Author

مالكولم إكس وأوباما ومارتن لوثر!

|
أرسل لي من نظر إلى أوباما الجديد أنه امتداد لمارتن لوثر، وأباما الجديد لا علاقة له بإسلام حسين الكيني ولا مارتن لوثر ولا مالكولم إكس، بل هو طفل المؤسسة الرأسمالية الأمريكية، منها رضع وعليها شب وانتصب.. ولذا كان أول عمل عمله حين دخل البيت الأبيض أن نصب (رام عمانويل) مديرا لمكتبه، فلم يعد لإسرائيل حاجة إلى خدمة الجواسيس، طالما مرت كل الأوراق تحت يدي الصهيوني الوقح، الذي أدى الخدمة العسكرية في إسرائيل، وأبوه سليل بني صهيون وعصابات الآراغون المشهورة.. وكلا الرجلين قتلا؛ مارتن لوثر ومالكولم إكس، وقد يقتل أيضا أوباما فيصبح المسيح الجديد عند المسيحيين السود، وقال الكاتب إن أثر مالكولم إكس اندثر لأنه درب السود على القتل وكراهية البيض؛ فقتله السود من أصحاب الكراهية، ويداك أوكتا وفوك نفخ، والإنسان لايكره من فراغ.. والقرآن يقول عن الشيطان "فاتخذوه عدوا.." والقرآن يقول "وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا.." وأثر لوثر في أمريكا لأنه مسيحي، وأثر إكس سيظهر حين تتحول أمريكا إلى الإسلام، وهذا غير وارد، وما بعضهم بتابع قبلة بعض.. ونحن كمسلمين علينا تتبع أثر هذا الرجل الأسود المجهول.. مالكولم إكس.. وحرف إكس (X) باللاتينية تعني المجهول، والمحنة النفسية التي تعرض لها الداعية المسلم الأسود (مالكولم إكس) في أمريكا، أنه كان منتسباً لعائلة أمريكية أخذ اسمها فلما استيقظ الوعي عنده أراد معرفة اسم آبائه الفعليين فأدرك أنه يبحث في المجهول فسمى نفسه مجهولاً (إكس). وهناك من بحث عن جذوره فذهب إلى إفريقيا مكان خطف آبائه وأجداده قبل أن يقادوا إلى العبودية في الأرض الجديدة، وعرف القبيلة أو القرية التي خرج منها فتسمى بها، ولم يكن قد مضى عليها أكثر من قرنين . وقد أظهر فيلم (الجذور) هذه المحنة العميقة للسود في أمريكا . ومالكولم إكس نشأ شقيا مخرباً وشبه أمي، واشتغل بصنوف شتى من الجريمة وتعاطى المخدرات، حتى رسى مصيره في النهاية في السجن . والذي يجعلني أكتب عن نعمة أو نقمة السجن أنني اجتمعت بمعتقل عربي قد أمضى في السجن 12 سنة، وكان سؤالي له هل كانت الكتب تصلكم ؟ قال في السنوات الأولى حرمنا منها، ثم سمح لنا بالاطلاع على الجرائد الرسمية، وفي الفترة الأخيرة استطعنا أن ندخل بعض الكتب . قلت له هذا خبر جيد، لأن السجن يصبح مصيبة حينما يحرم الإنسان من الاتصال بالمجتمع . وابن تيمية فقد عقله حين حرم من الكتب فبدأ بالكتابة بأعواد الفحم على جدران سجن القلعة. وقد يرتاح السجين لفترة من العزلة، خاصة لمن كان يحمل خلفية ثرة من الثقافة؛ فتمنحه العزلة شيئا من الصفاء الذهني والتركيز وإعادة ترتيب الأفكار، ولكن العزلة لسنوات طويلة ودون ثقافة تنحط بالإنسان إلى الدرك الأسفل، وتوقف تطوره الإنساني. وفي قصة السجين (دي مونت كريستو) قصة معبرة عن العزلة الفكرية لعشرات السنوات كيف يعمل السجن والعزلة عملها في الضمير والثقافة . وتروي القصة كيف أنه اجتمع في النهاية بمن أنقذه من الوهدة التي وقع فيها، حيث اجتمع برجل عالم منحه ثلاث: علمه فأحسن تربيته، ومات في النهاية فأخذ مكان جثته فرموه إلى الحرية وهم يظنون أنهم يرمون الجثة الميتة, وأخيرا أنه أعطاه خريطة لكنز دفنته عائلة إيطالية ثرية في جزيرة نائية فرجع غنيا متعلما ولكنه مليء بالانتقام وخسر الحب الذي كان يحمله لمرسيدس التي أحبها فتزوجت في غيابه ولم يرجع قلبها إليه قط . وفي قصتنا عن مالكولم إكس عبرة ومعنى عن عمل السجن وتثقيفه، فقد أغرم بالقراءة حتى كان يقرأ في الليل في الوقت الممنوع فروي في مذكراته التي ينصح بقراءتها وهي مترجمة، أنه كان يقرأ تحت نور عمود بعيد، يتسلل إلى زنزانته المفردة، وكان يقرأ لمدة 55 دقيقة لحين مرور حارس السجن في دورته المعتادة الليلية كل ساعة فيتظاهر بالنوم حتى يبتعد عنه الحارس فيعود من جديد للقراءة. دخل مالكولم إكس السجن جاهلا جبارا شقيا، وخرج منه عالما روحانيا ثريا مثقفاً بفكر المعاصرة إلى أبعد حد، وسبحان من يدخل ويخرج بغير روح، كما حصل مع يوسف في مدرسته الهكسوسية، فدخل مدانا ليخرج بريئا إلى منصب رئاسة الوزارة. ويروي مالكولم إكس عن نفسه أنه في البداية لم يكن يفقه للصفحات التي يقرؤها، وكانت السطور تتراقص أمام عينيه مثل الألغاز . وكان أشد ما آلمه وصف السواد والأسود أنها رموز للشر والخوف والظلام والقباحة ونذالة الأخلاق، فأسود القلب هو الشرير، وأبيضه الطاهر النظيف، والخوف من ظلام الليل لأنه أسود، واللون الأسود مرتبط بالحزن فيلبس السواد أهل الميت علامة على العزاء، ولبس الأبيض في الفرح والأعراس علامة البهجة والحبور؟! وهكذا والذي حدث بعد هذا أن الرجل أحدث تحولاً في قناعات السود تجاه البيض ولكن جماعة اليجا محمد سارعت إلى تصفيته قبل أن يؤدي رسالته و"كان أمر الله قدرا مقدورا".
إنشرها