تُظهر عقود خيارات بيتكوين أن التجار يراهنون على بقاء أكبر العملات المشفرة عالقة داخل نطاق تداولها الحالي، وذلك في أعقاب تراجع الربع الأخير الذي محا أكثر من تريليون دولار من قيمة سوق الأصول الرقمية.
هبطت العملة المشفرة الأكبر من حيث القيمة السوقية بما يصل إلى 4.4% لتصل إلى 88135 دولاراً أمس، متراجعة إلى ما دون المتوسط لنطاق التداول بين نحو 100 ألف و80 ألف دولار الذي حافظت عليه خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. تمثل بيتكوين ما يقرب من 60% من إجمالي القيمة السوقية لسوق العملات المشفرة.
عقود خيارات بيتكوين
تشير بيانات منصة "ديريبِت" (Deribit) التابعة لشركة "كوين بيس" (Coinbase) إلى أن عقود الخيارات المفتوحة التي تنتهي في أواخر ديسمبر قفزت كثيراً مقارنة بالعقود الأطول أجلاً، ويرجع ذلك جزئياً إلى إقدام التجار على بيع العقود لجني علاوات، بناء على توقعات بانخفاض التقلبات في الأجل القريب.
قال جاسبر دي مار، خبير استراتيجي في "وينترميت"، في مذكرة أمس: "تعكس عقود خيارات بيتكوين تفضيلاً واضحاً لتداول النطاق على المدى القريب، إذ يكون الرهان على تراجع التقلبات وتخفيف المراهنة على تحركات السعر في كلا الاتجاهين. في الوقت نفسه، ما تزال العقود الأطول أجلاً تلقى اهتماماً إضافياً، ما يشير إلى توقعات بالاستقرار حالياً مع إمكانية حدوث تحركات أكبر لاحقاً".
سجلت بيتكوين في وقت سابق من العام الجاري مستوى قياسياً تجاوز 126 ألف دولار. لكن موجة الهبوط التي استمرت شهرين –ونتجت عن عمليات تصفية قسرية بمليارات الدولارات وانهيار الزخم لدى المستثمرين الأفراد– أججت تراجعاً واسعاً في القطاع.
سجل صندوق "آي شيرز بتكوين تراست" (iShares Bitcoin) التابع لشركة "بلاك روك" أطول سلسلة من السحوبات الأسبوعية منذ طرحه في يناير 2024، في إشارة إضافية إلى أن شهية المؤسسات ما تزال ضعيفة رغم استقرار الأسعار داخل نطاق محدد. سحب المستثمرون أكثر من 2.7 مليار دولار من الصندوق خلال الأسابيع الخمسة حتى 28 نوفمبر الماضي، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ". مع عمليات استرداد إضافية بلغت 113 مليون دولار أمس الأول، يتجه الصندوق لتسجيل الأسبوع السادس على التوالي من تدفقات الأموال الخارجة.
هبوط بيتكوين
جعل الهبوط الأخير في أداء بتكوين أقل من عوائد مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" على أساس سنوي للمرة الأولى منذ أكثر من عقد. نادراً ما انحرفت هذه العملة الرقمية بهذا الوضوح عن باقي الأصول عالية المخاطر حتى أثناء فترات شتاء العملات المشفرة السابقة. يخالف هذا الانفصال التوقعات بأن تزدهر العملات المشفرة مع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض وسط عملية تنظيمية مواتية وموجة انخراط مؤسسي في المجال.
أفرزت دورات الصعود والهبوط في الأصول الرقمية على مر السنوات مجموعة كاملة من المصطلحات الخاصة لوصف هذه التقلبات، مثل "شتاء العملات المشفرة" للدلالة على فترات التراجع العميق. ووقعت آخر موجة شتاء كبيرة بين أواخر 2021 وحتى فترة طويلة من 2023، عندما هبط سعر بيتكوين بأكثر من 70% من ذروته إلى أدنى مستوى له.
لطالما تحركت بتكوين والأسهم في اتجاه واحد تاريخياً– وهي علاقة برزت بقوة خلال وباء كوورنا عندما أسهمت أسعار الفائدة المتدنية في إشعال موجات صعود في الأسهم والعملات المشفرة واستثمارات مضاربية أخرى.
تشهد عقود العقود الدائمة لبتكوين، والتي تمثل أكبر حجم في تداولات العملات المشفرة، ميلاً هابطاً مع تحول معدل التمويل إلى النطاق السلبي، ما يعني أن المستثمرين الذين يراهنون على الهبوط يدفعون للمراهنين على الصعود للاحتفاظ بمراكزهم البيعية، وفقاً لبيانات "كوين غلاس" (Coinglass).
عملات مشفرة بديلة
تتعرض العملات البديلة لضغوط مماثلة. ما يزال تجار عقود خيارات "إيثر" يتخذون موقفاً دفاعياً، مع اهتمام مستمر بالحماية من الهبوط ومشاركة انتقائية فقط في الرهانات على الصعود.
يشير تراجع أحجام تداول العملات البديلة عبر منصات التمويل اللامركزي مثل "هايبر ليكويد" (Hyperliquid) إلى تعافٍ بطيء لتلك الأصول منذ موجة التصفية التاريخية يوم 10 أكتوبر الماضي، التي محت نحو 19 مليار دولار من الأصول الرقمية. كما لم يشهد عقود الخيارات المفتوحة للعقود المستقبلية للرموز المشفرة الأصغر مثل "سولانا" و"إكس آر بي" تعافياً يُذكر منذ الانهيار في أوائل أكتوبر الماضي، بحسب بيانات "كوين غلاس".



