الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الأحد, 16 نوفمبر 2025 | 25 جُمَادَى الْأُولَى 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين9.22
(-3.76%) -0.36
مجموعة تداول السعودية القابضة190
(-0.16%) -0.30
الشركة التعاونية للتأمين129.8
(-1.67%) -2.20
شركة الخدمات التجارية العربية107
(-0.09%) -0.10
شركة دراية المالية5.48
(-2.84%) -0.16
شركة اليمامة للحديد والصلب36.34
(-3.71%) -1.40
البنك العربي الوطني22.43
(0.09%) 0.02
شركة موبي الصناعية10.8
(-4.42%) -0.50
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة32.56
(-2.22%) -0.74
شركة إتحاد مصانع الأسلاك22.7
(-0.44%) -0.10
بنك البلاد27.4
(-2.42%) -0.68
شركة أملاك العالمية للتمويل12.38
(-2.13%) -0.27
شركة المنجم للأغذية54.05
(-1.73%) -0.95
صندوق البلاد للأسهم الصينية12.54
(-0.63%) -0.08
الشركة السعودية للصناعات الأساسية56.5
(-0.70%) -0.40
شركة سابك للمغذيات الزراعية118.8
(-0.67%) -0.80
شركة الحمادي القابضة29.76
(-2.17%) -0.66
شركة الوطنية للتأمين13.76
(-2.41%) -0.34
أرامكو السعودية25.58
(-1.08%) -0.28
شركة الأميانت العربية السعودية18.36
(-1.61%) -0.30
البنك الأهلي السعودي37.8
(-1.31%) -0.50
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات30.96
(-2.21%) -0.70


نايف الدندني

في عالم الطاقة، لطالما كان الخلاف بين وكالة الطاقة الدولية IEA ومنظمة البلدان المصدرة للنفط أوبك أحد أبرز التوترات الفكرية والسياسية. الوكالة التي تُمثل مصالح الدول المستهلكة الكبرى وخاصة الغربية، كانت منذ سنوات تُروّج لفكرة أن ذروة الطلب العالمي على النفط باتت وشيكة، بل وأصبحت في بعض تقاريرها السابقة أمراً واقعاً بحلول نهاية العقد الحالي.

أما أوبك فكانت تردّ دائماً بأن هذه التوقعات مبالغ فيها وتتجاهل الواقع الاقتصادي والنمو الديموغرافي والاقتصادي للأسواق الناشئة، كما بذلت أوبك جهوداً كبيرة لإبراز المخاطر التي يمثلها فقر الطاقة لصناع القرار كأهم التحديات التي تواجه صناعة الطاقة.

 لكن تقرير «توقعات الطاقة العالمية 2025» الذي نشرته الوكالة في 12 نوفمبر 2025 يُمثل تحولاً لافتاً، بل ويمكن اعتباره تراجعاً عن الرواية السابقة. فقد أعادت الوكالة إدخال سيناريو السياسات الحالية الذي كانت قد أسقطته في السنوات الأخيرة، وفيه لا تظهر أي ذروة للطلب على النفط قبل عام 2050، بل على العكس أوضحت أن الطلب يستمر في النمو ليصل إلى 113 مليون برميل يومياً بحلول منتصف القرن أي بزيادة 13% عن مستويات 2024.

في تقارير السنوات السابقة خاصة 2023 و2024 كانت الوكالة تركز على 3 سيناريوهات رئيسية دون إبراز السيناريو الأسوأ من وجهة نظر المناخ، كان الطلب على النفط يصل إلى ذروته أو يبدأ في الانخفاض بحلول 2030 في معظم الحالات، مدعوماً بتوقعات متفائلة لانتشار السيارات الكهربائية، وتوسع الطاقة المتجددة، وتنفيذ السياسات المناخية المعلنة.

أما في تقرير 2025، فالصورة مختلفة تماماً:

ففي سيناريو السياسات المعلنة الذي يُعتبر السيناريو الأساسي، يصل الطلب على النفط عند نحو 102 مليون برميل يومياً بحلول 2030 ثم يبدأ في الانخفاض البطيء. هذه القراءة تأتي متأخرة قليلاً عما كان متوقعاً سابقاً، وتعكس تباطؤاً ملحوظاً في وتيرة انتشار السيارات الكهربائية في الاقتصادات المتقدمة، حيث تم تخفيض التوقعات لحصة المركبات الكهربائية في المبيعات الجديدة في الولايات المتحدة وأوروبا.

وفي سيناريو السياسات الحالية الذي أُعيد إحياؤه، لا ذروة على الإطلاق، فقد كان جلياً أن الطلب ينمو مدعوماً بالنمو في قطاعات البتروكيماويات والطيران والشاحنات الثقيلة، فيما تتجمد حصة السيارات الكهربائية عند نحو 40% فقط من المبيعات الجديدة بعد 2035.

الوكالة نفسها تُبرر هذا التعديل بأن السياسات الفعلية على الأرض أبطأ بكثير مما كان متوقعاً، وأن التحول نحو الكهرباء والطاقة النظيفة يواجه عقبات حقيقية كما أن تكاليف البنية التحتية، ومشكلات سلاسل التوريد للبطاريات وتباطؤ الدعم السياسي في بعض الدول الكبرى خاصة بعد عودة إدارة دونالد ترمب في الولايات المتحدة التي انتقدت الوكالة علناً واعتبرت توقعاتها السابقة غير منطقية.

لم تتأخر أوبك في الرد ففي بيان نشر في اليوم نفسه على موقعها الرسمي بعنوان لقاء الوكالة مع الواقع وصفت المنظمة هذا التحول بأنه اعتراف متأخر وبأن فكرة ذروة الطلب على النفط كانت مبالغاً فيها ومبنية على افتراضات غير واقعية. وأوضحت أوبك أنها حذرت منذ سنوات من أن الطلب سيستمر في النمو مدعوماً بالنمو السكاني والاقتصادي في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.

توقعات أوبك الخاصة، كما وردت في تقريرها السنوي «توقعات النفط العالمية» تذهب أبعد من ذلك، فالطلب سيصل إلى 123 مليون برميل يومياً بحلول 2050، أي أعلى بـ10 ملايين برميل مما تتوقعه الوكالة حتى في سيناريوها الأكثر تفاؤلاً للنفط. وترى أوبك أن عودة سيناريو السياسات الحالية دليل على أن الوكالة بدأت أخيراً تُدرك أن السياسات الحالية لا تكفي لقتل الطلب على النفط، وأن الحديث عن «نهاية عصر النفط» كان سابقاً لأوانه.

ولكن ماذا يعني هذا التحول؟


أولاً: على المستوى السياسي يأتي التقرير في توقيت حساس، مع عودة إدارة أمريكية أكثر انفتاحاً على إنتاج الوقود الأحفوري، وتراجع الزخم المناخي العالمي بعد مؤتمر COP29 الذي لم يأتِ بتعهدات جديدة قوية. إعادة إحياء سيناريو السياسات الحالية تبدو وكأنها استجابة غير مباشرة للضغوط الأمريكية التي هددت تمويل الوكالة.

ثانياً: على مستوى السوق، إذا أخذ المستثمرون هذا السيناريو على محمل الجد، فقد يعود الاهتمام بمشاريع النفط الجديدة طويلة الأمد التي كانت الوكالة تحذر منها منذ 2021. الوكالة نفسها تقول إن 25 مليون برميل يومياً من الطاقة الإنتاجية الجديدة ستكون مطلوبة بحلول 2035 لتحقيق التوازن في سيناريو السياسات الحالية.

ثالثاً: على مستوى المناخ، فإن الرسالة المقلقة أن العالم لن يحقق هدف 1.5 درجة مئوية في أي من السيناريوهات تقريباً، وسيناريو السياسات الحالية يعكس فشلاً جماعياً في الالتزام بالتعهدات التي قطعتها الدول والحكومات التي كانت تنادي بتقليل الاعتماد على النفط كوسيلة للوصول إلى الهدف المعلن.

تقرير وكالة الطاقة الدولية الأخير قد لا يعني أن الوكالة تخلت كلياً عن رؤيتها السابقة، لكنه يُظهر أنها بدأت تُقرّ بأن التحول الأخضر أبطأ وأعقد مما كانت تتوقع. أما بالنسبة لأوبك، فهو انتصار معنوي كبير، بعد سنوات من الاتهام بـإنكار الواقع، وهي التي اثبتت مصداقيتها كمنظمة تبدو قراءتها أكثر دقة وأقرب إلى التنبؤ الصحيح ولعل العالم قد يستذكر في مثل هذه اللحظة الحاسمة التصريح الذي صدر من وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان على قراءة تقرير منظمة الطاقة الدولية السابق بأنه سيناريو خيالي وامتداد لفيلم لا لا لاند.

والسؤال المتبقي: هل سيعيد هذا التقرير تشكيل الاستثمارات والسياسات في السنوات المقبلة، أم أنه مجرد تعديل مؤقت في عالم يتغير بسرعة؟ الإجابة ستحددها السنوات القليلة المقبلة، لا النماذج الحسابية وحدها.

خبير إستراتيجي في شؤون الطاقة

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية