Author

هل تنجح البنوك السعودية في انتشال الاقتصاد من شبح الركود؟

|
1- يبدو أن الكثيرين لا يعرفون مجموعة العشرين بمن فيهم وزير مالية أكبر دولة عربية. كما يشاع بأن الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش هو الآخر لا يعلم عنها شيئاً إلى أن نبهه لذلك رئيس وزراء أستراليا كيفين رد. إن هذه المجموعة أنشئت بقرار من قمة الدول السبع الصناعية الكبرى في حزيران (يونيو) عام 1999. وكانت تتكون في الأساس من وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية للدول الصناعية السبع الكبرى إلى جانب نظرائهم من أهم 12 دولة في العالم بمن فيهم المملكة العربية السعودية، إضافةً للاتحاد الأوروبي. كما يشارك في اجتماعاتها كل من رئيس البنك المركزي الأوروبي، ومدير عام صندوق النقد الدولي، ورئيس البنك الدولي، ورئيس اللجنة المالية المنبثقة عن مجلس محافظي صندوق النقد الدولي، ورئيس لجنة التنمية المنبثقة عن مجلس محافظي البنك الدولي. واجتماعاتها سنوية مجدولة حتى عام 2014، عندما ستجتمع في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية - إن شاء الله - وقد عقد أول اجتماع لها في مدينة برلين في كانون الأول (ديسمبر) عام 1999. ومع أن فكرة اجتماع أهم قادة العالم لمناقشة الأزمة المالية جاءت في البداية من رئيس الوزراء البريطاني براون إلا أن الرئيس الفرنسي ساركوزي تحمس لها ودفع بها إلى الأمام. لكن اختيار مجموعة العشرين جاء في الأساس من رئيس وزراء أستراليا. 2- وحتى يكون لدينا تصور مبدئي عن حجم المشكلة, فإن الأزمة المالية الآسيوية التي ضربت النظام البنكي العالمي في عامي 97 / 1998 تسببت في خسارة البنوك مبالغ قدرت بـ 400 مليار دولار, كما انخفض سعر برميل البترول من 37 دولارا إلى 10 دولارات. أما الأزمة الحالية, فإن التقديرات الأولية لبنك إنجلترا – البنك المركزي – تشير إلى أنها وصلت إلى حدود 2.8 تريليون دولار. وقد قامت البنوك باقتطاع ما مجموعه 965 مليار دولار من هذه الخسائر. كما أن أسعار البترول انخفضت من 147 دولارا للبرميل الواحد إلى ما يقل عن 40 دولارا. وتقدر سكرتارية منظمة التعاون والتنمية أن 25 مليون شخص سيفقدون وظائفهم خلال عام 2009 جراء الأزمة. 3- لسوء الحظ، ما زالت الأزمة تتفاعل: فقد أعلن بنك التسويات الدولية قبل أسبوعين أن القروض البنكية عبر الحدود قد انخفضت بمقدار 1.1 تريليون دولار خلال النصف الأول من عام 2008، كما انخفض إصدار السندات في جميع أنحاء العالم إلى 247 بليون دولار بنسبة 77 في المائة في الربع الثالث من السنة. أما السندات المقومة باليورو فوصلت إلى مبلغ زهيد هو 28 مليار دولار أي بنسبة انخفاض 94 في المائة. بمعنى آخر فإن السوق المالية الدولية قد انكمشت إلى بضع معشار ما كانت عليه قبل الأزمة. والأسوأ من ذلك أن التوقعات الأخيرة للبنك الدولي تظهر أن التجارة الدولية ستنكمش بمعدل 2.1 في المائة (بالسالب) في عام 2009 وأن التدفقات الرأسمالية للدول النامية ستنخفض بمعدل 47 في المائة وأن نسبة نمو الاقتصاد العالمي لن تتعدى 0.9 في المائة للسنة نفسها. أما بالنسبة للمملكة وبقية الدول المصدرة للبترول فإن توقعات البنك الدولي تشير إلى أن الطلب العالمي على البترول سينخفض لأول مرة في تاريخه بمعدل 50 ألف برميل في اليوم لهذا العام و450 ألف برميل في اليوم في عام 2009. 4- رغم أن القمة الأولى لمجموعة العشرين التي انعقدت في واشنطن في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي لم تتخذ أية قرارات ملموسة فيما يخص إعادة هيكلة النظام الاقتصادي الدولي، إلا أنها أكدت عزم القادة على التنسيق فيما بينهم لاحتواء الأزمة المالية التي عصفت بالعالم، وكأن القادة بذلك الاجتماع قد أسسوا آلية جديدة لإدارة الاقتصاد الدولي على أنقاض مجموعة السبع الصناعية الكبرى التي فشلت في مهمتها. كما قرر القادة الاجتماع مرةً أخرى في لندن يوم العاشر من نيسان (أبريل) 2009 عندما يكمل الساكن الجديد في البيت الأبيض مائة يوم من ولايته. وحدد القادة جدول أعمال ذلك الاجتماع، كما كلفوا لجاناً مختصة بدراسة كل فقرة من هذا الجدول وتقديم المقترحات قبل نهاية شهر مارس المقبل. وفي هذا البحث سأستعرض جدول أعمال القمة المقبلة لمجموعة العشرين كما حددها الاجتماع الأول مختتماً ذلك بعدد من الملاحظات والتوصيات. #2# جدول الأعمال كما حددته القمة الأولى: 1- الأزمة المالية كانت في الأساس في القطاع البنكي. لذا فإن أول رد فعل للقمة كان المطالبة برفع رؤوس أموال البنوك التي تدنت بشكل مخيف خصوصاً في الولايات المتحدة. كما طالبت بوجود أجهزة قوية لإدارة المخاطر. ولا شك أن زيادة رؤوس أموال البنوك (حتى ولو من مصادر حكومية) وتضخيم أجهزتها لتصبح أكثر فاعلية في إدارة الخاطر سيؤديان إلى تدني الربحية. كما أكدت القمة تقوية الرقابة على البنوك وعلى صناديق التحوط والمشتقات. وقد سبق لقواعد بازل 2 أن سمحت للبنوك بتحديد مستوى رأسمال الذي تحتاج إليه وفقاً لتصنيفها الداخلي أو وفقاً لما تقترحه مؤسسات التصنيف الدولية مع إهمال شبه تام لعامل السيولة. لذا فإن أي قواعد توضع في المستقبل ستتضمن حدوداً جديدة للسيولة المملوكة للبنوك وليس السيولة المقترضة. وقد يتطور هذا الموضوع إلى إيجاد ترتيب بين البنوك تجمع بموجبه مبالغ معينة من مواردها لتوفير السيولة عند الحاجة. كما قررت القمة تكوين فرق عمل لدراسة عدد من المواضيع ذات العلاقة بالقطاع البنكي أهمها: أ‌- جعل أنظمة الرقابة على البنوك تسير بطريق يخفف من الأزمات الاقتصادية. فطبيعة العملية الرقابية حالياً تؤدي إلى تعميق المشكلة, حيث إنها تتطلب من البنوك تقييد القروض وزيادة الاحتياطيات في أوقات الأزمات, ما يقلل من السيولة في النظام الاقتصادي ككل ويفاقم الأزمة. وقد يكون الحل تشجيع البنوك على بناء احتياطيات كبيرة في أوقات الرخاء. ب‌- وضع قواعد محاسبية دولية جديدة بما في ذلك إعادة النظر بمفهوم تسجيل الأصول حسب قيمتها السوقية (وليس الدفترية) لأن ذلك يؤدي إلى زيادة قيمة هذه الأصول أيام الرخاء وانكماشها في أيام الشدة, ما يعمق المشكلة على المستويين المؤسسي والاقتصاد الكلي. جـ- وضع آلية للقاءات الدورية بين الجهات الرقابية على البنوك في الأسواق المالية الرئيسة وأهم المؤسسات المالية والبنوك الدولية لتبادل الرأي حول ما قد يواجه السوق المالية من مخاطر. علماً بأن لجنة بازل أنشئت في الأساس لوضع قواعد للرقابة البنكية في الدول الصناعية وتجتمع بشكل دوري مع المجموعات الإقليمية الأخرى لكنها لا تجتمع بشكل رسمي مع المؤسسات المالية والبنوك الدولية. د‌- إعادة النظر بالمكافآت التي تدفعها البنوك, خصوصاً البنوك الاستثمارية لكبار مسؤوليها وموظفيها, حيث اتضح أن هذه المكافآت تصل في بعض الأحيان إلى ثلث مجموع فاتورة المرتبات. ويرى المحللون أن التوسع في المكافآت يدفع كبار الموظفين إلى أخذ مخاطر أكبر مما يستطيع البنك تحمله, ما يؤدي إلى تكبد خسائر لكنها لا تتحقق إلا بعد مدة طويلة من حصول الموظف على مكافآته وربما مغادرته البنك. ومن الاقتراحات في هذا الشأن جعل المكافأة مبنية على صافي الأرباح وليس على مجموع الدخل وتقسيمها إلى مكافأة نقدية وحصص في أسهم البنك. وقد يكون من الصعب إيجاد معادلة مقبولة من البنك والموظفين لأن الممارسات الحالية للبنوك خصوصاً الاستثمارية منها, مبنية على هذه المكافآت. وأكبر دليل على ذلك أن بنوك الاستثمار الرئيسية في لندن قد أعلنت في الأسبوع الماضي ( قبل وقت الإعلان الرسمي) مكافآت لكبار موظفيها وصلت إلى 6.4 بليون جنيه استرليني رغم أن بعض هذه البنوك حققت خسائر عن السنة ومنها من تلقى دعماً مالياً من دافعي الضرائب. هـ ـ وضع قواعد صارمة تحكم عمل مؤسسات التصنيف الدولية، إذ يفترض في هذه المؤسسات أنها تمثل من يقوم بإصدار شهادات حسن السيرة والسلوك, أو الشهادة الصحية للبنوك ومؤسسات الاستثمار وأصولها التي تتبادل في السوق. إلا أن الأزمة أثبتت أن هذه الشهادات لا قيمة لها. ويعود السبب في ذلك إلى وجود تضارب في المصالح، فهذه المؤسسات تتقاضى رسوماً عالية لقاء تقديم النصائح حول تكييف المنتجات المالية التي تصدرها الشركات لكي تحصل على التصنيف الجيد من هذه المؤسسات. لذا أكد البيان الختامي لقمة العشرين ضرورة قيام الجهات الرقابية بالتأكد من قيام مؤسسات التصنيف الدولية بالتقيد بقواعد العمل المتفق عليها، وأن تمتنع هذه المؤسسات عن أي تصرف ينتج عنه تضارب مصالح وأن توفر أقصى درجات الإفصاح للمستثمرين والمصدرين لهذه المنتجات وأن تضع تصنيفات مختلفة للمنتجات المالية المعقدة. إلا أنه ليس واضحا حتى الآن فيما إذا كان سيسمح لمؤسسات التصنيف الدولية بتقاضي رسوم لقاء قيامها بعمليات التصنيف. غير أنه لا ينبغي أن يفهم من كل ما ذكر أعلاه أن الرقابة على البنوك ستنتقل من المستوى الوطني إلى جهة رقابة دولية. فقد أكد البيان الختامي للقمة على أن "...الرقابة على المصارف هي بالدرجة الأولى مسؤولية السلطات الوطنية المختصة التي تشكل خط الدفاع الأول أمام عدم استقرار السوق" إلا أن البيان أضاف أن هناك حاجة ماسة "وأن على الجهات الرقابية أن تتأكد من أن الجهود التي تقوم بها هي - دائماً - في اتجاه دعم السلوك القويم للسوق" مع تجنب ما من شأنه انتقال الشركات و(البنوك) إلى المناطق الأخرى من العالم التي تكون فيها الرقابة أقل. 2- تبني برامج وطنية لتنشيط الاقتصاد ومحاولة التنسيق بين الدول في هذا الشأن . مع العلم أن الدول الأوروبية نفسها وهى عضو في الاتحاد الأوروبي عجزت عن تنسيق سياساتها في هذا الجانب . كما أنها هي الأخرى ملتزمة بموجب اتفاقيتها النقدية بعدم تجاوز حدود معينة في الصرف والعجز في الميزانية, ما سيحد من قدرتها على تبني برامج وطنية طموحة لمعالجة المشكلة. 3- مناقشة العلاقة بين أسعار صرف العملات الرئيسية لإيجاد نوع من الاستقرار فيما بينها غير أنه يبدو أنه ليس هناك إجماع على إعادة النظر في النظام النقدي الدولي. وعلينا ألا نتوقع بريتون وود -2-. كما أن سلوك أسعار الصرف بين العملات بعد القمة الأولى لا يعطي دليلاً على أي تنسيق بين الدول الرئيسية في هذا الشأن. 4- إعطاء دور أكبر لصندوق النقد الدولي إذ يبدو أنه هو الرابح الأكبر من هذه الأزمة. فبعد أن استغنى عن ثلث موظفيه في بداية العام (500 موظف) وبدأ كثير من المختصين يتساءل عن جدوى استمرار شرعيته والحاجة إليه قفز فجأةً إلى ساحة الأحداث, وأصبح كثير من الدول في حاجة إلى قروضه . فمنذ قمة العشرين قام الصندوق بإقراض ما يزيد على 40 مليار دولار. ومع تفاقم الأزمة سيطلب منه المزيد . وتبلغ الموارد المتاحة له حالياً 350 بليون دولار منها 200 مليار دولار من موارده الذاتية و50 مليار دولار بموجب الاتفاقية العامة للإقراض (التي تشارك بها المملكة) و100 مليار دولار التزمت بها اليابان في قمة العشرين . إلا أن الطلب المتوقع على قروضه سيتطلب مزيداً من الموارد ربما عن طريق زيادة رأسماله أو إنشاء تسهيلات جديدة لتمويله بموارد خارجية. ومن هنا يأتي دور الدول ذات الفائض ومنها المملكة وبعض دول مجلس التعاون. وقد وافقت القمة على إعطاء الصندوق دورا أكبر في اكتشاف بوادر الأزمات المالية وإصدار التحذيرات اللازمة بشأنها. وقد يتمثل ذلك في جعل البرنامج الحالي لتقييم القطاع المالي الذي يجريه الصندوق لبعض الدول بصفة اختيارية الذي تم إقراره في عام 1999 إجبارياً لكل أعضاء الصندوق الـ 185، علماً بأن الصندوق لم يجر التقييم اللازم للقطاع المالي إلا لعدد محدود من الدول منذ إنشاء هذا البرنامج, وذلك بسبب عدم قبول الكثير من الدول بهذا البرنامج. #3# 5- إعطاء دور أكبر للدول النامية في صنع القرار الاقتصادي الدولي، ويتمثل ذلك في رفع مستوى مجموعة العشرين إلى رؤساء الدول بدلاً من وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية. كما يتمثل في زيادة قوتها التصويتية في مجلس إدارة كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي لا تتعدى حالياً 40.5 في المائة وسيتطلب ذلك جهوداً تفاوضية مضنية ومهارة في المفاوضات لأن التجارب السابقة أثبتت صعوبة تنازل الدول المتقدمة (خصوصاً الولايات المتحدة) عن حق الفيتو. وقد لا يتم هذا التنازل إلا مقابل توفير موارد إضافية. كما قد يمتد هذا التطوير ليشمل توسيع منتدى الاستقرار المالي بحيث تنضم إليه على الأقل الدول التي شاركت في قمة العشرين, حيث إنه يقتصر حالياً على مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى. وتتمثل أهمية هذا المنتدى في أن له دورا محوريا في أي عملية إصلاح للنظام النقدي الدولي مستقبلاً. 6- إعادة التفاوض بشأن جولة الدوحة التجارية لإنجاحها . فما زالت هذه الجولة تحبو. وقد مر عدد من المواعيد النهائية للوصول لاتفاق دون نتيجة تذكر، وكان هناك شبه إجماع على فشل هذه الجولة، إلا أن الأزمة المالية الحالية أجبرت قمة العشرين على إعادة الاهتمام بها إدراكاً بأن أسوأ ما يمكن أن يزيد من حدة الأزمة الاستسلام لإغراء اللجوء إلى قرارات حمائية كتلك التي أدت إلى كارثة 1929. لذا أكدت قمة العشرين أهمية مقاومة أية إغراءات حمائية والتزام القادة "....خلال الـ 12 شهرا المقبلة بعدم وضع حواجز جديدة على الاستثمار والتجارة بالسلع والخدمات والامتناع عن فرض قيود جديدة بما في ذلك – الامتناع عن – تطبيق تلك الإجراءات الهادفة إلى تشجيع الصادرات التي تسمح بها قوانين منظمة التجارة العالمية", إلا أن من المشكوك فيه التقيد الحرفي بهذه الالتزامات ، وعلى سبيل المثال: 1 اقترح الفرنسيون إنشاء صندوق سيادي بهدف منع الأجانب من الاستيلاء على المؤسسات الصناعية الفرنسة، وهذا نوع من وضع القيود على الاستثمار. 2 برنامج الإنقاذ المالي لشركات صناعة السيارات الذي أقرته حكومة الرئيس بوش بمبلغ 25 بليون دولار هو الآخر يمثل دعماً للصادرات وتدخلاً سافراً في عمليات السوق. 3 قد لا يروق هذا الالتزام للرئيس المرتقب أوباما الذي سبق أن التزم بدعم صناعة السيارات. كما أن مشكلة جولة الدوحة هي الدعم الزراعي .والقاعدة الانتخابية للرئيس الجديد هي ولاية إلينوي التي يعتمد اقتصادها على الزراعة وصناعة السيارات. كما التزم القادة بالتوصل إلى اتفاق على إجراءات قبل نهاية العام تؤدي إلى إنجاح جولة الدوحة. وبناءً عليه سارع أمين عام منظمة التجارة العالمية باستغلال هذا الإعلان ودعا إلى اجتماع وزاري يومي 13 - 14 كانون الأول (ديسمبر) الحالي يحضره جميع وزراء التجارة لـ 153 دولة عضو في المنظمة. وتقدم لهذا الاجتماع بعدد من المقترحات بهدف المزيد من تحرير التجارة الدولية، أهمها: 1- خفض الحد الأقصى للدعم الزراعي من قبل الاتحاد الأوروبي بنسبة 80 في المائة أي من 110 مليارات يورو سنوياً إلى 22 مليار يورو (28 مليار دولار) . 2- تقليص الولايات المتحدة سقفها من الدعم الزراعي بنسبة 70 في المائة أي من 48.2 مليار دولار إلى 14.5 مليار دولار سنوياً. 3- قيام اليابان بخفض دعمها الزراعي بنسبة 75 في المائة. الملاحظات والتوصيات: (1) يبدو أن قائمة المواضيع التي سيناقشها القادة في اجتماع نيسان (أبريل) كثيرة ومتشعبة وأن المدة المحددة للإعداد لها قصيرة للغاية، ناهيك من أن الرئيس الجديد للولايات المتحدة له أولوياته التي قد تختلف عن سلفه وربما يضيف مواضيع أخرى غير ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الأول. (2) رغم النيات الحسنة للقادة إلا أن الممارسات اللاحقة قد لا تنسجم مع توجهاتهم في اجتماعهم الأول كما لاحظنا فيما يخص جولة الدوحة ومكافآت كبار موظفي البنوك وسلوك أسعار صرف العملات والتنسيق بين برامج الدعم. (3) جميع الدول المتأثرة بالأزمة مباشرةً وضعت برامج للتعامل معها بما في ذلك حزمة من الإجراءات والإنفاق الحكومي وتخفيض الضرائب والتدخل في السوق إلا أن الأزمة لا تزال تتفاعل ولم تصل إلى منتهاها بعد. (4) مع استمرار الأزمة وانتقالها تدريجياً إلى القطاع الحقيقي, فإنها ستنسحب بظلالها على جميع دول العالم. (5) من الواضح في الاجتماع الأول للقمة أنه ليس هناك إجماع على إصلاح النظام النقدي الدولي وأن الإصلاح سينحصر في إجراءات الرقابة على البنوك وإدارتها بما في ذلك البنوك الاستثمارية وصناديق التحوط والمشتقات وأن هذه الرقابة ستظل وطنية مع التنسيق دولياً فيما يخص وضع القواعد لهذه الرقابة. (6) لا يملك المراقب إلا أن يلاحظ أن التركيز في السابق من قبل مراقبي البنوك في الدول الرئيسية كان على الوحدات المصرفية الخارجية في أوروبا، آسيا، وأمريكا اللاتينية خشية أن تؤدي ممارساتها إلى تأثيرات سلبية كبيرة في النظام البنكي الدولي. إلا أن الأزمة الحالية أثبتت أن الجهات الرقابية في الوحدات المصرفية الخارجية كانت أكثر وعياً وتتمتع بكفاءة واحترافية أكثر من زميلاتها في الدول الرئيسية. وقد يكون السبب في ذلك أنه كان على الوحدات المصرفية الخارجية أن تتعايش مع فكرة عدم وجود مقرض أخير. على أي حال لا بد من دراسة هذا الموضوع بتعمق أكثر على ضوء تفاعل الأزمة. (7) إن الرابح الأكبر من هذه الأزمة هو صندوق النقد الدولي حيث يتوقع أن تزيد موارده وأن تتضاعف قروضه وأن يضاف إلى مسؤولياته الحالية مهمات جديدة تتعلق بتقييم القطاعات المالية لأعضائه مع دور ما في المجال الرقابي. (8) إذا كان لهذه الأزمة من حسنات فإنها خفضت توقعات الارتفاع المتسارع في الأسعار وأبعدت حتى الآن شبح التضخم الذي كان الشغل الشاغل لجميع دول العالم في بداية العام. إلا أن ذلك لا ينبغي أن يدفع المملكة وبقية دول مجلس التعاون إلى التوقف عن جهودها الهادفة إلى إصلاح الخلل في بعض القطاعات, خصوصاً المواد الغذائية والإسكان. فهذه الجهود ينبغي أن تستمر وتتعزز. (9) مازلت أرى أنه ينبغي للمملكة وبقية دول المجلس النظر بإيجابية إلى موضوع توفير موارد إضافية لصندوق النقد الدولي. فهذا الصندوق يتمتع بملاءة كبيرة بما لديه من مخزون من الذهب. فِإذا كان توفير هذه الموارد سيتم وفق شروط تجارية, كما حدث في السابق, إضافةً إلى تحسين القوة التصويتية للدول المقرضة فلم لا؟ (10) قامت المملكة وبقية دول مجلس التعاون بدورها في المساهمة في التخفيف من آثار الأزمة المالية الحالية وذلك عن طريق: - ترك أسواقها مفتوحة أمام الواردات من جميع دول العالم. - المساهمة في توفير موارد إضافية للمؤسسات المالية والبنوك المتعثرة في أوروبا وأمريكا عن طريق صناديقها السيادية والمستثمرين الآخرين. - تحمل تبعات ما أفرزته الأزمة من انخفاض في أسعار البترول وإصرارها على الاستمرار في برامجها التوسعية في مجال تطوير الحقول البترولية المنتجة حالياً والاستمرار في تطوير حقول جديدة لضمان تدفق البترول للاقتصاد العالمي، وتمويل ذلك من مواردها الذاتية. - إصرارها على إقرار ميزانيات حكومية توسعية رغم توقع عجوزات جراء الانخفاض الحاد في أسعار البترول مع تركيز نسبة كبيرة من هذه الميزانيات على تنفيذ مشاريع في مجال البنى التحتية, مما سيزيد معدل الطلب الكلي العالمي, ويسهم في سرعة عجلة الاقتصاد الدولي. وهذا يدل على جديتها في تنفيذ تعهداتها أمام قادة مجموعة العشرين في اجتماعها الأول. (11) رغم المساهمات الحيوية الفاعلة للمملكة في مجال تحمل مسؤولياتها الدولية وإقرار الميزانية التوسعية والمضي قدماً في تنفيذ المشاريع العملاقة إلا أن اقتصاد المملكة لايزال يعاني شبه ركود يتمثل في جمود السوق العقارية والانخفاض الحاد في أسعار الأسهم وجو عام من الحذر والترقب والخوف من المستقبل. وللتخفيف من وطأة هذا الخوف لا بد من تشجيع البنوك على الإقراض، فأوضاع البنوك جيدة، حيث تتمتع بكفاية رأسمال تصل في بعضها إلى 20 في المائة، ونسبة الديون المعدومة تنخفض باستمرار ونوعية أصولها جيدة بشهادة كل من صندوق النقد الدولي ووكالات التصنيف الدولية. ووضع ودائع إضافية لديها من قبل الدولة أضمن من وضع هذه الودائع لدى البنوك الدولية المتعثرة. إضافةً إلى أن ذلك سيشجعها على المزيد من الإقراض وانتشال الاقتصاد من الجمود الحالي.
إنشرها