جاءت رؤية 2030 لتضع ضمن صلب أهدافها معالجة عديد من التحديات المالية والاقتصادية، وفي الوقت نفسه سعت مستهدفات الرؤية إلى رفع مستوى الوعي المالي بين أفراد المجتمع في السعودية لحثهم على تحقيق مكاسب أكبر من إيراداتهم ومدخراتهم وتحسين مستوى جودة الحياة.
وشهد الوعي المالي في السعودية خلال السنوات العشر الأخيرة نموًا مستمرًا من خلال مبادرات حكومية وتعاونات مع القطاع الخاص، مثل برنامج "ريالي" و"منهج الادخار" وبرنامج "مالي" المخصص للأطفال، وغيرها من البرامج بهدف تمكين الأفراد ماليا من خلال تزويدهم بالمهارات والمعرفة اللازمة لإدارة أموالهم بشكل صحيح واتخاذ قرارات مالية سليمة، ما يسهم في تحقيق أهداف رؤية 2030 الطموحة في هذا الاتجاه.
و يُعدّ برنامج الوعي المالي "وفرة إحدى المبادرات الإستراتيجية المقدّمة من التأمينات الاجتماعية، البناءة التي تأتي في إطار بناء ثقافة مالية مستدامة، من خلال مجموعة من المنتجات أبرزها منصة رقمية مبتكرة تقدّم محتوى أكاديميا مبسّطا وتجارب تعليمية تفاعلية تسهم في رفع وعي المستخدمين بمختلف خلفياتهم واهتماماتهم المالية لدعم الاستقرار المالي للأفراد خاصةً في مرحلة ما بعد التقاعد.
وعندما نقول: "الوعي المالي"، فالمقصود هنا هو فهم كيفية عمل المال واتخاذ القرارات المالية السليمة من خلال المعرفة والمهارات اللازمة لإدارة الميزانية والادخار والاستثمار والديون، حيث يتيح الوعي المالي للأفراد التحكم في أموالهم، وتخفيف الضغوط المالية، وتحقيق الأهداف المالية على المدى الطويل.
ومن هنا يهدف برنامج "وفرة" وفق الخطة المعلنة إلى تطوير المفاهيم المالية الصحيحة لدى كافة أفراد المجتمع من مواطنين ومقيمين، وتعزيز القدرة على التخطيط المالي، وإدارة الأموال بفاعلية، بهدف تحقيق الاستقلال المالي المنشود.
ويتضمن البرنامج منصة توعوية تعليمية رقمية مبتكرة تقدّم حلولًا مالية ومسارات توعوية مخصّصة تتناسب مع احتياجات وتطلّعات الأفراد، ما يمكّنهم من اتخاذ قرارات مالية واعية ومدروسة في كل مرحلة وخطوة، والأهم من وجهة نظري أنه يوفر خبراء في الوعي المالي يقدمون الدعم اللازم لفهم وتطبيق المعرفة المكتسبة من برنامج وفرة، ويقدّمون خدمات الإرشاد للأفراد ضمن المسارات التوعوية المتخصصة.
يشير تقرير صادر عن "تمرة المالية " إلى أن فهم طبيعة المال وامتلاك مهارات التعامل معه ستجعلك أقدر على التعامل مع المشكلات والعقبات المالية التي تواجهها في حياتك، بدءًا من شراء مستلزماتك اليومية وصولًا للقرارات المصيرية والاستثمارية. ومن ناحية أخرى تريحك من عناء مواجهة كثير من المشكلات الناتجة عن سوء الإدارة المالية مثل اللجوء إلى الاقتراض أو العيش ضمن مستوى معيشي منخفض.
المستوى المعيشي الجيد والمستقر لا يتعلق بكم المال الذي لدينا، بمقدار ارتباطه بكيفية تعاملنا مع المال، فليس المهم ما تملك من المال، بل المهم كيف تتعامل معه. ولذلك نرى بين الحين والآخر من كنا نعدهم من الأغنياء أنهم أصبحوا يعلنون إفلاسهم!
المؤكد أن التعامل الإيجابي مع المال يعد مهارة أساسية قابلة للاكتساب، قد تكتسبها من الأهل والمدرسة والعمل، إلا أنك ستكون بحاجة لتنظم هذه المهارات وتجعلها أكثر عمقًا ووضوحًا بالاستفادة من البرامج المهتمة بهذا الموضوع ومنها برنامج وفرة التابع للتأمينات الاجتماعية.
وبلا شك، سيمنحك الوعي المالي قدرة السيطرة على المال من خلال تنظيم أولوياتك والتخطيط المالي والتخلص من الديون، وسيحميك من اللهاث خلف العروض والتنزيلات، والمصاريف الهامشية التي تضر أحيانا بالمتطلبات الأساسية!
المميز في "وفرة" بعد اطلاعي على تفاصيل البرنامج أنه يسعى لاستدامة الوعي المالي، حيث صمم المحتوى حسب مستوى المستخدم، ويؤكد مواكبته التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، كما أنه يركز على التطبيق العملي وتغيير السلوكيات نحو عادات مالية مستدامة وليست مؤقتة أو مرحلية.
هذه الجهود التي تقدم من المؤسسات الحكومية والخاصة، إضافة إلى التحرك الملموس على مستوى مناهج المدارس والجامعات في السعودية في مسالة تعزيز الوعي المالي كضرورة وليس رفاهية، ستسهم في خلق أجيال جديدة من المواطنين أكثر وعيا بأهمية إدارة الأموال بأكثر حصافة مما نحن عليه اليوم.
