الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الثلاثاء, 25 نوفمبر 2025 | 4 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين9.14
(-2.25%) -0.21
مجموعة تداول السعودية القابضة173.4
(-5.25%) -9.60
الشركة التعاونية للتأمين121.3
(-0.90%) -1.10
شركة الخدمات التجارية العربية117.7
(-1.42%) -1.70
شركة دراية المالية5.47
(-1.44%) -0.08
شركة اليمامة للحديد والصلب34.94
(-0.74%) -0.26
البنك العربي الوطني21.94
(-2.49%) -0.56
شركة موبي الصناعية11.5
(-0.86%) -0.10
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة30.94
(-3.25%) -1.04
شركة إتحاد مصانع الأسلاك22.4
(-0.88%) -0.20
بنك البلاد26.26
(-1.13%) -0.30
شركة أملاك العالمية للتمويل11.82
(-1.25%) -0.15
شركة المنجم للأغذية54
(-0.92%) -0.50
صندوق البلاد للأسهم الصينية11.97
(0.84%) 0.10
الشركة السعودية للصناعات الأساسية55.5
(-0.45%) -0.25
شركة سابك للمغذيات الزراعية117
(0.00%) 0.00
شركة الحمادي القابضة29.3
(-2.07%) -0.62
شركة الوطنية للتأمين13.68
(-0.94%) -0.13
أرامكو السعودية24.57
(-2.65%) -0.67
شركة الأميانت العربية السعودية18.09
(-1.79%) -0.33
البنك الأهلي السعودي36.74
(-1.24%) -0.46
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات30.44
(-2.50%) -0.78

في أسبوع حافل بالرمزية السياسية والاقتصادية، اختتم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان زيارته الرسمية إلى الولايات المتحدة. لم تكن هذه الزيارة مجرد لقاء دبلوماسي روتيني، بل كانت لحظة تحول إستراتيجي تعكس طموحات المملكة العربية السعودية في تنويع اقتصادها بعيداً عن مداخيل النفط كمصدر رئيسي وتعزيز موقعها كقوة إقليمية وعالمية في عصر الطاقة النظيفة والتكنولوجيا المتقدمة.

وإذا كانت العلاقات السعودية - الأمريكية تاريخياً مبنية على أساس النفط والأمن فإن نتائج هذه الزيارة تؤشر إلى مرحلة جديدة وعصر جديد يركز على الطاقة المستدامة، خاصة النووية المدنية، والتعاون في سلاسل الإمداد الحرجة.

من أبرز ما ميز الزيارة هو التركيز الواضح على قطاع الطاقة، حيث أعلن الجانبان عن حزمة اتفاقيات ومذكرات تفاهم تجاوزت قيمتها الإجمالية 270 مليار دولار في منتدى الاستثمار الأمريكي - السعودي الذي عقد في واشنطن  نوفمبر. وفي سياق أوسع، رفع الأمير محمد بن سلمان التزام المملكة باستثمارات في الولايات المتحدة إلى تريليون دولار مقارنة بـ600 مليار دولار التي أعلنت سابقاً خلال زيارة ترمب إلى الرياض في مايو 2025. هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات؛ إنها تعبر عن رؤية مشتركة لشراكة اقتصادية عميقة، حيث تسعى السعودية إلى نقل التكنولوجيا الأمريكية المتقدمة، بينما توفر للولايات المتحدة فرص عمل ونمو صناعي من خلال هذه الاستثمارات الضخمة.

في قلب هذه النتائج يبرز الإعلان المشترك عن اكتمال المفاوضات بشأن التعاون في مجال الطاقة النووية المدنية، وهو إنجاز طال انتظاره يُعد الأبرز في مجال الطاقة خلال الزيارة. فقد وقع الجانبان إعلاناً مشتركاً يبني الأساس القانوني لشراكة نووية طويلة الأمد تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات على مدى عقود، مع التأكيد على نقل التكنولوجيا الأمريكية لإنشاء محطات نووية مدنية في السعودية.

هذا الإعلان يُعتبر خطوة أولى نحو اتفاقية 123 الرسمية بموجب القانون الأمريكي للتعاون النووي السلمي، التي ستخضع لمراجعة الكونجرس، ويفتح الباب أمام شركات أمريكية لبناء مفاعلات نووية في السعودية، ما يدعم رؤية 2030 في تنويع مصادر الطاقة وتوليد كهرباء نظيفة تغطي احتياجات التنمية السريعة.

بالتوازي مع اتفاق الطاقة النووية، شهدت الزيارة تقدماً ملحوظاً في مجال الطاقة التقليدية والمعادن الحرجة، حيث وقعت أرامكو السعودية 17 مذكرة تفاهم واتفاقية مع شركات أمريكية كبرى، تركز على توريد النفط والغاز، وتم توقيع اتفاقيات على تطوير سلاسل إمداد المعادن النادرة مثل الليثيوم والكوبالت والمغانط الدائمة، التي تعد أساسية للبطاريات والتكنولوجيا الخضراء. كما أُبرم إطار إستراتيجي لتأمين إمدادات اليورانيوم والمعادن الحرجة، ما يعزز الاعتماد المتبادل ويقلل من مخاطر الاضطرابات العالمية في سلاسل التوريد.

هذه الاتفاقيات ليست مجرد صفقات تجارية؛ إنها تعكس تحولاً في مفهوم الطاقة من النفط الخام إلى طاقة مستدامة تشمل الطاقة النووية والمتجددة مع الحفاظ على دور السعودية كمورد موثوق للطاقة التقليدية.

ما يجعل هذه النتائج أكثر أهمية هو سياقها الجيوسياسي. تأتي الزيارة في وقت تسعى فيه السعودية إلى تعزيز استقلاليتها الإستراتيجية، مع الحفاظ على الشراكة الأمريكية كعمود فقري. الاتفاقيات في الطاقة النووية، على وجه الخصوص، تمثل انتصاراً دبلوماسياً للأمير محمد بن سلمان، الذي جعل البرنامج النووي المدني أحد أعمدة رؤية 2030 لمواجهة تحديات المناخ وانخفاض الاعتماد على النفط ومع التزام أمريكي بنقل التكنولوجيا دون المساس بمعايير الأمان، تبرز هذه الشراكة كنموذج للتعاون الذي يجمع بين المصالح الاقتصادية والأمنية، بعيداً عن التوترات السابقة.

هذه الزيارة للأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن تُعد بلا شك نقطة تحول تاريخية، ليس فقط في حجم الاستثمارات والصفقات، بل في عمق الرؤية المشتركة لمستقبل الطاقة، فمن 270 مليار دولار في اتفاقيات فورية، إلى تريليون دولار استثمارات محتملة، ومن إعلان نووي يفتح عقوداً من التعاون.

تؤكد هذه النتائج أن الشراكة السعودية - الأمريكية دخلت عصرها الجديد: عصر الطاقة المتنوعة والمستدامة، حيث تتحول السعودية من منتج نفط إلى قوة نووية مدنية، مدعومة بأقوى حليف تاريخي. هذه ليس مجرد صفقات، بل هي استثمار في مستقبل أكثر أماناً وازدهاراً للجانبين وللمنطقة كاملة.

خبير إستراتيجي في شؤون الطاقة

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية