الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الخميس, 25 ديسمبر 2025 | 5 رَجَب 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين8.01
(0.13%) 0.01
مجموعة تداول السعودية القابضة147.5
(-3.28%) -5.00
الشركة التعاونية للتأمين115.1
(-1.54%) -1.80
شركة الخدمات التجارية العربية117.9
(-2.72%) -3.30
شركة دراية المالية5.3
(-0.19%) -0.01
شركة اليمامة للحديد والصلب33.68
(3.00%) 0.98
البنك العربي الوطني21.5
(-0.37%) -0.08
شركة موبي الصناعية12
(0.00%) 0.00
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة31.46
(-2.78%) -0.90
شركة إتحاد مصانع الأسلاك19.98
(-0.94%) -0.19
بنك البلاد25.24
(-0.79%) -0.20
شركة أملاك العالمية للتمويل11.62
(2.38%) 0.27
شركة المنجم للأغذية51.9
(-2.08%) -1.10
صندوق البلاد للأسهم الصينية11.68
(-0.34%) -0.04
الشركة السعودية للصناعات الأساسية52.45
(-0.66%) -0.35
شركة سابك للمغذيات الزراعية111.1
(-0.98%) -1.10
شركة الحمادي القابضة28.38
(-2.21%) -0.64
شركة الوطنية للتأمين12.66
(-1.71%) -0.22
أرامكو السعودية23.75
(-0.04%) -0.01
شركة الأميانت العربية السعودية16.07
(-1.41%) -0.23
البنك الأهلي السعودي38.38
(0.89%) 0.34
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات27.54
(-0.94%) -0.26

لم يعد الجدل حول علاقة الولايات المتحدة بالأمم المتحدة نقاشًا أخلاقيًا أو مبدئيًا كما كان في السابق، بل تحوّل إلى نقاش في صميم الاقتصاد السياسي: من يدفع؟ ولماذا؟ وما الذي يحصل عليه في المقابل؟

هذا التحول في زاوية النظر يفسّر إلى حدٍ كبير الخطاب الأمريكي الأخير حول “إصلاح” الأمم المتحدة. فالإصلاح، كما يُطرح اليوم في واشنطن، لم يعد شعارًا عامًا، بل أصبح مفهومًا براغماتيًا شديد الارتباط بالحسابات والتكلفة. لم تعد المنظمة الدولية تُرى فقط كحارسة لمنظومة قيم، بل كمنصة يُفترض أن تبرّر إنفاقها ونتائجها. لم يعد السؤال المطروح: هل هذا القرار عادل؟ بل: هل يخدم مصلحة أمريكية واضحة يمكن الدفاع عنها أمام الناخب؟ ومن هنا برزت لغة “العائد على الاستثمار”، وربط التمويل بنتائج ملموسة تعيد تعريف ما يُسمّى بالمنفعة العالمية.

اقتصاديًا، لا يمكن تجاهل أن الولايات المتحدة هي المموّل الأكبر للنظام الأممي. وفي ظل ضغوط مالية داخلية واستقطاب سياسي متصاعد، يصبح من السهل تسويق فكرة أن الأمم المتحدة تحوّلت إلى عبء إداري متضخم. الإصلاح، بهذا المعنى، لا يُطرح كمجرد تحسين هيكلي، بل كعملية إعادة تسعير شاملة: ما الذي يستحق التمويل؟ وما الذي يمكن اعتباره ترفًا سياسيًا قابلًا للاستغناء؟

غير أن الإشكالية الحقيقية لا تكمن في مبدأ التغيير ذاته، بل في توقيته، وفي تفاصيله، وفي طريقة استخدامه كورقة ضغط.

على مستوى التفاصيل، لا يقتصر القلق على خفض الميزانيات، بل يتجاوز ذلك إلى صدام بين رؤيتين مختلفتين للأولويات. واشنطن اليوم تناور لإعادة الأمم المتحدة إلى مربعها الأول: حفظ السلم والأمن الدوليين. فمن المنظور الأمريكي، اتساع الدور الاجتماعي والتنموي للمنظمة لم يكن تطورًا صحيًا بقدر ما كان انحرافًا عن جوهر المهمة. هذا المنطق يرى أن الفشل في منع النزاعات هو ما أنتج أزمات اللاجئين والفقر، وأن معالجة هذه النتائج دون معالجة جذورها الأمنية ليس سوى إدارة دائمة للأزمات.

من هنا، فإن وضع برامج التنمية والمساعدات على طاولة المقايضة لا يبدو مجرد رغبة في التوفير، بل أداة ضغط لإجبار المنظمة وشركائها على إعادة ترتيب الأولويات، والعودة إلى ما تعتبره واشنطن “العمل الأساسي”. غير أن الخطورة تكمن في أن هذه المناورة، على الرغم من منطقها النظري، قد ترفع كلفة المخاطر إذا أدت إلى شلل مفاجئ في الاستجابة للأزمات القائمة فعليًا على الأرض.

أما من حيث التوقيت، فإن هذا الاندفاع نحو إعادة تسعير النظام الأممي يأتي في لحظة سيولة دولية عالية، تتزامن مع تصاعد الأزمات الجيوسياسية وتراجع التوافق بين القوى الكبرى. محاولة إعادة هندسة النظام الدولي في مثل هذا السياق قد لا تنتج مؤسسة أكثر كفاءة، بل فراغًا تنظيميًا خطيرًا. وحين تتراجع القيادة الأمريكية أو تنشغل بالمساومة على الأرقام، لا يختفي الطلب على التنظيم العالمي، بل ينتقل إلى جهات أخرى، بمعايير قد تكون أقل شفافية وأبعد عن التوافق الدولي.

في هذا السياق، تبرز أهمية الدول المتوسطة؛ تلك التي تدرك أن الاستقرار الدولي ليس قيمة أخلاقية مجردة، بل شرط أساسي لنمو الأسواق واستدامة التجارة وأمن الطاقة. هذه الدول لا تعارض الإصلاح، بل تدفع باتجاه إصلاح يقلل الهدر ويعزز الفاعلية الأمنية، دون أن يُفرغ المنظمة من قدرتها على احتواء الأزمات الإنسانية والتنموية التي، إن أُهملت، سرعان ما تتحول إلى تهديدات أمنية بحد ذاتها.

في النهاية، ما نشهده اليوم هو نقاش أعمق حول معنى “المنفعة العامة العالمية”. وربما السؤال الأكثر صدقًا ليس: هل تريد الولايات المتحدة إضعاف الأمم المتحدة أم إصلاحها؟ بل: أي نوع من العالم تريد أن تستثمر فيه؟ وأي نوع من المخاطر مستعدة لتركه خارج الدفاتر حين تتوقف عن الاستثمار في الاستقرار الجماعي؟

مستشار الشؤون الدولية والإستراتيجيات العالمية

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية