخلاف بينهما فكثيرة ولعل مما يناسب بيانه هنا منها: أن نظرية التناقض تحتم انتصار الفكرة الوليدة على نقيضتها الأم، أما القول بسنة التدافع فلا يجعل ذلك حتميا إلا في حالة واحدة وهي عدم استعصاء الفكرة الأم على تصحيح مسارها واستجلائها أمام مسايرة الفكرة النقيضة أو لنقل المخالفة ومحاولة استفادتها منها. في ظل الاستعصاء يمكن أن تتفوق الفكرة الوليدة أو المخالفة على حاضنتها وتستغل عجز تلك الحاضنة عن مسايرة المتغيرات للانقضاض عليها والحلول مكانها. وفي حال استطاع الفكر السائد الاستفادة من الفكر الوليد في إذكاء حركته الداخلية لتصحيح أخطائه وغلق الثغرات التي يمكن الولوج إليه من قبلها فإن ذلك مؤشر على أن الفكرة الوليدة ستبقى كما هي وليدة وستظل السيادة للفكرة الأم مدة أخرى من الزمن. على هذا النسق يمكن أن نفهم الصراع أو الحراك الذي دار في سائر البلاد الإسلامية بين الليبراليين والإسلاميين على مدى قرن أو أكثر من الزمان). أجد هذه المقدمة أشد اقترابا من الموضوع وتوضيح إطاره التاريخي المعرفي وليس فقط الديني الذي لا يمكن أن يتم تجاوزه أو إلغاؤه من المنظومة الاجتماعية لأي مجتمع إسلامي. من مقدمة الدكتور الحبيب التي بدأها بتوضيح أن محاور الندوة كما وصلته من إدارة النادي: (وكانت عن المرأة السعودية بوصفها نقطة تجاذب ومادة استقطاب واستمالة من شتى التيارات الفكرية.. ووضعها قبل 11 أيلول (سبتمبر) وبعده من حيث حالتها الاستقطابية وموقفها من تجنيدها لهذا الطرف أو ذاك.. وإذا بدأت بالعنوان فإني أفهم الأسلمة هنا باعتبارها مصطلحاً تفعيلياً للإسلاموية، أو كفاعلية للإسلاميين. والفرد الإسلامي هو مصطلح سياسي محدث، أما من يدين بالإسلام فهو مسلم؛ في حين أن الإسلامي - حسب فهمي - فهو فرد مسلم ملتزم بنظرة أيديولوجية تُكرس البعد الديني في كل قضايا الحياة حتى تلك التي تقع تحت المظلة الدنيوية التي أشار إليها الحديث الشريف: (أنتم أعلم بأمور دنياكم). وهنا يأتي الخلاف بين الإسلامي وبقية التيارات الفكرية غير الإسلاموية؛ أي الخلاف فيما يدخل وما لا يدخل في الحيز الديني، وفيما يدخل به الديني أو لا يدخل في الحيز الدنيوي. ففي الوقت الذي يرى فيه الحداثي أو الليبرالي المسلم أن المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأدبية هي قضايا دنيوية، وأن الجانب الديني فيها هو جانب أخلاقي وقيمي، يعطي توجهات أخلاقية عامة، دون الدخول في تفاصيل العمل باستثناء ما جاء فيه نص قطعي الدلالة والثبوت، يرى الإسلاموي ألا فصل بين الديني والدنيوي، وأن الدين يدخل في أغلب تفاصيل تلك المسائل إن لم يكن كلها، وبالتالي فإن كل عمل لا بد أن تتم أسلمته مهما كان دنيوياً). تابع
إنشرها