تدخل منظومة ريادة الأعمال في السعودية مرحلة جديدة من الأداء، مدفوعة بإصلاحات جريئة وتوسع في الوصول إلى رأس المال وظهور جيل جديد من المبتكرين المؤثرين، وفق منصة consultancy-me نقلا عن رئيس مكتب السعودية في شركة "فروست آند سوليفان" للاستشارات، عبدالعزيز جلاب.
بحسب جلاب، على مدى السنوات الـ5 الماضية، سجلت السعودية أحد أسرع معدلات تأسيس الشركات الناشئة على مستوى العالم، إذ ارتفعت تسجيلات الشركات الجديدة بأكثر من 40% بين عامي 2019 - 2023.
أشار إلى نمو نشاط رأس المال المخاطر بوتيرة أسرع، حيث استحوذت السعودية على 50% من إجمالي تمويل رأس المال المخاطر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2023، بعد أن كانت نسبتها أقل من 15% قبل 5 سنوات فقط.
ما يميز السعودية هو التوافق النادر بين ثلاث قوى نادرًا ما تجتمع معا في الأسواق الناشئة: رأس المال واللوائح التنظيمية وطلب السوق. فبرامج مثل كأس العالم لريادة الأعمال ومنصات مثل "بيبان" تبرز طموح السعودية على الصعيد العالمي.
واستقطب كأس العالم لريادة الأعمال 2025، الذي قدم جوائز تزيد عن 1.5 مليون دولار، طلبات مشاركة من أكثر من 100 دولة، ما يعزز مكانة السعودية المتنامية كوجهة للمؤسسين والمستثمرين والمواهب العالمية.
تدعم هذه الجهود هدف رؤية 2030 برفع إسهام المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي من 20% إلى 35%، وتعيد تشكيل سياسات القطاعات، وتمويل القطاع العام، وإستراتيجيات الاستثمار الخاص في مختلف أرجاء الاقتصاد الوطني.
توسع سريع في مشهد الاستثمار
بحسب منصة consultancy-me، شهدت بيئة الاستثمار في السعودية نموًا متسارعًا، فإلى جانب صناديق الثروة السيادية، تضم السعودية اليوم أكثر من 100 شركة نشطة في رأس المال الجريء والملكية الخاصة، بعد أن كان عددها أقل من 30 شركة في 2018.
فيما ارتفع نشاط الاستثمار المؤسسي بأكثر من 220% خلال 3 سنوات فقط، بينما توفر مسرعات الأعمال المتخصصة في الصحة الرقمية، والتكنولوجيا المالية، والطاقة النظيفة، والتنقل، والذكاء الاصطناعي، مسارات مباشرة للنمو ولعقد شراكات بين المؤسسين والشركات الكبرى.
إصلاحات تنظيمية غير مسبوقة
شهد الإطار التنظيمي تحولًا سريعًا يندر أن ترى له مثيلا في الأسواق الناشئة. فقد انخفضت فترات إصدار التراخيص بأكثر من 60% بفضل منصات رقمية مثل "مراس"، كما تم سن أكثر من 800 إصلاح اقتصادي وتنظيمي في إطار رؤية 2030.
وتبعث هذه الإصلاحات رسالة واضحة للمستثمرين العالميين بأن السعودية أصبحت تقدم بيئة تنظيمية مستقرة وسريعة وشفافة، وهي ظروف تمهد الطريق أمام رواد الأعمال.
سوق كبيرة وموقع إستراتيجي
تعد السعودية من أكثر الأسواق جاذبية في المنطقة، بفضل تعداد سكاني يبلغ 35 مليون نسمة، وقوة شرائية عالية، وأحد أعلى معدلات التبني الرقمي ضمن دول العشرين، بحسب منصة consultancy-me.
ولا ينظر إليها كسوق محلية واسعة فحسب، بل بوابة إستراتيجية للأسواق الخليجية والعربية والإفريقية، مدعومة ببنية تحتية ولوجستية متقدمة.
تعزز الثقة في المنظومة
بحسب consultancy-me، أسهم بروز شركات سعودية رائدة في تعزيز ثقة المستثمرين. فقد أثبتت شركات مثل "تمارا"، و"يونيفونيك"، و"فودكس"، و"جاهز"، و"زد"، و"مزارع البحر الأحمر"، و"كلاسيرا"، قدرة السعودية على إنتاج شركات ذات تنافسية عالمية تنجح في جذب رؤوس أموال دولية، والتوسع إقليميًا، وتحقيق نمو كبير عبر الطروحات والاكتتابات والاندماجات.
وتقدم هذه الشركات حلولا عملية لتحديات وطنية. فمثلا، أسهمت "تمارا"، خدمة "اشتر الآن وادفع لاحقًا"، في تعزيز تبني المدفوعات الرقمية ودعم سيولة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، محققة أكثر من 330 مليون ريال إيرادات في الربع الثالث من 2025 و90 مليون ريال صافي دخل خلال الـ9 أشهر الأولى من العام.
كما تعمل "فودكس" على تحديث قطاع المطاعم، أحد أكبر القطاعات الخاصة، من خلال رقمنة عمليات آلاف المنشآت، محققة إيرادات تجاوزت 21 مليون دولار في النصف الأول من 2025، ما يدعم الكفاءة وتوليد الوظائف والمنافسة.

