علي الشدي
قدم الباحثون في منتصف القرن العشرين مفهوما رائدا سمي بالذكاء الاصطناعي حول إمكانية جعل الآلات تفكر وعقد مؤتمر مهم حوله عام 1965م ويعد هذا المؤتمر نقطة الانطلاق والأساس لهذا المجال العلمي الجديد ليبدأ بعدها البحث والتطوير وإدخال تطبيقات هذا الاكتشاف في الحياة اليومية حتى أصبح الذكاء الاصطناعي الآن شاغل الناس وحديث المجالس كما ذكرت في مقدمة ترحيبية بسعادة الدكتور عبدالرحمن حبيب، الذي استضافته ديوانية الجمعية السعودية لكتّاب الرأي مساء يوم الاثنين الماضي.
والدكتور عبدالرحمن أحد الخبراء من منسوبي المركز الدولي للأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، الذي ولد من مبادرة سعودية وبرعاية اليونسكو للإسهام في تعزيز أبحاث أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في العالم وقد صدر قرار مجلس الوزراء في يوليو 2023 بالموافقة على إنشاء المركز ومقره الرياض ويهدف المركز أن يكون منارة دولية تسهم في تحقيق الخير للبشرية من خلال التطبيق العملي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي في مختلف أنحاء العالم.
ويلاحظ التركيز على الأخلاقيات فهو ما عرفت بلادنا بالحرص على نشره في العالم أجمع. وانسجامًا مع هذا التوجه وتحت رعاية الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا" تنظم الهيئة القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها الرابعة في سبتمبر 2026 في مدينة الرياض بمشاركة عدد من القيادات الحكومية وصناع القرار ورؤساء شركات التقنية والخبراء والمبتكرين في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي من مختلف دول العالم.
وقال الدكتور عبدالله بن شرف الغامدي رئيس هيئة "سدايا" أن الاهتمام من قبل القيادة له دور كبير في تصدّر السعودية للمؤشرات العالمية والتحول إلى اقتصاد المعرفة والإسهام في بناء اقتصاد وطني قائم على البيانات والذكاء الاصطناعي، وتركز الجهود السعودية في هذا المجال على النظام المتكامل ودعم الشركات الناشئة والحوكمة الاخلاقية العالمية لهذه التقنية.
وعودة إلى أبرز استخدامات الذكاء الاصطناعي نقول: أن التطبيقات عديدة وتتكامل في حياتنا اليومية والعملية ومن أبرزها برامج ذكية للرد على الاستفسارات وتنفيذ الأوامر الصوتية وفي المجال الصحي المساعدة على تشخيص الأمراض وتحليل الصور الطبية بدقة متناهية. وفي مجال النقل تطوير المركبات ذاتية القيادة بشكل آمن. وفي تحليل البيانات استخلاص المعلومات بسرعة ودقة لدعم اتخاذ القرار.
وأخيراً: بالرغم من فوائد الذكاء الاصطناعي الكبيرة، فإن هناك بعض المخاطر المحتملة ومنها: زيادة البطالة بسبب تولي عديد من الوظائف الروتينية، إضافة إلى اختراق الخصوصية والاعتماد المفرط، ما قد يقلل من التفكير النقدي والإبداع البشري ولهذه المحاذير، فإن نسبة الثقة حول العالم بالذكاء الاصطناعي منخفضة نسبياً 60% لا يثقون بحسب بعض الاستطلاعات وتختلف النسبة حسب المنطقة والمجال.
ومن أهم مسببات عدم الثقة: الأخطاء وتقديم معلومات كاذبة على أنها حقائق عن طريق الخطأ أو ممن يتعمد الضرر وانتحال الشخصيات بالصوت والصورة، وبسبب هذه المخاطر تكثر الأسئلة وطرق التعامل مع الذكاء الاصطناعي فالبعض يثق به ثقة تامة، والبعض الآخر يقول: إن ضرره أكبر من نفعه، وهناك نصائح متحفظة تقول: للسائل تعامل معه بحذر وأعتمد على الذكاء البشري في تحليل ما ينتج الذكاء الاصطناعي وهذا ما فعله زميل من كتّاب الرأي حين سأل الذكاء الاصطناعي أن يقرأ مقاله ويصحح الأخطاء اللغوية فقام التطبيق باقتراح أن يعيد صياغة المقال ووافق الزميل ليرى كيف سيكون المقال وإذا بالنسخة التي كتبها الذكاء الاصطناعي لا ترقى إلى مقاله الأصلي المكتوب بواسطة الذكاء البشري.
كاتب اقتصادي
