متجر "سيفورا" في جادة الشانزليزيه بباريس من أكثر المتاجر المتألقة التي خضعت للتجديد، فالمكان يستقبل الزوار بسجادة حمراء طويلة وسقف شاهق وطاولة ضخمة لعرض أحدث المنتجات الرائجة على وسائل التواصل.
تقول ديبورا ييه، المديرة العالمية للتسويق في "سيفورا": "يقال إن هذا المتجر يحظى بزيارات أكثر من برج إيفل".
ورغم الاضطرابات السياسية خارج المتجر، تضع الزبونات في الداخل عطورا وكريمات ترطيب وأحمر شفاه، بحثًا عن متعة صغيرة وسط الفوضى.
تضيف ييه: "في الأوقات الصعبة، نلجأ لما يمنحنا بهجة". ولهذا يستمر بيع العطور وأحمر الشفاه حتى خلال الأزمات الاقتصادية.
تعد "سيفورا"، التي لها 56 عاما منذ تأسيسها، والمملوكة لمجموعة "إل في إم إتش"، أكبر سلسلة عالمية لمتاجر الجمال "الفاخر".
وعلى الرغم من التباطؤ في قطاع الرفاهية خلال العامين الماضيين، فإن "سيفورا" لا تزال نقطة مضيئة من بين البقية، فقد حققت أرباحًا قياسية في 2024، وعبر الرئيس التنفيذي لـ "إل في إم إتش" برنارد أرنو عن دهشته من ضخامة الأرباح المتراكمة عبر السنين.
لكن كما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، صناعة مستحضرات التجميل العالمية البالغة 450 مليار دولار أمام مفترق طرق: تغير أذواق المستهلكين، وتسارع ظهور العلامات الجديدة، وتنافس شديد من شركات مثل "أمازون" و "ألتا بيوتي"، كما بدات منصات مثل "تيك توك شوب" تسحب جزءًا من مبيعات "سيفورا".
خلال زيارة لمقر "سيفورا" في سان فرانسيسكو، ظهر الرئيس العالمي جيوم موت متفائلًا، خصوصًا بعدما حققت علامة هايلي بيبر "رود" إطلاقًا ضخمًا في متاجر الشركة، الذي وصفته أرتيميس باتريك، الرئيسة التنفيذية في أمريكا الشمالية، بأنه أكبر إطلاق في تاريخ منطقتها.
تمتلك عملاقة الجمال 3400 متجرا حول العالم، منها أكثر من 600 في الولايات المتحدة.
ويقول موت: "أيام التجزئة المملة ولت، والتجزئة الجذابة هي مستقبلنا". ويؤكد أن "سيفورا" حققت نموًا "استثنائيًا" عامي 2023 و2024 مع إيرادات بلغت 16 مليار يورو، ويتوقع الوصول إلى 20 مليارًا قريبًا.
في 2024، استحوذت "سيفورا" على 9% من حصة سوق مستحضرات التجميل والعناية الشخصية الأمريكية عبر الإنترنت، وفقًا لشركة أبحاث السوق "يورومونيتور"، فيما استحوذت أمازون على 47%.
لمواجهة المنافسة، ضاعفت "سيفورا" من استثماراتها التسويقية، وأبرمت شراكات مع منصة البث "هولو" ورابطة دوري كرة السلة للسيدات.
ورغم تجديد المتاجر، تبقي "سيفورا" على هويتها المألوفة بالأبيض والأسود ومساحات التجربة المفتوحة. فنجاح سيفورا قائم على منح الزبائن حرية اختبار المنتجات، إلى جانب صفقات حصرية مع العلامات الناشئة، واستراتيجيتها في اختيار العلامات الجديدة باتفاقيات حصرية هو ما يميزها.
يقول مؤسسو العلامات إن "سيفورا" تطلب عادة عقودًا لمدة عامين، مع تقاسم الإيرادات بنسبة تقارب 40/60 لصالح المتجر، وتمنح الدعم التسويقي بمحتوى جذاب وفعاليات داخل المتاجر، لكن "سيفورا" لم ترد أو تؤكد الأقوال.
ولدى "سيفورا" شبكة من المؤثرين تساعد في الترويج للمنتجات على المنصات، إضافة إلى مواقع متاجرها الفاخرة التي تمنحها حضورًا قويًا.
لكن أخذ مكان على رفوف "سيفورا" ليس سهلًا؛ فإلى جانب تكاليف المخزون والعروض داخل المتاجر، هناك رسوم خفية، كما تقول الاستشارية كاميل مور.
تحتاج العلامات إلى فرق تعمل داخل المتجر للترويج لها، وتتحمل تكاليف كبيرة للإعلانات الموسمية والعينات. وتشير تقديرات مور إلى أن على العلامة التجارية أن تتجاوز مبيعاتها 9 ملايين دولار كي لا تخسر، بينما قد تنفق وحدها أربعة ملايين على العينات.
ورغم الصعوبات، يؤكد رواد أعمال أن "سيفورا" تتميز بخبرتها وقدرتها على التنبؤ بالاتجاهات المستقبلية، مثل انفجار شعبية الروائح الفانيلا أو عودة الظلال الكلاسيكية في المكياج أو العناية بالشعر والمنتجات الكورية. كما تستهدف الشركة شرائح جديدة، من بينها النساء من جيل إكس (45–60 عامًا)، اللواتي يمثلن سوقا نامية.
أما فئة المراهقين والأطفال، التي أثارت الجدل مؤخرًا بسبب إقبالها على المنتجات، فتتعامل معها "سيفورا" بحذر.
وتؤكد الإدارة أنها لا تستهدف هذه الفئة بشكل مباشر، لكنها تدرس طرقًا لمساعدة المستشارين داخل المتاجر على توجيه الزبائن اليافعين نحو منتجات مناسبة لهم.
وبدأت الشركة بالفعل في طرح علامات مخصصة لهذه الفئات السنية الصغيرة مثل "إيفردين"، و "سينسيرلي بورز" بالتعاون مع المؤثرة ساليش ماتر، البالغة من العمر 16 عامًا.
