Author

الإسلامُ وهوليوود (2-2)

|
.. وتحدثنا بالمقالةِ السابقة عن سطوةِ اليهودِ المعروفةِ في مملكة السينما الهوليوودية، واستدركنا أن بعضَ الأفلام الكبرى، التي أخرجها مخرجون عالميون يُشار إليهم بالبنان، وأدى أدوار أبطالها قممُ نجوم هوليوود، أنصفتْ الإسلامَ والمسلمين. وبدأنا بفلمٍ من بطولة "كيفن كوستنر"، وهو مخرجٌ أوسكاريٌ أيضا، و"توماس فريمان" أيقونة الشاشة الهوليودية الأسود، بعنوان "روبن هود أمير اللصوص" وإن تذكرت أو رجعت للمقال وجدت أننا وقفنا عند ظهور ذكاءِ وحكمةِ وفطنةِ ووفاء "عظيم" وهو دور "فريمان" كمسلمٍ أسود، كأول رمزٍ على أن الإسلامَ لا يقيم فرقاً بين البشر، وكون "روبن هوود" (كيفن كوستنر) بطلا شهماً، يريد أن ينصف الفقراءَ من ظلم الإقطاعيين، ولكنه وثلته كانوا متهوّرين، بدائيين بالنسبة للمسلم "عظيم".. في أحد المشاهد يحرر روبن هود "عظيم" فيقسم له هذا بالوفاء، ويتعجب "روبن" من إصرار المسلم على شدّة الوفاءِ فيرد عليه: "هذا ما علمني الله". ويفقد "روبن" الاتجاهَ في البحر، فيخرج "عظيم" الاسطرلابَ فيتعجب "روبن"كيف يستطيع عظيم أن يحدد الاتجاه، فيخبره: "إن اللهَ وضع لنا نجومَ السماءِ كي نهتدي بها لذا تعلمنا مواقع النجوم". .. لما وصل روبن مع "عظيم" إلى إنجلترا، وجد أن أباه قـُتل وحُرِقَ بيتـُهُ، لأنه وقف ضد الملك شارل الذي أيّد الغزوَ الصليبي، وطيلة الفيلم كان "روبن" يحتجّ على غزوٍ لا معنى له ضد ناس لهم أرضهم ودينهم، كتسجيلٍ واضح على خطأ الحملاتِ الصليبية.. ولما تستقبلُ عُصبة الغابةِ روبن و"عظيم"، تأففوا من اصطحابه هذا "البربريِّ المتخلف".. وفي أول هجوم لجند الشريفِ الإقطاعي ضدّ جماعة الغابة، اعتلوا الشجرَ كي يرصدوا القادمين لمهاجمتهم، وبينما هم يطالعون الأفقَ المفتوح، أخرج عظيمُ منظاراً مقرِّباً ورأى عن بعدٍ كوكبةَ الجنودِ الزاحفةِ، فأخبرهم ولم يصدقوه، ثم أخذوا منه المنظارَ واحداً بعد واحد، وكلما طالعَ واحدٌ منهم في المنظار رأى الصورة المقربةِ للجند، فيشهر سيفـُه ليقاتلهم ظنا منه أن الجنود قبالة وجهـِهِ، وكان "عظيم" يضحك في سرِّهِ ويتمتم: "هه، ويسمونني أنا بالبربري المتخلف!"، وبفضل حكمة "عظيم" وتكتيكاته العلمية العسكرية فاز "روبن" وعصبته ضدّ الأشرار.. ومثـّل من يُسمى بالإنجليزية وأعراف هوليوود بـ "الميجا ستار"، أي النجمُ الأكبر، "ويل سميث" فلماً بعنوان: "علي Ali"، مجسِّداً شخصية "محمد علي"، الملاكمُ الأمريكيُ الأسودُ الذي اعتنق الإسلامَ، وكان على "ويل سميث" أن يدرس أشياء عن الإسلام.. بعد الفلم شاع أن "سميث أعلن إسلامَهُ، وثارتْ ضده زوبعةٌ كبرى. كثيرون يقولون إن "سميث" أسلم، إلا أنني بحثت عن معلومةٍ تؤكد فلم أجد، كما أني قرأتُ كتاباً عنه، ولم أجد أيضاً ما ينفي أنّه اعتنقَ الإسلام.. ولكني أنقل قولاً أكيدا صرحَ بهِ سميث: "الإسلام فُهم خطأً في أمريكا والغرب، فهو دينٌ راقٍ ودينُ محبةٍ وسلام". كما تأكد أن سميث يملك مصحفاً وسجادةَ صلاةٍ في منزلِه، وشهودٌ قالوا إنه يقرأ القرآنَ ويصلي على السجادة.. ولقد أحدث الفيلمُ فورةً في أمريكا وغيرها بالنهل معرفةً عن الإسلام، والنتائجُ أن كثيراً هادنَ أو أسلم. ودارت في العالم شهرة الفلم الكبير "مملكة السماء Kingdom of Heaven" والذي أخرجه المخرج الذائع الاسم "السير رادلي سكوت" الأوسكاري، وهو بريطاني، واشتهرَتْ وقتها، وهو يحضَّرُ للفيلمِ، مقالةٌ ظهرتْ في يناير من عام 1904م في "التلغراف" البريطانية لمؤرخٍ بريطاني بالغ التأثير، يحتج بفظاعة أسلوبيةٍ، وغضبٍ حانق، على الفلم الذي أظهرَ المسلمين فترة الحرب الصليبية بالتقدم والازدهار والحضارة، والصليبيون شذاذُ آفاقٍ من الهمَج، لدرجة أن المؤرخَ المحترَم وصف الفيلمَ وصفاً خارجاً عن لغةِ العلم والذوق حين قال: "هذا الفلمُ مجردُ زبالة!" ومن طرفٍ آخر يوحي لك أن هذا المؤرخَ فطِنَ للأثر الذي سيتركه الفيلم من نصرةٍ للإسلام، ودحضٍ لمفهوم الحملات الصليبية.. مثـّل في الفيلم مفخرةُ نجومِ بريطانيا، الشابُ "أورلاند بلوم"، و"جيرمي أيرونز"، و"ليام نيسون".. وأحداثُ الفيلم تجري في عهد الملك "بولدوين السادس"، الذي أدّى غزوُهُ للقدس إلى معركة حطين في عام 1187م، عندما فتح صلاح الدين القدسَ للمسلمين.. وأظهر الفيلمُ صلاح الدين مُهاباً صادقَ الوعدِ مهما مكر الصليبيون بمواثيقه معهم، عادلا، يجنح السلام، حاقناً للدماء، محافظاً بنبلٍ وشرف على أميرة إنجليزية، بينما بدا فرسان الهيكل الصليبيون أشرارا مثيرين للحرب والولغ بالدماء.. الرجل الشجاع المخرج "السير سكوت" صرّح: "هذا الفيلمُ جاء ليضع التاريخَ في مساره الصحيح!". وفي فيلم بعنوان "المقاتل الثالث عشر THE 13TH WARRIOR" من بطولة الإسباني الشهير "أنتونيو بانديراس"، وأخرجه جون مكتيمان (الذي أخرج "داي هارد" لبروس ويليس). والقصة عن رحلة "أحمد بن فضلان" في القرن العاشر الميلادي، لبلاد الصقالبة (نهر البلغار واسكندنافيا الحاضرة)، ومستمدةً من كتابٍ قرأته، ألـّفـَهُ "مايكل كريشتون"، بعنوان:" آكلو الأموات، The Eater of the Deads"، ويبدو ابن فضلان وريثَ حضارة وعلم ودين راق يبهر المتوحشين الفايكنج، وينبهرون كيف يكتب الأصوات.. أقول لك ليس فقط غير المسلمين، بل حتى من المسلمين أنفسِهم، لم يسمعوا برحلة ابن فضلان قبل ظهور الفلم.. وأيّدت الأكاديمية النرويجية الكثيرَ من أحداثِه. وأخيرا، وليس آخرا، الفلمُ الوثائقيُ الذي بهر أهلُ الصنعةِ السينمائية في العالم، بعنوان: "إمبراطورية الإيمانThe Empire of Faith " عن تاريخ حضارة وتقدم المسلمين في العلوم والفنون، وأنه دينٌ حكـَم العالم كأفضل فترةٍ حُكِمَت بها البشرية.. وأرجوك أن تقتنيه، أو تقرأ أثرَهُ العميقَ فيمن رآه، وعلـّقـَتْ عليه صحفٌ مثل "الوول ستريت"، و"النيويرك تايمز"، ومجلات ودوريات، وقالت: من أراد أن يعرف الإسلامَ على حقيقته فليشاهد فيلم الفيديو الوثائقي: إمبراطورية الإيمان.. هل قلتُ ما يكفي؟ هل وضحت الرسالة التي أريد أن تصل لنا جميعا، وبالذات لعلمائنا الأجلاء.. لكي ندخل ساحةَ الدعوة للإسلام وتصحيح الفهم الغالب بفِلمِ إسلامي؟ أم أني ما زلتُ مغشيَّ البصر؟
إنشرها