الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الخميس, 18 ديسمبر 2025 | 27 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين8.34
(0.72%) 0.06
مجموعة تداول السعودية القابضة154.2
(-0.26%) -0.40
الشركة التعاونية للتأمين117
(-1.18%) -1.40
شركة الخدمات التجارية العربية121.1
(-2.10%) -2.60
شركة دراية المالية5.3
(-1.12%) -0.06
شركة اليمامة للحديد والصلب31.7
(0.83%) 0.26
البنك العربي الوطني21.23
(-0.47%) -0.10
شركة موبي الصناعية11.2
(1.82%) 0.20
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة30.78
(-0.45%) -0.14
شركة إتحاد مصانع الأسلاك19.95
(-2.68%) -0.55
بنك البلاد24.95
(-0.12%) -0.03
شركة أملاك العالمية للتمويل11.31
(0.71%) 0.08
شركة المنجم للأغذية53.75
(2.19%) 1.15
صندوق البلاد للأسهم الصينية11.48
(0.00%) 0.00
الشركة السعودية للصناعات الأساسية52.4
(-0.38%) -0.20
شركة سابك للمغذيات الزراعية110.9
(-0.45%) -0.50
شركة الحمادي القابضة28.36
(1.58%) 0.44
شركة الوطنية للتأمين13.06
(-1.80%) -0.24
أرامكو السعودية23.6
(-0.63%) -0.15
شركة الأميانت العربية السعودية16.39
(-0.18%) -0.03
البنك الأهلي السعودي36.6
(-1.61%) -0.60
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات28.38
(-1.66%) -0.48

لطالما أدرك الاقتصاديون أهمية رأس المال البشري - المهارات والمعارف الكامنة في البشر. فمنذ ما يزيد على قرن، كتب ألفريد مارشال أن "الاستثمار البشري هو أثمن أشكال رأس المال". وقد أشار عدد من المفكرين من خارج دوائر الاقتصاد إلى الأمر ذاته. 

فقد تساءل الفيلسوف ميشيل فوكو، متأملا في الصعود الاقتصادي للغرب في القرنين السادس عشر والسابع عشر: "ألم ينتج ذلك تحديدا عن سرعة تراكم رأس المال البشري؟" وليس من المبالغة القول إن رأس المال البشري هو سبب تحسن مستويات المعيشة جيلا بعد جيل في المجتمعات الحديثة.

وقد أثارت التطورات الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي مخاوف بشأن استبعاد رأس المال البشري. فهل سيكون الذكاء الاصطناعي ورأس المال البشري مكملين لبعضهما بعضا، بحيث يزيد كل منهما إنتاجية الآخر؟ أم سيحل أحدهما محل الآخر؟ هناك 3 عناصر أساسية ملازمة لرأس المال البشري، وإن كانت تُغفل أحيانًا، يمكن أن تساعد على الإجابة عن هذه الأسئلة الصعبة: الفضول، والتفكير النقدي، والتنظيم الذاتي.

الفضول

لنتخيل لو أمكن جمع كافة البيانات التي سجلها البشر حتى 1939، ومن ثم ضخها في أحد نماذج اللغة الكبيرة. ويحظى  1939 بأهمية كبيرة، إذ سبق مجيء بول مكارتني وجون لينون إلى عالمنا بفترة وجيزة، بل سبق في الواقع مجيئهما إلى رحمي أميهما. ولنفترض أننا طلبنا بعدها من نموذج اللغة الكبير تأليف أغان لها نفس الصفات التي استخدمها النقاد في وصف موسيقى فرقة البيتلز. فهل سينتج نموذج اللغة الكبير أغنية "Yesterday"؟

لن يحدث ذلك لسببين. أولا، لن تكون هناك معلومات كافية للتنبؤ بالإنتاج الإبداعي الذي سيقدمه ابنا ليفربول اللذان لم يُولدا بعد. فقد استُلهمت أغاني لينون ومكارتني من تجاربهما الحياتية. وحتى قبل وجودهما، لم تكن هناك أي فكرة عن ماهية تلك التجارب. وعلاوة على ذلك، لن يكون بإمكاننا التنبؤ بثقة بوجود جون وبول أصلا – فلم نكن لنعرف أيا من ملايين الحيوانات المنوية لوالديهما قد ينجح في تخصيب بويضات أميهما.

ثانيا، بدون التطرق إلى تفاصيل الأغاني، ستكون أوامرنا مبهمة للغاية. فقد وُصفت أغنية "Yesterday" بأنها حزينة، وخالدة، ورائعة، وعاطفية، وحميمية. وقد تبدو هذه الكلمات صحيحة، ولكنها لا تساعد كثيرا على تضييق نطاق الاحتمالات. إذن، قبل فرقة البيتلز، لم يكن بإمكان الذكاء الاصطناعي التنبؤ بموسيقاها، وكان سيفوتنا ما يعتبره البعض من أفضل أغاني الروك آند رول. وينطبق الأمر ذاته على أعمال رسامك أو كاتبك أو نحاتك المفضل، إلخ – أو أي شخص وُلد بعد 1939.

والآن، لنفكر في عصرنا الحالي بدلا من 1939. فللأسباب ذاتها، لن يكون نموذج اللغة الكبير المحمل بجميع المعلومات المتاحة حتى الآن بديلاً عن موهبة مُبدعي المستقبل وابتكاراتهم وفضولهم. ورغم أن الذكاء الاصطناعي قد ينجح إلى حد ما في إعادة جمع البيانات القديمة (الكتب والسجلات والصور القديمة)، فإنه لا يستطيع محاكاة الإبداعات البشرية التي لم تر النور بعد.

وهذا المفهوم لا يقتصر على الفنون فحسب. فعلى سبيل المثال، لننظر إلى هذا السؤال في مجال السياسات: "ماذا بإمكاننا أن نفعل للحد من عنف السلاح في شيكاغو؟" سيجيب نموذج اللغة الكبير بموجز للدراسات السابقة، وربما يسلط الضوء على الدراسات الأنسب لتلك المدينة، ولكنه لن يختبر أفكارا جديدة لتقديم إجابة غير معروفة سلفا. فالذكاء الاصطناعي لن يلجأ من تلقاء نفسه إلى تصميم تدخلات على مستوى السياسات، أو الحصول على التمويل اللازم لتنفيذها، أو إعداد مندوبين لإجراء المسوح، أو زيارة الأسر، أو إقناع المشاركين بالإجابة، إلخ. فتلك مهام يقوم بها البشر بدافع من فضولهم الفكري. والفضول هو ما ينمي مخزون المعرفة الذي يعتمد عليه الذكاء الاصطناعي.

وسنصل لا محالة إلى مرحلة تكون فيها نماذج اللغة الكبيرة قد استوعبت جميع البيانات المتاحة - وهي حالة تُسمى "بيانات الذروة". وبعدها، وبدون معلومات جديدة (كدراسات حول إستراتيجيات جديدة لمنع عنف السلاح على سبيل المثال)، لن نرى تحسنا ملحوظا في مخرجات نماذج اللغة الكبيرة. وإذا قرر الجميع الاعتماد على مخرجات نماذج اللغة الكبيرة بدلا من إجراء بحوث جديدة وتمويلها، سرعان ما سنجد أنفسنا عالقين في دراسات قديمة - وهو وضع غير مرغوب فيه بلا شك.

ويتضح من مفهوم بيانات الذروة أن تحسن أداء الذكاء الاصطناعي أكثر فأكثر في الإجابة عن أسئلتنا مرهون باستمرارنا نحن البشر في توسيع آفاق المعرفة، وطرح أسئلة جديدة والبحث عن إجابات عنها. فعلينا ألا نتوقف عن الإبداع والفضول.

وتشبيه الأمر بالسوق المالية يؤكد هذه النقطة. لننظر في فرضية السوق الكفء الشهيرة التي طرحها يوجين فاما، حيث تتمثل الفكرة في أن الأسعار تشمل جميع المعلومات المتاحة، وبالتالي لا يمكنك التفوق على السوق (إلا إذا كنت تمتلك بعض المعلومات المحمية). وقد طور سانفورد جروسمان وجوزيف ستيجليتز هذا المفهوم لاحقا فيما أطلقا عليه مفارقة المعلومات: إذا كانت الأسعار تعكس بالفعل جميع المعلومات المتاحة، فإن المستثمرين لن يكون لديهم الحافز على جمع المعلومات وتحليلها.

ولكن إذا امتنع الجميع عن جمع المعلومات، فكيف يُمكن أن تنعكس على الأسعار؟ إذن فالمشاركون في السوق ينتجون المعلومات ويعالجونها نظرا لوجود فوائد من القيام بذلك، وتعكس الأسعار هذه المعلومات – حتى وإن لم يكن بشكل كامل أو فوري.

أستاذ مشارك في قسم الاقتصاد ـ جامعة شيكاغو وخبير اقتصادي في صندوق النقد

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية