Author

وادي الرمة العظيم (1)

|
كنت قد أشرت الأربعاء الماضي إلى أهمية إعادة هندسة مدينة بريدة في القصيم، لأن إعمارها وتخطيطها تم على بنية جيومور فولوجية وطبوغرافية أساسها كثبان رملية طويلة أشبه بمجاري المياه، باستثناء شمالها ويطوقها شرقاً مجرى وادي الرمة. ولكون وادي الرمة الذي شهد في السنوات الأخيرة: 1376هـ، 1402هـ، 1418هـ، و1429هـ جرياناً شبه منتظم، قد يؤدي إلى فيضانات كبيرة وكوارث طبيعية قد تطول الأرواح والممتلكات، ولأن بعض التغطيات الإعلامية لم تعط المعلومات الدقيقة عن هذا الوادي من حيث مصادره والمجاري الذي تغذيه، رأيت لزاماً علي أن أقدم للقارئ ما لدي من معلومات توصلت إليها من خلال مسوحات ميدانية أجريتها على منطقة القصيم خلال الأعوام السابقة ستكون، بإذن الله، ضمن مطبوعات علمية ستصدر قريباً، وأيضاً لكون وادي الرمة تشترك في مياهه خمس مناطق هي: الرياض، المدينة المنورة، حائل، القصيم، المنطقة الشرقية. يعد وادي الرمة أطول أودية المملكة وأشهرها، تبدأ روافده من حرة خيبر شمال شرق المدينة المنورة وينتهي في منخفضات (البوّه) في الأسياح في منطقة القصيم، حيث يعترضه نفود الثويرات، يمثل مع ــ امتداده ــ وادي الباطن وهو نهر قديم خلال العصور المطيرة، وقد فصلت بينهما الرمال، حيث أصبح وادي الرمة ثلاثة أقسام: القسم الغربي يحمل اسم وادي الرمة، والشرقي وادي الباطن، والأوسط وادي الأجردي، وتفصل بين وادي الرمة ووادي الأجردي نفود الثويرات والمظهور، (ووادي الأجردي ومعظم وادي الرمة يقعان في منطقة القصيم)، أما القسم الشرقي الذي يحمل اسم وادي الباطن فهو خارج منطقة القصيم، وتفصله رمال الدهناء عن القسم الأوسط (وادي الأجردي). تنحدر روافد وادي الرمة العليا من حرة خيبر وجبالها: (الأبيض والقدر والبيضاء)، ويحمل اسم وادي الرمة بعد أن يخترق بلدة الروض شمال غرب مركز الحليفة في منطقة حائل، عند التقاء روافده وادي الضرب ووادي المثواة ووادي المخيط، ويدخل منطقة القصيم شمال غرب بلدة الشقران. يجري وادي الرمة منذ دخوله منطقة القصيم من شمالها الغربي حتى محاذاته لمحافظة البدائع، في الدرع العربي، ويتميز وادي الرمة في غرب القصيم بسعة مجراه وكثرة روافده نتيجة وجود المرتفعات الجبلية، ويسير مجرى الوادي في غرب القصيم بوجه عام نحو الشرق والشمال الشرقي، ويتميز بسعة مجاريه منذ تجاوزه عقلة الصقور، ويزداد اتساعاً بعد تجاوزه جبال إبانات، حيث يصل عرض مجراه إلى أكثر من ثلاثة كيلومترات، وتقع على ضفتيه بعض البلدات والمراكز منها: الشقران، وعقلة الصقور، وعطا، والنبهانية، والقيصومة، وقصر ابن عقيل، والقرين، والرس، ورياض الخبراء، ومن أشهر روافده الشماليه في غرب القصيم : أودية المحلاني، وثادج، وعطا، وأبو نخلة، ومن أشهر روافده الجنوبية أودية : المصيقر، والجرير، والداث، والنساء. واستواء سطح الوادي الذي لا يشكل أخاديد، إلى جانب وفرة المياه على ضفاف الوادي وعند نهايته، قد أضفت تلك العوامل أهمية للوادي، حيث اتخذت طرق القوافل التي كانت تربط أطراف الجزيرة مع بعضها مساراتها عبر الوادي، كما أدت العوامل إلى نشأة ونمو القرى الزراعية وزيادة التوسع الزراعي والاستيطاني حول مجرى الوادي خاصة في منطقة القصيم. ويعتقد أن وجود المناطق الرملية شرقي القصيم (تجمّع رمال الغميس والثويرات والمظهور) ــ التي شكّلت سداً طبيعياً للمياه ــ ساعد على تغذية الخزانات الأرضية في طبقات الساق، وتبوك، والقصيم من خلال تسرب مياه الوادي أثناء جريانه على مر التاريخ، وهذا أدى بدوره إلى وفرة المياه في بريدة، وعنيزة، والبدائع، ورياض الخبراء، والأسياح، والربيعية، والجواء.
إنشرها