الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

السبت, 11 أكتوبر 2025 | 18 رَبِيع الثَّانِي 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين11.18
(0.54%) 0.06
مجموعة تداول السعودية القابضة208.5
(0.39%) 0.80
الشركة التعاونية للتأمين137.5
(1.33%) 1.80
شركة الخدمات التجارية العربية108.4
(-0.55%) -0.60
شركة دراية المالية5.7
(0.18%) 0.01
شركة اليمامة للحديد والصلب37.76
(-1.56%) -0.60
البنك العربي الوطني25.3
(-0.55%) -0.14
شركة موبي الصناعية13.87
(2.74%) 0.37
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة36.08
(0.00%) 0.00
شركة إتحاد مصانع الأسلاك25.56
(-1.08%) -0.28
بنك البلاد29.06
(0.48%) 0.14
شركة أملاك العالمية للتمويل12.77
(-0.55%) -0.07
شركة المنجم للأغذية61.2
(0.08%) 0.05
صندوق البلاد للأسهم الصينية12.73
(-0.78%) -0.10
الشركة السعودية للصناعات الأساسية60.9
(0.16%) 0.10
شركة سابك للمغذيات الزراعية120.9
(0.75%) 0.90
شركة الحمادي القابضة34.44
(-0.35%) -0.12
شركة الوطنية للتأمين16.1
(-0.49%) -0.08
أرامكو السعودية24.84
(-0.12%) -0.03
شركة الأميانت العربية السعودية21.84
(-0.59%) -0.13
البنك الأهلي السعودي38.52
(-1.08%) -0.42
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات34.32
(0.23%) 0.08


بدأت الحوكمة أولاً من تأثير البيئة الخارجية في الشركة من ثقافة وقوانين صادرة، كما ارتبطت الشركات بالأجهزة الحكومية في الدول مُنذ نشأتها بشكل منظم نتيجة القوانين واللوائح الصادرة من خلالها، وتسعى الشركة دائماً إلى الاندماج والتكيف في تلك البيئة بناءً على مقوماتها ومخاطرها الداخلية التي من خلالها تَرْسَى مدونات الحوكمة الداخلية لضمان استدامتها وازدهارها.

فالعلاقة بينهما علاقة طردية، فكلما أصبحت البيئة الخارجية للشركة متغيرة وتشهد صدمات وفشلا ظهر ذلك على بيئة الشركة الداخلية وحوكمتها لتحد من تلك التحديات والمخاطر الخارجية فحجم انكشاف الشركة الخارجي في محيطها أو على مستوى العالم يعزز من حوكمتها، فالحوكمة لها وجهان حوكمة داخلية وحوكمة خارجية فالحوكمة الخارجية تؤثر إلى حد بعيد في الحوكمة الداخلية والعكس ليس صحيحاً إلى حد كبير.

تطورت الحوكمة بشكل متباين بين دول العالم بتطور أنظمتها وقوانينها من حين لآخر، إلا أن الأهداف والغايات واحدة لكل دولة، كما أن الحوكمة عامل رئيسي لنجاح رؤية وإستراتيجية الدول، وغالبا ما يكون للحكومات تأثير قوي في حوكمة الشركات من خلال توائم أنشطة الشركة مع الأهداف الوطنية لكل دولة.

وقد ارتبط تطور الحوكمة بشكل كبير بالأزمات وحالات الفشل والفضائح في الشركات ودائما ما تحاكي الحوكمة الأفراد والعمليات في الشركة التي تعد جوهرها، كما تعزز الحوكمة مؤسسة العمل وتحقيق الأهداف، لذا تباينت أغلب دول العالم على الأطر والمحددات الأساسية لنموذج الحوكمة في بيئة الشركات في القطاع الخاص وهو ما ينطبق بدرجة كبير أيضاً على القطاعات الأخرى القطاع العام، وغير الربحي في ظل اتفاق الغايات واختلاف في بعض الأهداف لمبادئ الحوكمة ما بين تلك القطاعات.

فالحوكمة ظهرت في القطاع الحكومي كقواعد وأسس من خلال الأنظمة والتشريعات التي تنظم القطاع الخاص وغير الربحي ونشأت وتطورت ونجحت في القطاع الخاص لتعود تدريجيا من القطاع الخاص إلى القطاع العام، وترتبط الحوكمة في القطاع الحكومي بقضية الإصلاح الإداري وتسعى الحوكمة دائماً إلى العمل المؤسساتي بالانتقال من العمل الفردي إلى العمل الجماعي المنظم ولها بعد إستراتيجي، لذا حوكمة القطاع العام أكثر شمولية وهي الأساس في حوكمة جميع القطاعات، وتتكون مستويات الحوكمة من 3 مستويات:

أولا: حوكمة التشريعات والأنظمة، وهي الإطار الخارجي المرتبط بالشركة أو المنظمة.

ثانيا: حوكمة اللوائح، وهي التي تُعنى بتحويل التشريعات والأنظمة إلى لوائح عمل.

ثالثا: حوكمة العمليات والأفراد (وهي الجوهر)، وتعنى بتحويل اللوائح إلى عمليات وإجراءات ومصفوفة صلاحيات ذات كفاءة وفاعلية، مع متابعة مستمرة وتقييم.

يعد تطبيق الحوكمة وسيلة لتحقيق عديد من الأهداف بشكل مباشر وغير مباشر من حيث زيادة الشفافية والنزاهة، جودة التشريعات، سيادة القانون وتحقيق مزيد من العدالة والتنمية، وقد أشارت عديد من الدراسات إلى وجود علاقة قوية إيجابية بين تطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة والنمو الاقتصادي وذلك من خلال التنمية الشاملة المستدامة.

ويعد هذان العنصران مكملين لبعضهما بعضا، فالحوكمة الرشيدة تسعى إلى تعزيز النمو الاقتصادي، حيث إن النمو يتطلب ضمان جودة الأعمال والاستمرارية التي تعني الحوكمة الرشيدة، وتنطبق الحال كذلك على الشركات التي يسعى ملاكها إلي تعظيم المنافع والعوائد والاستدامة وتأتي الحوكمة وسيلة لذلك.

فتعتمد كثير من الدول على نجاح رؤيتها أو إستراتيجيتها على تطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة للوصول لتلك الأهداف، وأن غياب الحوكمة يجعل تلك الأهداف صعبة التحقيق من حيث مقاومة التغيير وفاعلية التنفيذ والمتابعة.

وتتلخص الحوكمة في عنصرين أساسيين: المساءلة والتوافق، فالمساءلة تعني منح السلطة والمسؤولية في اتخاذ القرارات والمحاسبة عليها، أما التوافق فهو نتيجة لفصل الملكية عن الإدارة من خلال نظرية الوكالة التي تسعى دوماً إلى التوافق ما بين الإدارة ومصالح الملاك على المدى الإستراتيجي الطويل. ويمكن للحوكمة أن تؤثر بشكل إيجابي في عوامل البيئة والمجتمع وتجنبها المخاطر، وتعزز من الاستدامة. ويستمر تطبيق أنظمة الحوكمة وتقييم فاعليتها باستمرار الوجود والتتغير بتغير البيئة الخارجية لها من أجل تحقيق قيمة طويلة الأجل.

وأخيراً، تُعد الحوكمة رحلة مستمرة لا نهاية لها لجميع القطاعات. فالقطاع العام يسعى دائماً إلى بيئة تشريعية متطورة تواكب التغيرات، وهي أداة فعالة لتطبيق الإستراتيجيات، وضمان تحقيق الأهداف للحكومات وحوكمة مؤسساتها، وهي طريق لتحقيق التنمية الشاملة، وكذلك القطاع الخاص وغير الربحي يواكب تلك التغيرات ويعمل على ضمان حوكمة منظمته بكل ما يستجد ويعزز من جودة تطبيق الحوكمة داخلياً وخارجياً على الأفراد والعمليات، وتعد الحوكمة ذات نمط شمولي في البناء وتحقيق الأهداف.

فالحوكمة تبدأ ولا تنتهي وتبدأ من أعلى إلى أسفل في الهيكل التنظيمي، وتعتمد درجة مرونة وسهولة هذه الرحلة على الركائز الأساسية في بدايتها. فكلما حُوكمت ووضعت الركائز بشكل واضح أصبحت الرحلة أسهل وأشمل وقابلة للتكيف مع المتغيرات والظروف الاقتصادية، الاجتماعية والبيئة لتحد من المخاطر وتقلل من الصدمات.

إن الحوكمة الفعالة ليست مجرد قواعد جامدة بل نظام حيوي مستمر كدورة حياة لا تتوقف، فهي تبدأ وتتطور بالمراجعة والتكيف وتنبض بالشفافية، المشاركة والمحاسبة، هذا التكامل يجعل الحوكمة أسلوباً إدارياً يسهم في كفاءة وفاعلية نجاح المنظمات.

باحث متخصص في الاستدامة والحوكمة، الأسواق المالية والاقتصاد

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية