تطرح في الوقت الحالي عشرات من الأسئلة حول أوضاع سوق الذهب العالمية ومستقبلها، ويبقى السؤال الأبرز متعلقا بقدرة المعدن الأصفر على مواصلة الارتفاع حتى نهاية العام الجاري، وما الذي ينتظر الأسعار في العام المقبل.

تشير بيانات البورصات العالمية إلى أن أسعار الذهب ارتفعت منذ بداية العام وحتى الآن بما يقارب 54% مسجلة إحدى أعلى موجات الصعود في أكثر من 4 عقود..

هذه القفزة عززت جاذبية المعدن النفيس لدى شريحة واسعة من المستثمرين، فيما تميل أغلب التقديرات إلى استمرار المسار التصاعدي في المدى القريب.

'الاقتصادية' طرحت هذه الأسئلة على مجموعة من الخبراء لاستطلاع آفاق جاذبية المعدن الأصفر الاستثمارية في المرحلة المقبلة.

تخطى الذهب اليوم الأربعاء حاجز 4000 دولار للأونصة، مسجلا أعلى مستوى له على الإطلاق، بدعم من سعي المستثمرين إلى الملاذ الآمن في ظل الضبابية الاقتصادية والجيوسياسية المتصاعدة وتوقع تخفيضات إضافية في أسعار الفائدة الأمريكية. 

بحلول الساعة (08:00) بتوقيت جرينتش، كان المعدن الأصفر مرتفعا بنحو 1.5% إلى 4036 دولارا للأونصة في المعاملات الفورية.  ويرى هيد واتسون، خبير الاستثمار في المعادن، أن النظرة طويلة الأجل لأسعار الذهب ما زالت إيجابية. 

تشير تقديرات مجلس الذهب العالمي كذلك إلى إمكان تحقيق مكاسب إضافية من الآن حتى ديسمبر المقبل قد تصل إلى 5%، مع احتمالات صعود أكبر قد تراوح بين 10-15% إذا تدهورت الأوضاع الاقتصادية العالمية أو تصاعدت التوترات الجيوسياسية. 

عن أسعار المعدن النفيس في الأعوام المقبلة، يرجح واتسون أن الأسعار قد ترتفع لما يصل إلى 4200 دولار للأونصة العام المقبل، تبعا للتضخم وقوة الطلب الرسمي من البنوك المركزية.

وقال لـ "الاقتصادية": هناك بعض التقديرات تضع نطاقا أعلى بين 4000-5000 دولار خلال الـ 12-14 شهرا المقبلة". 

لا يخالفه الرأي برينجتون ويليام، الاستشاري السابق للجنة المالية في بنك إنجلترا، حول ترجيح استمرار صعود الأسعار في الفترة المقبلة.

يعزو ويليام هذا الاتجاه إلى تلاقي عاملين رئيسين، هما مشتريات البنوك المركزية وتدفقات المستثمرين، مقدرا إجمالي الطلب من الطرفين في الربع الأخير من العام الجاري بنحو 710 أطنان.

وقال لـ "الاقتصادية": "متوسط مشتريات البنوك المركزية بلغ نحو 481 طنا سنويا بين عامي 2010 و2021، بينما تجاوزت المشتريات في الأعوام الـ3 الأخيرة 1000 طن سنويا، وقد تصل في هذا العام إلى نحو 900 طن".

وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، تتجاوز حيازات البنوك المركزية 36 ألف طن من الذهب بزيادة ملحوظة مقارنة بعام 2023. يُضاف إلى ذلك الطلب القوي من صناديق الاستثمار المتداولة، التي تمتلك نحو 10% من إجمالي الحيازات العالمية، مع نمو لافت في الصين، بحسب ويليام.

الدكتورة أمليا ديفيس، أستاذة الاقتصاد الكلي، تشير إلى أن زخم الذهب لا يستند فقط إلى المشتريات الرسمية، بل يتعزز أيضا بعوامل نقدية ومالية أوسع، إذ تتوقع أن يواصل المعدن الأصفر الارتفاع، مدعوما باتجاه الإدارة الأمريكية إلى إضعاف الدولار نسبيا.

لـ "الاقتصادية" قالت ديفيس: "ضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على مجلس الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة تفتح الباب أمام دورة تيسير نقدي عالمية قد تمتد لـ3 أعوام على الأقل، وفي هذه الظروف تُبقى الذهب أداة تحوط مفضلة في مواجهة مزيج محتمل من الركود التضخمي أو تراجع قيم العملات".

يرى دان بوب، المحلل المالي في بورصة لندن، من جانبه أن هيكل الأسواق يوفّر دعما إضافيا لأسعار الذهب.

وقال لـ "الاقتصادية": "سوق الأسهم الأمريكية أكبر من سوق الذهب، بنحو 200 مرة. أي تحريك محدود للسيولة من الأسهم إلى الذهب لن يضر بسوق الأسهم، لكنه سيزيد من أسعار الذهب كثيرا دون اضطراب واسع في الأسواق الأخرى، ما يعزز فرضية استمرار الزخم الصعودي في الأجل القريب".